“الهاسبارا” الإسرائيلية والحرب الخفية.. هل استطاعوا الفوز بها أم انقلب السحر على الساحر؟

الحرب الدائرة في غزة الآن ليست حربًا عسكرية فقط، وإنما هناك حرب خفيّة تعمل على تفرقة صفوف العرب ومحاولة اللعب على الوعي العالمي وتغييره لصالح إسرائيل للتغطية على جرائمها، وتعد الهاسبارا الإسرائيلية أحد أهم أسلحة هذه الحرب الخفية؛ وهي عبارة عن استخدام الإعلام والعلاقات العامة بهدف الترويج لإسرائيل، وتصويرها كدولة ديمقراطية، وصديقة للسلام، ومكافحة الإرهاب، كما تسعى الهاسبارا إلى تشويه صورة العرب، وتصويرهم كتهديد لإسرائيل، والعالم الغربي.

رسومات مكررة لإناث يستخدمون تويتر - مصدر الصورة: MintPress News

يجدر بالذكر أن هذه الحرب لم تبدأ منذ عملية طوفان الأقصى، وإنما بدأت منذ عقود وتحديدًا عام 1982 وازدادت حدتها وتخبطاتها بعد أحداث 27 أكتوبر 2023.

كيف تعمل الهاسبارا

يعتمد عمل الهاسبارا على مجموعة من الأساليب، وهي كالتالي:

  • السيطرة على وسائل الإعلام: حيث تسعى الهاسبارا إلى السيطرة على وسائل الإعلام العالمية، وتوجيهها للترويج لإسرائيل، وقد نجحت في هذا الأمر إلى حد كبير، حيث تسيطر على العديد من وسائل الإعلام العالمية، مثل شبكة سي إن إن، وشبكة بي بي سي.. وغيرها من الصحف العالمية التي عُرف عنها مؤخرًا انحيازها الأعمى لإسرائيل، ولم يتوقف الأمر على السيطرة على الصحف العالمية بل اتجهت أيضًا للسيطرة على الرأي العام في منصات التواصل الاجتماعي عن طريق إنشاء حسابات لهويات مزيفة على المنصات المختلفة لتوجيه انتباه الجمهور نحو المحتوى الذي تريد نشره، ووصل الأمر إلى محاولة السيطرة على خوارزميات محركات البحث من أجل توجيه المتصفحين إلى معلومات مضللة تخص قضايا معينة.
  • تجنيد الشخصيات البارزة: ومن ضمن وسائل الهاسبارا تجنيد الشخصيات البارزة في العالم مثل السياسيين، والصحفيين، والمشاهير، للترويج لإسرائيل، وقد نجحت في تجنيد العديد من الشخصيات البارزة الذين خرجوا ودافعوا عن جرائم الحرب التي تنتهكها تحت مسمى الدفاع عن النفس.
  • نشر المعلومات المضللة: تستخدم الهاسبارا أسلوب نشر المعلومات المضللة لتشويه صورة خصومها، مثل الفلسطينيين والعرب، غالبًا ما تعتمد المعلومات المضللة الإسرائيلية على الأكاذيب والمبالغات، وهي تسير على نهج مؤسسها هرتزل الذي يقول: “كل ما يهمّني هو أن تتكلّم حتى لو تكلمت عن الصهيونية، فالصياح هو كل شيء حقاً، إن للصوت العالي شأناً كبيرًا، فتاريخ البشرية ليس سوى قعقعة السلاح وجعجعة الرأي الزاحف، عليكم أن تصيحوا وتصرخوا”.

تجنيد شخصيات على السوشيال ميديا لبث الفرقة في الصفوف العربية

مؤخرًا قامت إيكاد وهي منصة تحقيقات “استخبارات المصادر المفتوحة” بنشر تحقيق في غاية الخطورة يكشف عن أسماء شخصيات إسرائيلية حقيقية متواجدة ومؤثرة على منصة التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقًا) تعمل ضمن لجان ذباب إلكترونية لها علاقة بمجتمع الاستخبارات الإسرائيلية؛ ومن أشهر هذه الحسابات المنتشرة في المجتمع المصري؛ حساب Dr.Sam Youssef ، والناشط كريم جاهين المصري الذي يدعي انتماءه للمؤسسة الأزهرية، بالإضافة إلى حساب توماس، وحسابات مصريون no context، والصحوة no context… وغيرهم من الحسابات الموجهة بشكل خاص للمجتمع الفلسطيني والسعودي والخليجي، وعند البحث ورائهم اتضح أن جميع هويتهم وإنجازاتهم مزيفة وجميعهم يرتبطون بحساب إيدي كوهين الصحفي الصهيوني، حيث يعملون كجزء من شبكة واسعة تم تدريبها بشكل احترافي من قبل أجهزة الموساد والمؤسسات العسكرية الصهيونية ليستطيعوا التماهي والدخول بين العرب ونشر السردية الإسرائيلية باحترافية دون لفت الانتباه إليهم.

إليك أيضًا: من مليشيات إرهابية إلى جيش نظامي.. ما لا تعرفه عن “جيش الاحتلال الإسرائيلي”

زمالات هاسبارا Hasbara Fellowships

تدفع إسرائيل ملايين الدولارات سنويًا على مشروع زمالات الهاسبارا الذي يعمل على استقطاب أفضل الطلاب في الجامعات الأمريكية وتدرّبهم ليكونوا ناشطين مؤيدين لإسرائيل داخل وخارج جامعاتهم، ويقع مقر هذه المنظمة في مدينة نيويورك التي بدأ عملها عام 2001، وقالت المنظمة إنها قامت بتدريب ما يقرب من 2000 طالب في أكثر من 220 من جامعات أمريكا الشمالية، ويعمل البرنامج كالتالي يقسم الطلاب إلى فرق أو أقسام ويرأس كل فرقة مشرف ومعه مصمم جرافيك يُعطى المشرفين منح دراسية ممولة بالكامل، ويعطى الأقل منهم في الرتبة منحة دراسية ممولة تمويلًا جزئيًا بينما باقي الطلاب الذين يعملون فقط من حساباتهم المزيفة يتلقون عائد مادي شهريًا.

بعض الطلاب المنضمين إلى المؤسسة، مصدر الصورة موقع Hasbara followships

 

قد يهمك: مشاريع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء

تزييف الحقائق

ومن ضمن الأساليب التي استخدمتها الهاسبارا لتغطية جرائم الحرب التي ترتكبها في غزة نشر الأخبار الكاذبة واستخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا من أجل فبركة العديد من الصور والفيديوهات الكاذبة لاستعطاف الرأي العام؛ ومن هذه الأخبار قصة ال 40 طفلًا الذين قطعت حماس رؤوسهم في إحدى المستوطنات الإسرائيلية حيث ظهرت مذيعة ال CNN وادعت أن حماس قامت بقطع رؤوس 40 طفلًا في مستوطنة كفار عزة نقلًا عن أحد جنود الاحتلال دون وجود أي أدلة، وبعدها ظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن يؤكد هذا الادعاء زاعمًا أنه رأى صور هؤلاء الأطفال بعينه ولكن بعدها صدر خطاب من البيت الأبيض ينفي وجود أي أدلة حتى الآن عن وجود مثل هؤلاء الأطفال، وينفي مشاهدة الرئيس لهذه الصور.

بالإضافة إلى تزييفهم الحقائق عندما قاموا بفبركة فيديو قصف مستشفى المعمداني مدعيين أن الصاروخ أطلق من قبل حماس، على الرغم من أنه بنظرة بسيطة يستطيع غير الخبراء معرفة أن الصاروخ أطلقه الكيان الصهيوني لأن القوة التدميرية له ليست كالقوة التدميرية لصواريخ المقاومة المحلية الصنع… ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وخرجت بعدها عشرات  المؤسسات أثبتت ضربهم للمستشفى وكذبت إدعاءاتهم الباطلة.

ومن الأمور المثيرة للضحك التي قامت بها الهاسبارا الإسرائيلية لاستجداء استعطاف الجمهور العالمي تجاهها استخدام الذكاء الاصطناعي لصنع صور مزيفة لأطفال محروقين ومقتولين، وعند الكشف عنها وجد أن أحدها تعود إلى صورة كلب محروق والأخرى ظهر فيها اختلاف ألوان الدم المنثور على كراسة الطفل وهو يشبه ألوان التلوين التي تختلف درجتها عن اللون الأصلي القاتم للدم البشري.

هل انقلب السحر على الساحر

يبدو أن السحر انقلب على الساحر في الحرب الخفية، فقد بدأت الهاسبارا في الوقوع في فخها الذي حفرته إذ أصبحت العديد من الأخبار الكاذبة التي تنشرها مكشوفة للجميع، وأصبحت وسائل الإعلام والجمهور أكثر وعياً بممارساتها، كما ساهمت أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي في دحض المعلومات المضللة التي تروج لها الهاسبارا، مما أدى إلى:

  • ازدياد الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية.
  • ازدادت عمليات المقاطعة لكل من يدعم إسرائيل.
  • كما زادت كراهية الشعوب العالمية للشعب الإسرائيلي والكيان المحتل، وأصبح الكثير يتمنى زوالهم.
  • لم تعد أخبارهم أو تصريحاتهم تصدق.
  • تغيرت نظرت العالم الغربي للإسلام والمسلمين، وازداد الاطلاع على القرآن وتعاليم الدين الإسلامي مما أدى إلى تحول العديد منهم وتغيير دينهم إلى الإسلام.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

2 تعليقات
  1. ايمن احمد علي يقول

    جزاكي الله خيرا

  2. يوسف يقول

    لا