رحلة استكشاف مدارس علم النفس: من المدرسة الترابطية إلى الإنسانية

علم النفس هو ميدان مثير وفي ذات الوقت مُعقد، وهو علم يسعى إلى فهم أسرار العقل البشري وسلوك الإنسان، وتطوير علم النفس أتى من خلال العديد من المدارس والتوجهات المختلفة، وهذا المقال سوف نُبحِر في رحلة مثيرة لاستكشاف أبرز مدارس علم النفس، وسنبدأ بالمدرسة الترابطية التي ركزت على فهم العمليات العقلية المترابطة، وننتقل بعد ذلك إلى المدرسة السلوكية التي ألقت الضوء على السلوك الظاهري والتفاعل مع المثيرات، ثم سوف نستكشف مدرسة الجشطالت التي أكدت على الفهم الكلي للعقل والسلوك. وأخيرًا، سوف نطلع على مدرسة التحليل النفسي التي كشفت عن الأبعاد اللاشعورية للسلوك البشري، وسوف نختم بالمدرسة الإنسانية التي تُسلط الضوء على الجوانب الفريدة للإنسان وتحقيق الذات، لنكتشف كيف تُشكل هذه المدارس طرق فهمنا للعالم ولأنفسنا.

المصدر: wgtn.ac.nz/psyc

تاريخ علم النفس:

تاريخ علم النفس شهد تطورات كبيرة على مر العصور، حيث شهد تأثيرات ومساهمات من عدة فلاسفة وعلماء نفس بارزين:

1.   أفلاطون:

  • أفلاطون عاش في القرن الرابع قبل الميلاد وكان له تأثير كبير على علم النفس.
  • اعتقد أن الأفكار لها تأثير على سلوك الإنسان وأنها موجودة بشكل مستقل.
  • عرّف النفس إلى ثلاثة أنواع: النفس العاقلة (في الرأس) والنفس الغاضبة (في القلب) والنفس الشهوانية (في البطن).
  • شدد على أهمية العدل في تحقيق السعادة وأعتبر الفلاسفة هم الذين يستطيعون تحقيق العدل.

2.   أرسطو:

  • تباينت أفكاره عن أفلاطون، حيث أعتبر أن النفس والجسم جزء واحد لا يمكن فصلهما.
  • شبه العلاقة بين النفس والجسم بعلاقة الإبصار والعين.
  • اعتمد منهج الملاحظة الخارجية والاستقراء في دراسته.

3.   الفارابي:

  • كان من الفلاسفة العرب وأسهم في دراسة السلوك البشري وتفسير الدوافع والسلوك الاجتماعي.
  • أكد على وجود حاجات عند الفرد تحتاج إلى الآخرين لتلبيتها.
  • درس سبب تماسك الجماعة وصفات الزعيم.

4.   الغزالي:

  • كان مفكرًا فلسفيًا إسلاميًا اهتم بعلم النفس.
  • فصل السلوك الإنساني إلى ثلاث نواحي: إدراكية ووجدانية ونزوغية.
  • أشار إلى أن الدوافع تكون فطرية ومكتسبة وأن الانفعالات تؤثر في السلوك.

5.   فونت:

  • فونت العالم الألماني ساهم بفضل كبير في تقدم علم النفس.
  • أنشأ أول معمل لعلم النفس التجريبي في عام 1897 واستخدم الأجهزة الخاصة للقيام بتجارب على الحواس.
  • قام بدراسات حول العمليات النفسية واستخدم منهج التأمل الباطني.
  • ساهم في جعل علم النفس مستقلاً واعتمد التجريب والتقدير الكمي.

6.   سيجموند فرويد:

  • سيجموند فرويد أسهم في فهم الجوانب اللاشعورية للإنسان.
  • أظهر أهمية العوامل النفسية اللاشعورية وأشار إلى دورها في الاضطرابات النفسية.
  • قدم تفسيرًا للأحلام وأسهم في تطوير علم النفس والطب النفسي.
  • تلك هي بعض التطورات الهامة في تاريخ علم النفس والمساهمين الرئيسيين في هذا المجال.

إذن:

الأفكار الفلسفية في علم النفس

  • أفلاطون: يرى أن النفس لها ثلاثة أجزاء: عقلية وغاضبة وشهوانية، وأن النفس العاقلة هي التي تسيطر على السلوك الإنساني.
  • أرسطو: يرى أن النفس والجسد كلاهما متكاملان، وأن النفس هي مصدر الحركة والحياة.
  • الفارابي: يرى أن للإنسان قدرات متعددة، منها قدرات عملية وأخرى إدراكية.
  • الغزالي: يرى أن السلوك الإنساني له ثلاث نواح: إدراكية ووجدانية ونزوغية.

الأفكار العلمية في علم النفس:

  • فونت: مؤسس علم النفس التجريبي، حيث أنشأ أول معمل لعلم النفس في عام 1897.
  • فرويد: مؤسس التحليل النفسي، حيث أوضح أن حياة الفرد تتضمن جانباً لا شعورياً بالإضافة إلى الجانب الشعوري.

الخلاصة

بدأ علم النفس كفرع من الفلسفة، حيث حاول الفلاسفة تفسير السلوك الإنساني من خلال أفكارهم المثالية أو المادية. ومع تطور العلوم الطبيعية، أصبح علماء النفس أكثر اهتمامًا بالنهج التجريبي لدراسة السلوك الإنساني. وساهمت أعمال فونت وفرويد بشكل كبير في تطور علم النفس الحديث، حيث أسسا منهجا علميا مستقلا لدراسة السلوك الإنساني.

إذن:

  • بدأ علم النفس كفرع من الفلسفة.
  • ساهمت الأفكار الفلسفية في علم النفس في فهم السلوك الإنساني.
  • أسس فونت علم النفس التجريبي.
  • أسس فرويد التحليل النفسي.
  • يعتمد علم النفس الحديث على المنهج العلمي التجريبي.

مدارس علم النفس:

كل مدرسة ولها نظرتها الخاصة في تفسيرها للسلوك الإنساني كما يلي:

1.   المدرسة الترابطية:

  • نشأت في إنجلترا وأهم باحثيها هم هل وبراون.
  • تركز على تفسير السلوك كسلسلة مترابطة من العمليات العقلية.
  • تأسست مفاهيم الترابط وأسهمت في نظريات التعلم وعمليات التذكر والحفظ.

وترى أن السلوك الإنساني هو سلسلة متصلة من العمليات العقلية المترابطة التي يحدث بعضها أثر في بعض، ويرى أصحاب هذه المدرسة أن الحياة العقلية ليست عناصر مستقلة عن بعضها البعض وإنما تقوم التصرفات العقلية على أساس ما يحدث بينها من ترابط بين المكونات العقلية.

2.   المدرسة السلوكية:

  • تأسست بواسطة واطسون وأهتمت بالسلوك الظاهري والدراسة الموضوعية للتصرفات.
  • ترى أن السلوك يعتمد على تفاعل مع مثيرات فيزيائية، وتجاهل أثر الوراثة.
  • اعتمدت على تجارب تطبيقية على الحيوانات وأسس النظرية المعروفة بـ”علم النفس السلوكي”.

وترى أن السلوك الإنساني هو استجابة لمثيرات بيئية، وأن علم النفس هو علم دراسة السلوك، ويرى أصحاب هذه المدرسة أن الكائن الحي لا تحركه الدوافع التي توجهه إلى غرض معين، وأن السلوك الإنساني يتكون من سلسلة من الأفعال المنعكسة وما يحدث لها من ترابطات.

فالذكاء واستعدادات التعلم ما هي إلا مجموعة عادات مكتسبة معقدة كما تهتم بعملية التعلم.

3.   مدرسة الجشطالت:

  • نشأت في ألمانيا وتركز على الفهم الكلي للسلوك والتركيب الكلي للعقلية.
  • ترى أن الظواهر النفسية هي وحدات كلية منظمة وليست أجزاء مترابطة.
  • تهتم بتأثير البيئة والتربية على شخصية الإنسان.

وترى أن السلوك وحدة كلية وليست مجرد أجزاء مترابطة، وأن الظواهر النفسية ما هي إلا وحدات كلية منظمة، ويرى أصحاب هذه المدرسة أن تحليل الكل إلى أجزاء يفسده ويفقد مضمونه ومعناه.

4.   مدرسة التحليل النفسي:

  • تأسست بواسطة سيجموند فرويد وأهم اهتمامها هو الحياة اللاشعورية.
  • تكشف عن أثر الدوافع اللاشعورية على السلوك والشخصية.
  • تسلط الضوء على تأثير الطفولة المبكرة والعوامل الجنسية على تطور الشخصية.

وترى أن السلوك الإنساني يتحكم فيه اللاشعور، وأن الكثير من دوافع السلوك لا يمكن تفسيرها على أساس شعوري فقط، ويرى أصحاب هذه المدرسة أن معرفة الدوافع اللاشعورية لها أثر بالغ على السلوك الإنساني.

5.   المدرسة الإنسانية:

  • نشأت بفضل علماء مثل إبراهام ماسلر وكارل روجرز.
  • تركز على خصائص الإنسان التي تميزه عن الحيوان، مثل حرية الإرادة وتحقيق الذات.
  • تركز على النظر إلى الإنسان ككل وتعزز أهمية فهم الإنسان كوحدة كلية ومستقلة.

وتركز على الخصائص التي تميز الإنسان عن الحيوان، وأهم هذه الخصائص حرية الإرادة والدوافع وتحقيق الذات، ويرى أصحاب هذه المدرسة أن هدف تحقيق الذات هو الوصول إلى أعلى مستوى للصحة النفسية.

ویری کارل روجرز أحد علماء هذه المدرسة أن هدف تحقيق الذات هو الوصول إلى أعلى مستوى للصحة النفسية، وأهم ملامح الاتجاه الإنساني كما يحدده (دافيندوف):

  • تقديم الخدمات ومساعدة الناس على فهم أنفسهم والوصول بإمكاناتهم إلى حدها الأقصى.
  • الاهتمام بدراسة الإنسان ككل بدلاً من تقسيمه إلى قطاعات كالإدراك والتعلم والشخصية.
  • أن تكون مشكلات الإنسان هي بؤرة اهتمام البحوث النفسية.
  • يجب استخدام طرق دراسة الحالة والاستيطان والطرق الموضوعية الأخرى في دراسة الموضوعات.

ملخص لأهم الاختلافات بين مدارس علم النفس

المدرسة

التركيز

الارتباطية

السلوك العقلي

السلوكية

السلوك الظاهري

الجشطالت

السلوك الكلي

التحليل النفسي

اللاشعور

الإنسانية

الإنسان ككل

الخاتمة:

كل مدرسة من هذه المدارس النفسية أسهمت في تطوير وفهم مجالات معينة من النفس والسلوك، فعلى الرغم من الاختلافات فيما بينها، فإن جميع هذه المدارس تساهم في فهمنا للإنسان وعقله، ويظل علم النفس ميدانًا ديناميكيًا متطور نكتشف فيه كل ما هو جديد عن النفس البشرية، وبينما نحتفظ بالمعرفة والأسس التي ورثناها من هذه المدارس، يجب علينا أن نبحث دائمًا عن وجهات نظر جديدة وأساليب جديدة لفهم الإنسان وعقله.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد