الإيجار القديم وعلبة السردين.. أحرام على بلابله الدوح

ذكرني وقوفي مع أحد التجار الذي أشتري منه بعض الضرورات الغذائية مثل كل بيوت مصر، وشعب مصر، وعندما سألته على علبة سردين ماكريل بها حوالي عدد 4 سردينات بالعدد، فأجاب: العلبة ب13.50 جنيها، فسمعت الثمن واندهشت، وقلت له ده إيجار الشقة في العمارة الفلانية بعشرة جنيها، فنظر إلى نظرة عجيبه، وصمت!، وفي الحقيقة، لقد كان صمته أقوى جواب.

حينها تذكرت الإيجار القديم، وتأملت الوضع الذي ما إن يتأمله العاقل يكاد يطيش عقله، أو بالفعل هو طاش عقله وانتهى الأمر.

وكيف لا؟، وإنك تجد بعضهم يقول: نريد أن نراعي البعد الاجتماعي للمستأجر، لأنه هناك منهم من ليس معه أكثر من عشرة جنيهات يدفعها كإيجار شهري، ثم تتأمل أكثر وتجد أن علبة السردين بثلاثة عشر جنيهات على المالك وعلى المستأجر، وإذا بحثنا وجدنا أن علبة السردين هذه كانت في حقبة توقيع العقود المقيمة بعشرة وثلاثة جنيهات، كانت علبة السردين ب5 قروش أو أقل.

ثم أن علبة السردين ذاتها، اشتريتها أنا شخصيا منذ سنة أو أكثر من سنة ب 6.50 جنيهات، أي أنها زادت بناء على الأزمات العالمية والموجة التضخمية أكثر من 100%، وما زالت الشقة بعشرة جنيهات، وأقل؟!.

أعلم أنك تضحك أثناء قراءة السيرة الهلالية للسردين، لكنها المأساة التي نعيشها، فلتضحك، أضحك الله سنك.

الإيجار القديم وعلبة السردين.. أحرام على بلابله الدوح

أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس

وهنا تذكرت قصيدة غربة وحنين لأمير الشعراء، وذلك عندما تأملت التوريث الذي يسمونه امتداداً في الإيجار القديم الاستثنائي، وتذكرت أكثر، البيت الذي قال فيه:

أحرام على بلابله الدوح

                حلال للطير من كل جنس.

وهنا كان أمير الشعراء يستنكر قسوة الاستعمار الذي يحرم الأوطان على أبنائها المالكين لها، ويبيحها للغرباء من كل جنس ليستمتعوا بخيراتها مجانا، بل بالعدوان والظلم والإجحاف، وهذا ما يحدث عندما يباح الدوح والشجر لكل أنواع الطيور الغريبة، ويحرم على بلابله التي تملكه وتعيش فيه.

وهنا السؤال، هل المالك ابن حرام؟، أم أن هناك حقد عليه؟، أم أن المستأجر كما يقول الملاك هو المدلل، أو ابن البطه البيضاء، كيف للمسؤولين هذا التمييز؟، بل كيف يكون هناك قانون إيجار استثنائي ساري إلى اليوم، وفي ذات الوقت هناك قانون مدني ساري حديثا منذ ١٩٩٦؟.

كان على حكومة الدكتور كمال الجنزوري يومها أن تقضي على القوانين الاستثنائية حين أقرت قانون 1996، لكن لمصالح طبقة ما، يعلمها الجميع، ولقد نقل  الدكتور حماد عبد الله في أحد لقاءاته عن الرئيس السابق حسني مبارك وعلاقته بقانون الإيجار القديم، وكان بالتحديد في برنامج مع الأستاذ إبراهيم عيسى على قناة القاهرة والناس “برنامج حديث القاهرة”،حيث ذكر الدكتور حماد أن سبب عدم تمرير القانون هو شقة روكسي المستأجرة من قبل الرئيس مبارك، وستجد دليل كلامي في الفيديو بالأسفل.

“قانون الإيجار القديم”، والذي يقضي ويدمر ثروة الأوقاف “أملاك الغلابة”، ويهدر ثروة عقارية ليست بالهينة.

أرجو من المسؤولين في بلادنا الاطلاع على الدراسة العلمية، والذي قاما بها رجلان من شعب مصر بعنوان “الحقائق الغائبة في السوق العقاري المصري وآليات التغيير“، لأن بها تشخيص المشكلة وفيها الحل.

أكذوبة الخلوات والحقيقة: إيجار من الباطن

يكرر الكثير من أصحاب المصالح في تعطيل قانون الإيجارات القديمة كلمة “دفعنا أو دفعوا خلو”، وهي كلمة ساقطة من أساسها، وبالقانون، وإلا فالمبرر الوحيد لهذه الحجة الواهية، هو الخلوات التي تم دفعها على سبيل الإيجار من الباطن، والدليل هو أنك عزيزي القارئ، عندما تصطحب نفسك وتذهب إلى أحد المحلات في شارع صفية زغلول في الإسكندرية، أو في الشوارع الحيوية في القاهرة أو الإسكندرية بشكل عام أو على الكورنيش، فإنك ستجد مهازل، وعبث!، ستجد شاغلين للمحلات وهم ليسوا مستأجرين، بل إنهم من الباطن، قاموا بدفع مبالغ خيالية للمستأجر الأصلي أو ورثته، مقابل الانتفاع بالمكان لأنهم بالبلدي “مش فاضيين”، ومقابل ذلك يكون هناك ضمانات من الباطن، وليذهب ملاك العقار (الورثة) إلى الجحيم بالعشرة جنيهات، أو بالخمسة جنيهات، واثبت يا مالك إننا مستأجرين من الباطن.

أين العدل؟ أحرام على بلابله الدوح، حلال للطير من كل جنس، إنها مأساة!، وأي مأساة يعيشها هؤلاء الملاك، وكل ما ورثوه عمارة إيجار قديم، مجموع دخلها سنويا ٣٠٠ جنيها، ومطلوب تقسيمها على الورثة الذين ربما عددهم فاق الخمسة أشخاص، في حين يستنفع الغرباء من الباطن بكل الخير الذي يعود عليهم جراء التأجير من الباطن، ومن عجائب الزمان، أننا نجد من يقول حوار مجتمعي، ويا للعجب!، حوار مجتمعي مفتوح منذ أكثر من ٢٦ عاما، ولم ينتهي إلى الآن.

النواب قضاة

الإيجار القديم.. أحرام على بلابله الدوح

رسالة إلى جميع أعضاء مجلس نوابنا الموقر، رجاء حار، لزم على كل من ينتفع منكم بطريق مباشر أو غير مباشر، أن يتنحى عن مناقشة مثل هذا القانون، حتى لا يحدث مثل ما حدث مع الرئيس مبارك رحمه الله، كونوا أصحاب مبدأ، واخلعوا ذواتكم، وتجردوا من الأهواء، فأنتم هنا قضاة، والمنوط بكم هو الحكم بالعدل، لا بالعاطفة أو المصالح، وعندكم الدستور، وعندكم الأعراف، وعندكم القياس، فلا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين.

نداء إلى معالي رئيس الوزراء

أرجو من معالي دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن يوجه بسرعة الانتهاء من المسودة المزمع إعلانها حول التعديلات الذي أعلن سيادته عنها منذ أشهر، فأناشدك الرأفة بملاك الإيجار القديم الذي بح صوتهم، وبالرغم من ذلك لم ييأسوا في استرداد ما ورثوه شرعا، والمحتل والمنتهك بقانون، برجاء الرأفة معالي دولة رئيس مجلس الوزراء.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

2 تعليقات
  1. محمد سعيد عتش يقول

    ,الايجار للقديم سرقه بقوه القانون منذ ان تجمدت القيمه الايجاريه حتى صارت لا تحاكى الواقع ولا تمت له بصله والى الان تتم سرقه ملاك العقارات القديمه بمصر

  2. Oum.wissal يقول

    وصلتني رساله هل هذا صحيح بالفوز