تأثير توقعات التضخم على الأسواق العالمية وسياسات البنوك المركزية

ما زال الاقتصاد العالمي يواجه تحدي الحفاظ على معدلات التضخم المستدامة مع نمو اقتصادي منخفض، وفي هذا السياق تشير توقعات بأن تكون هناك تداعيات جديدة على التضخم نتيجة لاضطرابات في إمدادات الطاقة والغذاء.

تقرير حول دور توقعات اتجاه التضخم على الأسواق العالمية

مؤشرات إقتصادية المصدر قناة CNBC على يوتيوب عدل عليها المحرر أبو عاصم إبراهيم

في مقابلة مع وسائل الإعلام أكدت كلير لومبارديلي، رئيسة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية “OECD”، أن البنوك المركزية تحتاج إلى مواصلة تطبيق سياسات نقدية مشددة حتى تظهر علامات واضحة على أن ضغوط التضخم قد تراجعت بشكل مستدام.

وأوضحت لومبارديلي أن السياسة النقدية كانت صائبة عبر التصرف بسرعة وبحزم لمواجهة التضخم المتزايد، وأشارت إلى أن استمرار تصاعد التضخم يشكل قلقًا رئيسيًا، حيث سيتطلب التصاعد الأكبر للتضخم مزيدًا من تشديد السياسة النقدية، مما سيضغط على الاقتصاد وزيادة احتمالية إعادة تسعير الأصول المالية بسرعة كبيرة ومفاجئة بما يتعلق بتقييم المخاطر والعائدات في الأسواق المالية.

تقرير حول التضخم
سلع استهلاكية المصدر قناة
France 3 Grand Est
على يوتيوب عدل عليها المحرر أبو عاصم إبراهيم

وأشار لومبارديلي إلى أن أسواق الطاقة لا تزال محدودة وهناك احتمال لمزيد من الاضطرابات في إمدادات النفط والفحم والغاز، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقصها مما قد يؤدي إلى تفاقم الأمن الغذائي، وهو  ما يمكن أن يزيد من تداعيات التضخم، وبالنظر إلى أن أسعار الغذاء والطاقة تمتلك وزنًا كبيرًا في مؤشرات أسعار المستهلك في العديد من البلدان، هناك سبب للقلق من تداعيات جديدة تمثل ضغوطًا صاعدة للتضخم.

وأضافت لومبارديلي أن السياسة النقدية التقييدية يجب أن تستمر حتى تكون هناك علامات واضحة على أن الضغوط التضخمية الأساسية تتراجع بشكل دائم، وهذا من المرجح أن يحد من نطاق أي تخفيضات في أسعار الفائدة حتى عام 2024 في معظم الاقتصادات المتقدمة، وأشارت إلى أنه قد تظل هناك حاجة إلى بعض الزيادات الإضافية في أسعار الفائدة حيث تكون الضغوط التضخمية الأساسية مستمرة بشكل خاص، ولكن يبدو أن أسعار الفائدة الأساسية عند ذروتها أو قريبة منها في معظم الاقتصادات.

القلق الآخر يتعلق بعدم اليقين بشأن قوة وسرعة السياسة النقدية، وعلى الرغم من أن تأثيرها بدأ يظهر بشكل أوضح من حيث معايير منح القروض البنكية وتباطؤ النمو الائتماني وانخفاض حاد في القروض الجديدة لشراء المنازل وأسعار الأصول، إلا أن الاقتصاد العالمي لم يشعر بعد بتأثير الفائدة العالية بالكامل.

ومن المتوقع أن تؤثر أسعار الفائدة العالية في الاقتصادات تدريجيًا بمرور الوقت مع توقع تخفيض تدريجي لمعدلات التضخم خلال عامي 2023 و2024، ولكن من المتوقع أيضًا أن يبقى التضخم فوق أهداف البنوك المركزية في معظم الاقتصادات.

التحديات المالية

تواجه الحكومات تحدي خفض التضخم وضبط دعم السياسة المالية في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز النمو المستدام، حيث قالت لومبارديلي “يجب أن تتماشى السياسة المالية بشكل جيد مع السياسة النقدية وتجنب تشجيع الطلب في زمن التضخم المرتفع، ولكن أيضًا إعادة بناء الهوامش الوقائية المالية”.

وأضافت “يجب على الحكومات أن تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، ويتعين عليهم أن يواجهوا المقايضات والخيارات السياسية الصعبة، وأن يعدوا خططاً ذات مصداقية ومتعددة السنوات حول كيفية التعامل مع مواردهم المالية العامة من خلال هذه الضغوط”.

الصين عامل مهم

بعد فترة طويلة من الإغلاق في الصين، تستغرق إعادة افتتاح الاقتصاد الصيني وقتًا أطول من المتوقع، قالت لومبارديلي: “التباطؤ الذي يتوقع أن يكون أقوى مما كان متوقعًا في الصين أصبح عاملاً مهمًا وسيؤثر في نمو الشركاء التجاريين الرئيسيين، ولكن من المرجح أن ينتقل من خلال ظروف مالية أكثر صرامة بسبب إعادة تسعير المخاطر المالية”.

وأشارت إلى أن تأثير تباطؤ الصين على الدول الأخرى يعتمد على حصة صادراتها، واضافت في حديثها لوسائل الإعلام “أن مثل هذا التباطؤ من المرجح أن يغير أيضًا الظروف المالية العالمية، وليس هناك ضمان بأن البلدان التي تتاجر بشكل أقل مع الصين لن ترى أي تأثير”، مع العلم أن أكبر شركاء تجارة الصين هم كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة وأستراليا وروسيا وألمانيا وماليزيا والبرازيل.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد