مأساة الإيجار القديم في عيد الفطر “10 جنيه إيجار مقابل 200 عيدية”.. يرضي مين؟ إنها الحسرة

ليست المأساة اليوم في غلاء أسعار المعيشة على السادة المواطنين فحسب؛ فالجميع بحمد الله وقوته يشترون كل بحسب طاقته وبحسب دخله الشهري أو اليومي، والدولة لديها الاحصائيات كلها، وتعلم كم ينفق المصريون على عين الجمل واللوز والكاچو والذي منه.

مأساة الإيجار القديم في عيد الفطر "5 ج إيجار مقابل 200 عيدية".. يرضي مين؟

هل يستحق هذا القانون كل هذه السنوات من الحوار المجتمعي؟

لكن هناك مأساة يعاني منها ملايين المصريين من ورثة وملاك العقارات الخاضعة للإيجار القديم، وهي مشكلة تقسيم الإيجار على أربعة من الورثة على سبيل المثال، فالإيجار الشهري لا يتجاوز مثلا الـ 20 جنيها لوحدة تجارية كانت أو سكنية، فماذا يفعل الورثة الأربعة عند تقسيم القيمة الإيجارية، أنا فقط أسأل وأتساءل يا عزيزي القارئ، وإن كنت من المستأجرين، فأرجو من حضرتك أن تقول لي كيف؟!.

فإذا تحدثنا جدلا وتذكرنا ماذا كانت تشتري الـ 20 جنيها في فترة الثمانينات، سنجد أنها كانت تشتري الكثير والكثير، لكن لعدم الإطالة في عدد الأشياء التي كانت تشتريها هذه القيمة الإيجارية سأختصر لك الحكاية وما فيها، فلنقل أن كيلو اللحم البقري يساوي 4 جنيهات، فهنا نجد أن الـ20 جنيها كانت تشتري خمسة من كيلو اللحم البقري.. إذاً فالعشرين جنيها تساوي اليوم على أقل تقدير 1600 جنيه مصري، وهذا هو العدل، وإلا فلنرجع إلى الخلف.

نعم نرجع إلى الخلف ولتأخذ كل ما دفعت من أموال كمقدم، ومن قيم إيجارية شهرية حتى اليوم، ولتعيد الوحدة كما هي إلى مالكها ويا دار ما دخلك شر؟!، فكرة مجنونة؛ أعلم ذلك، لكن العقل يقول أن نوازن بين الأمور، ونضع الشئ في نصابه الصحيح، ولننظر ما قيمة العملة في زمنها ونقيسه بيومنا هذا وندفعه إلى المؤجر، وإلا فإن الإيجار الإجباري باطل أصلا، وبالتالي فوجودك هو اغتصاب، وبالتالي اسأل الملاك، هل هم راضون عن وجودك في وحدتهم أم لا باعتبارك وريث المستأجر الأصلي أم لا؟، وباعتبارهم ورثة شرعيين للمؤجر، من أين تأخذ شرعيتك؟.

وهذا الذي فعلنا في الحسبة الماضية يسمى احصائياً بالرقم القياسي ومثاله «سعر كيلو اللحم»، وهو ما تم إدراجه في دراسة إحصائية بأرقام رسمية ويمكن الاطلاع عليها من خلال هذا المقال: حمل الآن.. دراسة علمية عن قانون الإيجار القديم بعنوان الحقائق الغائبة في السوق العقاري المصري.

كما يوجد رقم قياسي آخر، وهو سعر جرام الذهب من العيار الأكثر شيوعا في مصر، وهناك أيضا أرقام قياسية أخرى متعددة، فالرقم القياسي يتم تعريفه بأنه رقم نسبي يقيس التغير في ظاهرة واحدة أو أكثر، ويتم الحصول عليه بنسبة قيمة الظاهرة في فترة المقارنة إلى قيمتها في فترة الأساس.

إذاً؛ فالعشرين جنيها كانت تساوي قيمة لها فائدة، فكل وريث حينها، كان بإمكانه أن يصنع شيئا بالخمسة جنيهات، وكان العقار يدر دخلا ذا قيمة، فما قيمة العشرون جنيها في أيامنا هذه؟، لا شئ بالطبع.

إن تثبيت القيم الإيجارية التي يتقاضاها الملاك من المستأجرين طيلة هذه السنوات وهو في الأصل عقد منفعة، جعل العلاقة الإيجارية في قانون الإيجار القديم علاقة مختلة كما ذكر اللواء أبو بكر الجندي في أعقاب تعداد مصر عام 2017، هذا فضلا عن مخالفة العرف والدين وغير ذلك.

فالمستأجر بنظام الإيجار القديم يعلم جيدا كم يعطي عيدية لأبناء أخته مثلاً أو أبناء أخيه أو أحفاده؛ نعم يعلم القيمة الزمنية للعملة، فهناك ابن أخت كبير يأخذ على الأقل 200 جنيها، وهناك أيضا من يأخذ 100 جنيه، ولكن هذا هو القانون العرفي، والمتعارف عليه بين الناس في وقتنا هذا، ولكن إذا أعطيت ابن أختك 1 جنيه أو 50 قرشا أو 2 جنيها بدلا من 200 جنيه أو 50 جنيها على أقل تقدير للطفل الصغير وليس لشاب في مرحلة الجامعة، حينها سيقول لك “إيه لعب العيال ده يا خالو أو يا عمي”، هذا خلافا لإحراجك في الأساس، لأنك ستشعر بالإحراج، فما بالك وأنت تدفع 2 جنيه، و 10 أو 20 لمالك الوحدة التي تسكنها أو تغلقها مستغلا القانون الظالم بشهادة المشرع ذاته.

ونأسف للجوء لمثل هذا الأسلوب الطفولي في الكتابة، ويعود ذلك إلى الموضوع وطبيعته، فأنا والله أشعر بالخروج عن طور المنطق والعقل وأنا أتحدث حول تلك القضية.. سبحان الله.

مأساة يعيشها ورثة ملاك العقارات الخاضعة للإيجارات القديمة، وللأسف الشديد ما زال هناك من يريد المراوغة واللف والدوران للتحايل على العرف والحق والعدل والشريعة!، بل إن هناك من يستغل انشغال رئيس الدولة بالشؤون الخارجية، ويريد أن يعرقل إصدار قانون فيه إحياء لثروة مصر العقارية، وبالتالي إنقاذ الاقتصاد العقاري في مصرنا الحبيبة.

إن الإيجار القديم يا سادة، هو أضحوكة بين القوانين، وتشريع لابد من ذبحه قبل أن يهل علينا هلال ذي الحجة ويقوم أهل البر والتقوى من المستأجرين بذبح أضحياتهم التي تساوي آلاف الجنيهات.

وفي الختام، ندعوا الله تعالى أن يزيد قيمة العيدية كل عام ولا تثبت كما ثبت الإيجار القديم الذي أصبح ليس له قيمة ولا يدر نفعا بل أصبح يشكل ضرر وخطورة على الأملاك الخاصة ووزارة الأوقاف وهي أملاك عامة، ولذلك السبب فالحوار المجتمعي كلمة أصبحت لا تحمل معاني حميدة أبدا، بل أضحت كلمة ذات أوصاف رديئة، وكل عام وأنتم بخير.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد