لماذا رفض “ألبرت أينشتاين” رئاسة إسرائيل؟! وكيف كان موقفه من “القضية الفلسطينية” وإقامة دولة يهودية؟

في عالم الفيزياء يتلألأ اسم العالِم الألماني “ألبرت أينشتاين” المعروف بأصوله اليهودية، حيث حقق أينشتاين شهرة واسعة في مجال الفيزياء النظرية وتمكن من الحصول على جائزة نوبل للفيزياء في عام 1921، ولكن هل تخيّلت يومًا أن هذا العالِم العبقري كان له الفرصة لاستكشاف مجال السياسة والقيادة؟ تعتبر دعوة “أينشتاين” لتولي رئاسة إسرائيل في منتصف القرن العشرين واحدة من القصص المثيرة، فبالرغم من دعمه لدولة إسرائيل طوال حياته إلا إنه رفض هذا العرض ودعا للعيش بسلام مع الفلسطينيين دون إقامة دولة قومية يهودية..!

رغم دعمه لهم.. أينشتاين رفض فكرة إقامة الدولة الإسرائيلية

قاد العالم الفيزيائي الألماني “ألبرت أينشتاين” جولة في الولايات المتحدة في عام 1921 برفقة حاييم وايزمان -الذي كان يشغل منصب أول رئيس لإسرائيل- وذلك بهدف جمع التبرعات لإنشاء جامعة عبرية في القدس، وفي عام 1923 زار “أينشتاين” الأراضي الفلسطينية وألقى خطابًا في الحرم الجامعي لجامعة القدس أكد فيه على أهمية أن تصبح هذه الجامعة مركزًا ثقافيًا وحضاريًا لليهود في المنطقة، إضافة إلى ذلك أوصى أينشتاين في أبريل 1925 أن تعود حقوق بيع أي تصريحات تستخدم اسمه أو صورته لصالح الجامعة بعد وفاته.

افتتاح الجامعة العبرية بالقدس في عام 1925 – مصدر الصورة: موقع العربية

من ناحية أخرى عند النظر إلى مقولات العالِم اليهودي في كتاب “أينشتاين حول إسرائيل والصهيونية: آراؤه المثيرة حول الشرق الأوسط” نجد أنها تكشف الستار عن رؤيته الجريئة لتأسيس إسرائيل وموقفه المتميز من الحركة الصهيونية، فبالعودة إلى عام 1929 بتاريخ 25 من نوفمبر/تشرين الثاني، أرسل العبقري الألماني “آينشتاين” رسالةً هامةً إلى “حاييم وايزمان” أعرب فيها عن قناعته العميقة بإن عدم تحقيق حوار صادق وتعاون شريف مع العرب سيجعل معاناة اليهود التي استمرت خلال ألف سنة ماضية في تزايد وسيكون رد الفعل لذلك نتيجة مُستحقة بسبب عدم تعلم الدرس.

مقولة ألبرت أينشتاين التي تعبر عن أمله في تحقيق التعاون بين إسرائيل والعرب – مصدر الصورة: تصميم خاص لنجوم مصرية

أكد “أينشتاين” على ذلك في خطابه الذي ألقاه عام 1938؛ حيث أشار إلى أن الاتفاق مع العرب على فكرة العيش بسلام معًا دون إقامة دولة يهودية هو الحل الأفضل، وذلك حسب رؤيته التي أعلن عنها من قبل -أثناء وجوده بفندق كومودور في نيويورك- وهي أن وجود دولة يهودية حدودية تملك جيش لحمايتها أمر يتعارض مع طبيعة اليهود الأساسية، وفي عام 1946 خلال حديثه عن القضية الفلسطينية أمام “لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية” رفض فكرة تأسيس دولة قومية لهم في فلسطين واستنكر حاجتهم لدولة يهودية من الأساس، ودعا إلى إيجاد تعاون اقتصادي بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدلًا من ذلك منتقدًا ما يفعله الصهيونيين مع الفلسطينيين.

“لا أستطيع أن أفهم سبب الحاجة إلى [دولة يهودية]، ويرتبط ذلك بالعقبات الضيقة الأفق والاقتصادية، أعتقد أنه أمر سيء”.

“ما يسبب لي حزنًا عميقًا أن أرى الصهيونية تفعل بالعرب الفلسطينيين أكثر مما فعلته النازية باليهود”.

مقولة ألبرت أينشتاين التي تعبر عن رفضه إقامة دولة يهودية – مصدر الصورة: تصميم خاص لنجوم مصرية

رفض عرض رئاسة إسرائيل

في التاسع من نوفمبر لعام 1952 توفى رئيس إسرائيل “حاييم وايزمان”، وسعت الحكومة الإسرائيلية لمكافأة “أينشتاين” على دعمه السابق لإسرائيل، وكان “ديفيد بن غوريون” رئيس الوزراء يأمل في تعزيز صورة الدولة الإسرائيلية الناشئة وإضفاء طابع ثقافي عليها من خلال تعيين عالِم الفيزياء العالمي في رئاسة الدولة، وبالفعل أرسلت الحكومة الإسرائيلية رسالة لأينشتاين مع السفير الإسرائيلي بواشنطن “أبا إيبان” -حيث كان يعيش “أينشتاين” في برينستون، نيوجيرسي آنَذاك- يعرض عليه فيها تولي منصب رئيس إسرائيل.

حاييم وايزمان أول رئيس لإسرائيل – مصدر الصورة: موقع israeled

رفض “أينشتاين” اللقاء الرسمي مع ممثلي السفارة الإسرائيلية، ولكن السفير الإسرائيلي أصر على إرسال رسالة باسم رئيس الوزراء “بن غوريون” تضمنت توضيح إعجاب الشعب الإسرائيلي بأينشتاين ودعاه لتولي منصب الرئيس الثاني لإسرائيل والحصول على الجنسية الإسرائيلية، وأكد له في الرسالة أنه سيحظى بكامل حريته لمواصلة أبحاثه العلمية وعمله الأكاديمي بجانب منصبه الجديد، وكتب إيبان: “إن إسرائيل دولة صغيرة بأبعادها المادية، لكنها يمكن أن ترقى إلى مستوى العظمة”، وجاء رد أينشتاين مختصرًا ووديًا، حيث عبر عن تقديره للشرف الذي تمنحه له الحكومة الإسرائيلية من خلال العرض ثم رفضه.

رئيس الوزراء الإسرائيلي في الماضي دافيد بن غوريون وألبرت أينشتاين – مصدر الصورة: موقع ynetnews

كان “أينشتاين” يرى نفسه غير مؤهلًا لشغل هذا المنصب السياسي، وأعرب عن اعتقاده بأنه قد يكون أكثر فعالية وإسهامًا في القضايا العالمية من خلال عمله العلمي والفلسفي لعدم خبرته الكافية في المجال السياسي وعدم إتقانه اللغة العبرية جيدًا، هذا بالإضافة إلى تقدمه في العمر حيث كان يبلغ في ذلك الوقت الـ73 من عمره، كما عزا رفضه إلى عدم امتلاكه مهارات التواصل مع الناس وكتب:

“طيلة حياتي لم أتعامل إلا مع القضايا والأمور الموضوعية، لذا افتقر إلى الميل الطبيعي والخبرة الضرورية للتعامل بشكل صحيح مع الناس وللقيام بالمهام الرسمية.. أشعر بالحزن أكثر لهذه الظروف، لأن علاقتي بالشعب اليهودي أصبحت أقوى رابط إنساني لدي، وذلك منذ أصبحت واعيًا بحرج موقفنا تجاه بقية الأمم”.

بعد رفض أينشتاين للعرض، تم انتخاب “إسحاق بن تسفي” ليكون رئيسًا ثانيًا لإسرائيل في ديسمبر 1952 واستمر في رئاسة الدولة حتى وفاته في عام 1963، ويتولى الآن رئاسة إسرائيل “إسحاق هرتسوغ”.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

4 تعليقات
  1. دكتور/ محمود عتمــان - معهد بحوث الإرشاد الزراعى يقول

    تحياتى أستاذة / نورة حسن…..أحسنتى التناول

    1. نــورا حـسـن يقول

      شــكــرًا جزيلًا..)

  2. غير معروف يقول

    شكراً نورة حسن…إضفتى المزيد من المعرفة…تحياتى

    1. نــورا حـسـن يقول

      تـسـلـم جزاك الله خير..))