ما هي متلازمة توريت؟ وما هي أعراضها، وما هي طرق العلاج؟

متلازمة توريت (Tourette syndrome)  هي عبارة عن اضطراب يشمل حركات تكرارية لا إرادية أو إحداث أصوات غير مرغوب بها، فلا يستطيع الشخص المصاب بهذه المتلازمة أن يسيطر على هذه الحركات بسهولة، فعلى سبيل المثال، يقوم الشخص المصاب بالرمش بشكل متكرر، أو يقوم برفع الكتفين، أو إخراج أصوات غير اعتيادية أو كلمات مسيئة وألفاظ بذيئة.

متلازمة توريت

متلازمة توريت

‏ وفسرها بعض العلماء أنها عبارة عن خلل عصبي وراثي، وتظهر أعراضه بشكل رئيسي على شكل حركات عصبية لاإرادية، ويصحبها أحيانا متلازمات صوتية متكررة، وفي العادة ما يسبقها إحساس غير مرغوب فيه في العضلات المتأثرة بالمتلازمة.

وتظهر هذه التشنجات اللاإرادية بين سن سنتين و15 سنة في الغالب، وأما المتوسط لظهور هذا المرض فهو 6 سنوات، ويعد الذكور هم الأكثر عرضة للإصابة بالمتلازمة توريت.

الأعراض

تظهر أعراض متلازمة توريت في العادة في سن الطفولة المبكرة وتستمر طوال فترة الشباب، والأعراض الرئيسية هي العرات.

وتظهر العرَّات بشكل متكرر، وهي عبارة عن حركات (motor  tics)  أو أصوات مفاجئة (vocal tics) ومتقطِّعة ومختصرة، وهذه هي الصفة المميِّزة للمتلازمة توريت.

وتختلف حدة العرات ما بين البسيطة إلى الحادَّة، وقد تؤثر الأعراض الحادَّة على قدرة الشخص على التواصُل، والآداء اليوميِّ، وكذلك تؤثر على طبيعة الحياة.

وتنقسم العرَّات إلى:

العرَّات البسيطة (وهي التشنُّجات اللاإرادية البسيطة)، والتي تتضمَّن العرَّات المفاجئة، والمُتكرِّرة والمختصرة، وتتضمن عددا محدودا من العضلات.

العرَّات المُعقَّدة (وهي التشنُّجات اللاإرادية المُعقَّدة)، وتتضمن حركة الكثير من مجموعات العضلات.

وفي العادة ما تبدأ العرَّات الحركية قبل العرَّات الصوتية، كما قد تكون أطياف وأشكال العرَّات التي يتعرَّض لها المصابون متنوِّعة.

ملحوظة: قد تزداد الأعراض سوءًا في حالات الإجهاد أو القلق أو التوتر، وتختفي أحيانًا أو تصبح أقل وضوحًا عند الاسترخاء أو التركيز في نشاط معين.

متى يكون عليك زيارة الطبيب؟

يجب عليك أن تعرض طفلك على طبيب الأطفال في حالة ملاحظة أن طفلك يقوم بعمل أصوات أو حركات لاإرادية.

ويرجى العلم أنه ليست كل التشنجات اللاإرادية تشير إلى وجود إصابة بمتلازمة توريت، فأحيانا يُصاب الكثير من الأطفال بتشنجات لاإرادية، ولكنها تختفي بدون تدخل طبي بعد مُضي بضعة أسابيع أو أشهر قليلة، ولكن في حالة إن أظهر الطفل سلوكًا غير طبيعي، فمن المهم أن يتم عرضه على الطبيب، وتحديد السبب لهذه الأفعال واستبعاد وجود أي من المشاكل الصحية الخطيرة.

الأسباب

متلازمة توريت
متلازمة توريت

السبب الأساسي وراء الإصابة بهذه المتلازمة هو غير معروف، ولكن في العادة ما يحدث هذا الاضطراب العصبي بسبب العوامل (الجينية) التي تلعب دورا في ذلك، أو بسبب بعض العوامل البيئية، التي قد تغير في المواد الكيميائية الموجودة في الدماغ، مثل المواد التي تقوم بنقل نبضات العصب، وتسمى (الناقلات العصبية)، والتي تشمل مادتي الدوبامين والسيروتونين.

و من العوامل والأسباب الأخرى التي يُمكن أن ترفع من خطر ظهور هذه العرات، أو ظهور الأعراض الأخرى لمتلازمة توريت، هي الأسباب التالية:

  • في حالة إن كانت الأمّ تعاني أثناء فترة الحمل، من حالات القيء والغثيان المتكررة والشديدة في الثلث الأول من فترة الحمل، أو إذا عانت الأم من الضغط النفسي الشديد ومن التوتر والقلق، أو إذا تناولت الأم كمية كبيرة من القهوة، أو قامت بالتدخين أو تناولت المشروبات الكحولية أثناء فترة الحمل.
  • إذا حصل نقص في الأكسجين، أو في الدم أثناء الولادة.
  • لو كان وزن المولود منخفضا للغاية مع وجود علامات للإصابة الدماغية، أو وجود ورم في جزء من الدماغ.
  • لو كان عند الطفل اضطرابات عصبية نفسيّة (Neuropsychiatric) تتعلق بالمناعة الذاتية وترتبط بالالتهابات العِقدِيّة (Streptococcus) فهذه الاضطرابات يُمكن أن تؤثر بشكل كبير في ظهور هذه العرّات.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة توريت؟

التاريخ العائلي.

قد يرفع وجود مرض متلازمة توريت أو اضطرابات اللوازم في العائلة من الإصابة بمتلازمة توريت.

الجنس.

يعتبر الذكور هم الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة توريت عن الإناث.

ارتباطات المتلازمة بالأمراض الأخرى

في العادة ما يكون مصابي متلازمة توريت يعيشون حياة صحية ونشيطة، على الرغم من أن متلازمة توريت تحوي تحديات سلوكية ومجتمعية كبيرة، يمكن أن تُؤذِي الصورة الذاتية للشخص المصاب، ولكن ترتبط المتلازمة أحيانا بهذه الأمراض:

  • اضطراب فرط الحركة وتشتُّت الانتباه (ADHD).
  • اضطراب الوسواس القهري (OCD).
  • علاج اضطراب الاسترسال العقلي.
  • صعوبات في التعلُّم.
  • اضطرابات ومشاكل النوم.
  • الاكتئاب.
  • اضطرابات القلق.
  • ألمًا له علاقة بالعرات خاصَّةً وجود الصداع.
  • مشاكل في إدارة الغضب.

هل توجد اختبارات محددة لتشخيص المرض؟

لا توجد اختبارات محددة لتشخيص المرض، ولا يتم تحديد وتشخيص المرض بشكل صحيح دائمًا؛ لأن معظم الإصابات تكون معتدلة، كما تقل حدة التشنجات اللاإرادية عند معظم الأطفال بمجرد انتهاء فترة المراهقة، ونادرا ما تحدث هذه المتلازمة في سن البلوغ، كما تكون التشنجات تلك غير ملحوظة في الغالب.

وفي أغلب الحالات، لا يعد علاج هذه الحركات ضروريًا، ولكن يعد التعليم جزءًا رئيسيا من العلاج، وفي العادة ما يكون تفسير ما يحدث وطمأنه المصاب فقط يكفيان للعلاج.

و يمضي العديد من الأفراد المصابين بمتلازمة توريت عمرهم دون تشخيص ولا يسعون لطلب الرعاية الصحية.

ويوجد حوالي 1٪ من الأطفال والمراهقين في سن المدرسة مصابين بمتلازمة توريت،  وكانت تعتبر المتلازمة قديما متلازمة نادرة وغريبة، ويصحبها في العادة ألفاظ سيئة وبذيئة تخرج بشكل لا إرادي، إلا أن هذا العرض هو عرض نادر الحدوث مع المصابين.

وعلى الرغم من أنه لا يوجد اختبار واحد يمكن أن يؤكد التشخيص بمتلازمة توريت، إلا أن التشخيص يعتمد على تقييم الأعراض واستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للتشنجات والحركات غير الإرادية.

تسمية المرض

قام شخص يدعى جان مارتن شاركو (1825-1893) بتسمية هذه الحالة بدلا عن الطبيب الفرنسي والأخصائي في الأمراض العصبية « جورج ألبرت إدوارد بروتوس جيل دي لا توريت »(1857-1904)، والذي كان قد قام بنشر وصف ل9 حالات لمرضى توريت في عام 1885.

ويتم تشخيص متلازمة توريت عند وجود الكثير من العرات الحركية، مع وجود عرة صوتية واحدة على أقل تقدير، لفترة تزيد عن العام.

مضاعفات المرض

وقد تشمل مضاعفات المرض ما يلي:

  • الاكتئاب.
  • مشاكل النوم.
  • الانزعاج الاجتماعي.
  • إيذاء النفس.
  • اضطراب القلق.
  • اضطرابات الشخصية.
  • اضطراب التحدي الاعتراضي.
  • اضطرابات السلوك.

العلاج

يركز علاج توريت على مساعدة الأفراد المصابين على إدارة أكثر الأعراض المقلقة، وتكون معظم حالات المتلازمة خفيفة، ولا تتطلب التدخل بالعلاج الدوائي، حيث يكون العلاج النفسي، والتعريف بالمرض، والطمأنة فقط هي لب العلاج.

كما أنه لا يوجد دواء عام لعلاج جميع الأفراد المصابين بدون آثار جانبية كبيرة، فلذلك تحتل المعرفة بالمرض وفهمه المقدمة عند وضع أي خطط للعلاج.

و تشمل طرق العلاج لأعراض توريت العلاج الدوائي والسلوكي والنفسي، في حين أنه يتم الاحتفاظ بالتدخل الدوائي فقط للأعراض الأكثر حدة.

فقد تساعد العلاجات الأخرى بشكل كبير للغاية (مثل العلاج النفسي والدعم أو العلاج السلوكي المعرفي) على تخفيف أو تجنب الاكتئاب والعزلة والقلق الاجتماعي.

كما أن تثقيف المريض وأسرته والمجتمع المحيط به (مثل الأصدقاء والمدرسة والمسجد)؛ هي إحدى استراتيجيات العلاج المهمة والرئيسية، وقد يكون ذلك هو كل سبل العلاج المتبعة في الحالات الخفيفة.

العلاج الدوائي

  • بعض فئات الأدوية تم إثبات فعاليتها في علاج هذه التشنجات، مثل مضادات الذهان التقليدية وغير التقليدية، ولكنها تسبب آثار ضارة.
  • كما تُستخدم الأدوية الخافضة للضغط للعلاج، والتي أظهرت فاعلية متغيرة، ولكن بآثار جانبية أقل من مضادات الذهان.
  • وأما المنشطات فهي مفيدة في علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في حالة حدوثه مع اضطرابات توريت.
  • كما يمكن استخدام أدوية من أصناف متعددة عندما يفشل استخدام المنبهات، وذلك يحددها الطبيب المتخصص.
  • ولأن الأطفال الذين يعانون من هذه العرات غالبا ما يذهبون للأطباء عندما تكون العرات شديدة ومتغيرة، فقد تزداد أو تقل، فمن المستحسن أن لا يتم البدء بالدواء فورا، حيث قد تتحسن العرات عند القيام بشرح الحالة للمريض وطمأنته مع وجود دعم من الأسرة والبيئة المحيطة للطفل في كثير من الأحيان.
  • ولا يتمثل الهدف من استخدام العلاج الدوائي في القضاء على الأعراض، بل على المريض استخدامه بأقل جرعة ممكنة للسيطرة على الأعراض بدون آثار جانبية.

العلاج السلوكي المعرفي

هو علاج مفيد جداً في حالة وجود اضطراب الوسواس القهري.

فيوجد أدلة كثيرة على فائدة استخدام عكس العادة (HRT) في علاج التشنجات اللاإرادية، ولكن لابد من عمل المزيد من الدراسات والبحث من قبل المتخصصين المدربين للتأكيد على فاعليته.

تقنيات الاسترخاء

كما قد تكون تقنيات الاسترخاء، كالتمارين الرياضية أو اليوغا أو تمارين التأمل مفيدة للتخفيف من التوتر الذي يؤدي إلى تفاقم الحركات اللاإرادية، ولكن معظم هذه التقنيات لم يتم تقييمها بشكل منهجي وفقا لدراسات حقيقية، فهي مجرد علاجات تم تجربتها لعلاج المتلازمة توريت.

الدعم النفسي والعائلي

يُعتبر الدعم النفسي مهمًا جدا لمساعدة الأفراد المصابين بمتلازمة توريت، حيث يساعدهم على التعامل مع التحديات اليومية وعلى تحسين نوعية حياتهم.

التوعية والفهم

من المهم فهم أن متلازمة توريت ليست مجرد “العصبية الزائدة” أو “تشتت الانتباه”، وإنما هي اضطراب عصبي حقيقي يمكن له أن يؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد المصابين.

حيث تعزز التوعية والتفهم المجتمعي من التعاطف مع الأفراد المتأثرين بهذا الاضطراب وبالتالي تخفف من نقد المصاب أو التحامل عليه أو السخرية منه.

ويمكن للتعليم والتوعية أن يلعبان دورًا كبيرًا في تحسين حياة الأشخاص المتأثرين بهذا الاضطراب وتخفيف التحديات التي يواجهونها.

دراسات تم عملها على أشخاص مصابين بتوريت

تم عمل دراسة على 46 شخص مصابين بمتلازمة توريت في سن 19 عامًا، وتم اكتشاف أن حوالي 80٪  منهم أعراضهم ذات تأثير بسيط جداً على حياتهم بشكل عام، وحوالي 20٪ آخرين قد تعايشوا مع التأثير المتوسط على حياتهم.

ولكن يوجد أقلية نادرة من المصابين بالمتلازمة، منعتهم المتلازمة من الحصول على وظيفة أو الحصول على حياة اجتماعية كاملة.

وفي دراسة أخرى تم إجراؤها على 31 شخص بالغ ومصاب بتوريت، فقد أكمل جميع المرضى دراستهم الثانوية، وأنهى حوالي 52٪ منهم دراستهم الجامعية لمدة عامين على الأقل، وحوالي 71٪ منهم كانوا يعملون بدوام كامل أو يتابعون في  التعليم العالي.

وبغض النظر عن شدة الأعراض التي قد تستمر على مدى الحياة أو تكون مزمنة لبعض المصابين، إلا أن هذه المتلازمة لا تعتبر انتكاسية ولا مهدِدة للحياة.

كما لا يتأثر الذكاء في أولئك الذين يعانون من هذه المتلازمة على الرغم من وجود بعض الصعوبات في التعلم.

كما تبين من خلال الدراسات أنه قد تم الإبلاغ عن ارتفاع نسبة وجود الصداع النصفي واضطرابات النوم بشكل كبير في مرضى توريت مقارنة بالسكان الآخرين.

توريت والحياة الاجتماعية

متلازمة توريت
متلازمة توريت

قد يعاني الأطفال المصابون بالمتلازمة توريت اجتماعيًا في حالة إن كانت التشنجات اللاإرادية “غريبة”، وتتداخل مع الآداء الأكاديمي أو الاجتماعي.

وقد يكون مفيد للغاية أن يتعلم الأشخاص الذين يعانون من المتلازمة أن يقوموا بتمويه التشنجات اللاإرادية التي تكون غير ملائمة اجتماعيًا، فيقومون بتوجيهها وتوظيفها إلى جهد عقلي ووظيفي.

فيوجد العديد من الرياضيين، والموسيقيين وكذلك المتحدثين العامين، والمهنيين في كافة جوانب الحياة مصابين بمتلازمة توريت.

و يُعتقد أن العرض الأول لمتلازمة توريت كان قد وُجِد في كتاب ماليوس ميلفيكاروم (باللاتينية: Malleus Maleficarum) (“مطرقة الساحرات”) والذي تم تأليفه بواسطة يعقوب سبرنجر وهاينريش كرامر، وتم نشره في أواخر القرن ال 15، ففي الكتاب تم وصف الكاهن بأن تشنجاته اللاإرادية ترتبط بسيطرة الشياطين عليه”.

وقام الطبيب الفرنسي الذي يُدعى جان مارك غاسبار إيتارد بالإبلاغ عن أول حالة لمتلازمة توريت في عام 1825،  حيث وصف السيدة ماركيز دي دامبيري، وهي سيدة مهمة من النبلاء في هذا الحين.

و في عام 1885، نشر الطبيب الفرنسي والأخصائي في الأمراض العصبية « جيل دو لا توريت» في دراسة  له عن الاضطراب العصبي وصفا ل9 أشخاص يعانون من “اضطراب التشنج اللاإرادي”، وقد تم تسمية المتلازمة في وقت لاحق بعد وفاته، من قبل «شاركوت» نيابة عن جيل دي لا توريت.

وتبين وجود أفراد بارزين ومهمين كانوا قد عانوا من متلازمة توريت في كافة مناحي الحياة، بما في ذلك الموسيقيين، والشخصيات الإعلامية كذلك، والرياضيين والمؤلفين، والمعلمين، والأطباء، ويعد المثال الأكثر شهرة لشخص استطاع أن يستفيد من سمات الوسواس القهري هو «صمويل جونسون»، وهو رجل الأدب الإنجليزي في القرن الثامن عشر، والذي يُحتمل أنه كان يعاني من إصابته بمتلازمة توريت كما يتضح من كتابات جيمس بوسوين.

Mayoclinic

ويكيبديا

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد