حق الإنسان في الملكية الخاصة وقانون الإيجار القديم

تنص المادة 35 من الدستور المصري على أن “الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها، إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل يدفع مقدما وفقاً للقانون”.

وكذلك المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تنص على أن “كل فرد له الحق في الملكية الخاصة، بمفرده، أو بالاشتراك مع آخرين، لا يجوز حرمان أي فرد مما يملكه بصورة تعسفية”.

وعند الحديث عن الدستور المصري، فإن الملكية الخاصة غير مصونة في ظل قانون الإيجار القديم، والذي لا يعطي الحرية للمالك في التصرف في ملكه كيف يشاء، وأنى له ذلك؟، وقد أرغمه الإيجار القديم وأجبره وغل يده عن ملكه بقيمة إيجارية ثابتة منذ أكثر من 70 عاما، ولا يجوز له أن يطلب قيمة إيجارية عادلة ومنصفة، فأين صيانة حق الإنسان في ملكه بهذه الصورة؟.

وإنه بالرغم من ثبات عدم دستورية المادة الخاصة بإخلاء العين المستأجرة، وهي المادة 18 من القانون في حكم تاريخي عام 2018، وهو الحكم في قضية خاصة بالأشخاص الاعتبارية، لكن الأحكام بطبيعة الحال لا ينبغي إسقاطها بصورة خاصة، وإنما هي أحكام عامة لا تفرق بين المراكز القانونية، لئلا تكون مشوبة بعدم الدستورية، إلا أن البرلمان المصري، والحكومة لم يلتفتوا لذلك، ومرروا قانونا خاص بالأشخاص الاعتبارية وفقط.

انتهاك حق الإرث

إن قانون الإيجار القديم انتهك حقوق الإرث الشرعية في مصر، وذلك واضح وضوح الشمس في ضحاها، حيث أن الورثة الشرعيين لعقار مكون من خمسة شقق على سبيل المثال لا يحصلون على شئ من المال، والسبب ببساطة لأنه قانون أعطى من لا يملك ما لا يستحق، وأسمى ذلك بالامتداد القانوني، فهو لم يكتفي بإجبار الملاك على عدم إخلاء العين ولو انتهت المدة المحددة فقط!، وإنما حكم بالامتداد والتوريث لعقد الإيجار، لدرجة أنك تجد عزيزي القارئ علاقة إيجارية بين طرفين في القبور، أو علاقة إيجارية ليس هناك عقد بين طرفيها من الأساس، وبنفس القيمة الإيجارية التي تم التعاقد عليها منذ البداية الاولى، كيف ذلك؟، إنها البدعة المصرية التي تعجز الحكومة إلى اليوم عن حلها، وتعجز عن فض النزاع بين طرفيها وتسييد العدل وتطبيقه.

القيمة الإيجارية فضيحة!

وأما عندما نأتي للحديث عن القيمة الإيجارية، فنجد أننا في قضية قمة السخف، والسخرية، حيث أن قيمة الإيجار في سبعينيات القرن الماضي كانت لها قيمة ووزن، فعندما نجد أن القانون برعاية الحكومة قد نص على أن زيادة الأجرة لا تتم أبدا، بل تتدخل الحكومة بين الحين والآخر إما بخفض الأجرة أو بزيادتها حسب الأهواء، والمالك لا يجوز له أن يضع قيمة ما يملكه بالطبع.

فعقد إيجار شقة في سبعينيات القرن الماضي قيمته الإيجارية ١٠ جنيهات، في شقة ١٣٠ متر، وزادت القيمة وفقاً لمزاج المشرع المصري حينها إلى ١٥ جنيها اليوم، فأين العدل والعدالة، بل أين العقل وأصحاب العقل، إن هذا بالتأكيد درب من دروب الجنون.

إن قيمة 10 جنيهات في السعينيات، كانت قوتها الشرائية تأتي بما تشتريه اليوم 1500 جنيها على الأقل، وربما بعد انخفاض قيمة الجنيه كانت قوتها هي قوة الثلاثة آلاف جنيها، فأين العدل عند الحكومة المصرية، التي بهذا تعطي الحق لمن هو اسم أبيه في عقد الإيجار أن يسرق من اسم أبيه في عقد الإيجار أيضا، بل أين العلاقة الإيجارية من الأساس؟.

ونجد اليوم من يتحدث عن زيادة القيمة الإيجارية بنسب مئوية دون خجل أو حياء، وكل حديثه يتركز على المستأجر الذي أتى مثل البراشوت من الأساس، وكله بالقانون!، أين حمرة الخجل؟!، في قيمة إيجارية، هي بالأساس فضيحة للمشرع، الذي وضعها وتحكم فيها، بل وأصر إصرارا مشبوها في بقائها إلى اليوم بنفس قيمتها دون تغيير، لمصلحة من؟.

وهنا يصدق قول أمير الشعراء في قصيدة غربة وحنين:

أحرام على بلابله الدوح  حلال للطير من كل جنس.

فهل ستظل فئة ملاك العقارات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، فئة مضطهدة، ومنبوذة بالقانون؟، أم أن هناك أمل في عدل طال انتظاره، وغابت إشراقته على مساكين تلك الفئة؟.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. غير معروف يقول

    أكثر من مليون شقة مغلقة بالمدن الجديدة ضمن الاسكان الاجتماعى … معظم الحاصلين عليها إيجار قديم ومنتظرين سبع سنين علشان يأجروها ويفضلوا فى الايجار القديم … الحكومة لازم تعمل إعادة بحث لهؤلاء وتخيرهم بين سحب الشقق أو ترك الايجار القديم … ومعظم الممتد لهم عقود إيجار قديم لا يستحقون أى دعم … يا جماعة العقود القديمة مكتوبة بالمليم والقرش فى زمن الجنية لا يكفى شراء كوب عصير أو باكو لب أو حتى باكو بسكوت … مفيش مالك أو مستأجر أصلى معظمهم توفوا إلى رحمة الله … ورثة الملاك أضعاف أضعاف عدد الممتد لهم عقود إيجار قديم … قانون تسبب فى أهمال صيانة العقارات القديمة وتسبب فى حرمان الدولة من الضرائب العقارية على تلك العقارات … وتسبب فى إهدار مال وزارة الأوقاف والحكومة … والقانون الوحيد فى العالم كله اللى بيسمح بأن مواطن يدعم مواطن … ومخالف للدستور حيث لا يساوى بين المواطنين فى الحقوق والواجبات ولا يصون الملكية الخاصة … ومخالف لأحكام المحكمة الدستورية اللى بتطالب المشرع بإلغائه لأنه قانون أستثنائى … يبدو أن الحكومة خايفة من وهم ليس له وجود … قانون إشتراكى ليس هناك مبرر لأستمراره سوى أصحاب المصالح الخاصة من مؤجرى المناطق المتميزة فى جاردن سيتى والمعادى ومصر الجديدة والزمالك والمهندسين … مطلوب قرار واحد فقط من مجلس الوزراء يقضى على قانون الايجار القديم وينسفه من أساسه وهو قيام الممتد لهم عقود إيجار قديم تقديم إقرار ذمة مالية خلال مدة معينة وإلا يسقط عقد الايجار القديم وأراهن أن 90% منهم لن يتقدموا وحيتركوا الشقق فورا