الإيجار القديم ووسائل الإعلام.. نموذج حي بين يديك «صحفي الشرق الأوسط»

تطالعنا بين الفينة والأخرى بعض المواقع الإلكترونية بأخبار مضللة عن الكثير من الملفات المهمة مثل قانون الإيجار القديم، وتنقل تصريحات مختلقة عن كثير من النواب بالبرلمان، أو قد تكون تصريحات صحيحة وحقيقية عن القانون الذي يبخس الملاك حقهم وينصر فئة على فئة، لكن في ذات الوقت لا جديد يذكر، وكلها أو جلها أخبار مفبركة.

الإيجار القديم ووسائل الإعلام.. نموذج حي بين يديك «صحفي الشرق الأوسط»

والشئ العجيب في هذه المواقع أو تلك المحطات، هو أنها تتحدث حول الموضوع وتقوم بتغليفه بمصطلحات خطيرة غير دقيقة مثل "تشريد-هتترموا في الشارع- مش هتقدر تتكلم تاني- المالك هيطردك"

وأقرب هذه الأخبار إلينا ما نشره أحد المواقع المصرية المشهورة عن الإيجار القديم وأنه من المترقب أن يتم البت فيه بعد العيد من قبل مجلس النواب، لكن أيضا في ذات الوقت وبالأخذ والعطاء طيلة السنوات الماضية، فإن القضية لم يتم البت فيها نهائيا سوى بالكلام، والكلام بالبلدي مفيش عليه جمرك.

وأما عن المحطات الفضائية التي تريد أن تملأ أوقاتها بموضوعات قوية ومثيرة، فبالتأكيد لن تجد أسخن ولا أكثر إثارة من موضوع يكون فيه إيجار وحدة سكنية بمساحة 130 متر هو ثمن بيضة واحدة، وقد تكون البيضة أغلى من هذا الإيجار، وخاصة إذا كانت فيلا تملكها وزارة الأوقاف.

والشئ العجيب في هذه المواقع أو تلك المحطات، هو أنها تتحدث حول الموضوع وتقوم بتغليفه بمصطلحات خطيرة غير دقيقة مثل “تشريد-هتترموا في الشارع- مش هتقدر تتكلم تاني- المالك هيطردك” وما إلى ذلك، وتناست تلك الوسائل المسمومة أن الجو بالفعل مشحون بين كثير من الملاك وبين عدد كبير من المستأجرين، وتناست أن القيمة الإيجارية التافهة يتم الإلقاء بها في المحاكم ولا يتقاضاها المؤجر أيضا، وتناست أن أكثر الوحدات مغلقة.

ومع كل هذا التضليل، تجد الطرف القوي سواء كان مسؤول أو شخص عادي مبسوط ومنشكح، بل ويستفز المؤجر بتصرفات عدائية، ويسخر من مالك العمارة أو الوحدة بوضع الإيجار في المحكمة 3 سنوات مقدم (وهو ما قد يكون 360 جنيها) قائلا له ضمنيا “اخبطوا دماغكم في الحيط”.

وفي خضم كل تلك البرامج التي تنسج كل فترة، لا تجد برنامجا واحدا يتحدث عن العدالة أو عن المصالح العليا للمجتمع، أو عن مصلحة الدولة، أو عن السوق العقاري المصري، أو عن الوحدات المغلقة، وتجد رئيس الدولة في وادي ووسائل الاعلام الفاسدة في وادي آخر، هذا هو لسان الحال.

نعم رئيس الدولة في وادي، وهم في وادي آخر، فرئيس الدولة صرح في أكثر من مناسبة عن الموضوع، وأنه يجب أن يتم القضاء على هذه القوانين التي تسببت في انحسار الاستثمار وغلاء الأسعار وإهدار الثروة العقارية، لكن أصحاب المصالح في هذه الوسائل الإعلامية لا يريدون تغييرا للقانون، وخاصة بعض المواقع الإلكترونية التي تسعى لبث الإشاعات والأخبار الغير صحيحة عن الموضوع بصورة مستمرة.

وإنه من غير المنطقي أن يكون هناك دفاع ومطالبات باستمرار القيمة الإيجارية وعدم المساس بها، لكن بمجرد الحديث عن ذلك تجد الأصوات المستفيدة تعلوا علوا كبيرا، ولا تجد من يقول لها “اختشي” أو “البسي برقع الحياء”، لا بل تجد وسائل اعلام مستفيدة بالطبع تؤيد وتساند حتى لا يأخذ ملاك تلك العقارات أي فائدة من أملاكهم، وحتى يتم الاستمرار في نهب أموال الغلابة والتي تخص وزارة الأوقاف.

عنوان جديد «وعود بلا أفق»

ومن المقالات الأخيرة التي أعجبت بعنوانها، هو مقال في موقع صحيفة الشرق الأوسط للكاتب أحمد العدلي بتاريخ 13 أبريل 2024 تحت عنوان “مصر: «الإيجار القديم»… وعود بلا أفق لأزمة مزمنة”.

لكن العدلي جانبه الصواب، ولم ينجح في أن يكون موضوعيا، ربما لأنه قد يكون مستفيدا من قانون الإيجار القديم، في الحقيقة أنا لا أدري!، لكن صياغة وأسلوب المقال لا تدل إلا على ذلك.

والدليل هو أنه لم يأتي في مقالته بحكاية عن أي مالك من ملاك العقارات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، بالإضافة إلى أنه لم يأتي بتوثيق لتصريحات رئيس لجنة الإسكان لصحيفة الشرق الأوسط، وهو بطبيعة الحال أحد النماذج التي نتحدث عنها، وربما لو فتشنا وراء الصحيفة أو الموقع لوجدنا العجب العجاب، أو بمعنى أدق إذا فتشنا عن السيدة ليلى السيدة أو الفنانة نجوى فؤاد.

لقد اكتفى كاتب المقال بـ “ليلى السيدة”، أو ربما السيد.. لا أدري، لعله خطأ إملائي، المهم أنه اكتفى بسرد قصة المستأجرة في صورة درامية حزينة، والتي تشعر بالقلق حيال الحديث عن تعديلات مرتقبة على قانون الإيجار القديم، كما ذكر مستأجرة أخرى من أشهر ما عرفت مصر في تاريخ الرقص الشرقي “نجوى فؤاد”.

واكتفى العدلي بتصريحات للدكتور أحمد البحيري، وهو أحد الوجوه المعروفة إعلاميا والتي تتحدث بلسان حال ملاك العقارات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، لكنه أضاف للفنانة نجوى فؤاد وساكنة بني سويف الأستاذة ليلى، الأستاذ شريف الجعار، وهو أيضا من الواجهات الإعلامية المعروفة المتحدثة بلسان المستأجرين.

ولم يكلف الأستاذ أحمد ذاته بالدخول إلى الموقع الرسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء لكي يرى البيانات المدرجة طبقا لتعداد سكان مصر 2017 حتى يؤكد كلام بعض مالكي منازل الإيجارات القديمة على حد تعبيره فيما يخص عدد الوحدات الخاصعة للإيجار القديم في مصر، ولكنه اكتفى بتنكير الأسلوب، وهذا يعني الكثير في اللغة العربية، لكن ما علينا!، لعله لم يقصد الإساءة.

إلى هنا فقد اتضح المعنى الذي أريد إيصاله إليك عزيزي القارئ، وإني أرجو من الله أن يصدر الرئيس السيسي بنفسه قانونا جديدا لهذه المشكلة التي لا يستفيد منها إلا…… وبس كدا.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد