من مليشيات إرهابية إلى جيش نظامي.. ما لا تعرفه عن “جيش الاحتلال الإسرائيلي”

لأكثر من 7 عقود من الزمان قيل إن جيش الاحتلال الإسرائيلي هو أحد أقوى الجيوش في العالم وتصدرت صورة الجيش الذي لا يقهر المشهد، نظرًا لتمتعه بقدرات عسكرية هائلة _ إلا أنها أكذوبة حطمت حماس أصنامها_ لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هذا الجيش تأسس في الأصل على أسس إرهابية، حيث كانت بداياته عبارة عن مليشيات مسلحة تشكلت من قبل المهاجرين اليهود إلى فلسطين بهدف طرد الفلسطينيين من أرضهم وذلك خلال فترة الانتداب البريطاني، إذ كانت هذه المليشيات مسؤولة عن ارتكاب العديد من المجازر ضد الفلسطينيين، أشهرها مذبحة دير ياسين التي استشهد فيها 360 فلسطينيًا، والتي ارتكبتها مليشيات الأرغون وشتيرن اليهودية.

جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي - مصدر الصورة تلفزيون سوريا

وبعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، تم دمج هذه المليشيات في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي أصبح منذ ذلك الحين أداةً للاحتلال والعدوان على الشعب الفلسطيني، وفي هذا التقرير سنلقي نظرة على تاريخ الجيش الإسرائيلي، وكيف تحول من مليشيات إرهابية إلى جيش نظامي.

الميليشيات الإرهابية الصهيونية النواة الأولى للجيش

مع بدء هجرة اليهود إلى فلسطين قاموا بتكوين مستوطنات خاصة بهم قائمة على أسس صهيونية عنصرية من الدرجة الأولى، في بداية الأمر عملوا على توسيع مستوطنات اليهود في فلسطين والتي كانت عبارة عن مجتمعات مغلقة، ثم بدءوا في الاستيلاء على المواقع الحيوية ذات الأهمية الإستراتيجية وتحويلها إلى قلاع وحصون يهودية خالصة ويمنعون أي تواجد غير يهودي فيها ويقاطعون اليد العاملة العربية، ثم تطور الأمر إلى تشكيل مجموعة من المليشيات اليهودية المسلحة التي كانت مسؤوليتها الظاهرة حراسة وحماية المستوطنات اليهودية في جميع فلسطين إلا أن هذه المليشيات كانت مسؤولة عن العديد من الأعمال الإرهابية ضد العرب، بما في ذلك عمليات القتل والاختطاف والتفجير، بهدف التوسع القصري في الاستيطان وغرس الكيان اليهودي الصهيوني في الأراضي الفلسطينية بقوة السلاح.

من بين أشهر المليشيات التي شكلت جيش الدفاع الإسرائيلي المنظمات التالي ذكرها في السطور القادمة.

 قد يهمك: “الهاسبارا” الإسرائيلية والحرب الخفية.. هل استطاعوا الفوز بها أم انقلب السحر على الساحر؟

الهاجاناه

هي أول قوة صهيونية محاربة وأكبر المليشيات اليهودية التي تأسست في بداية العشرينيات تحديدًا 1921، والمسؤولة عن معظم الأعمال الإرهابية ضد العرب، يجدر بالذكر أن الهاجاناة هي أول من بدأ تصنيع الأسلحة الإسرائيلية حيث قامت بالاستيلاء على السلاح البريطاني وإنشاء ورش التدريب تحت الأرض في الكيبوتسات اليهودية لتصنيع القنابل اليدوية والمعدات العسكرية الخفيفة وبعدها تحولت إلى ما يشبه الجيش النظامي، وتم تدريب أفرادها على الخطط والإستراتيجيات الحربية والعسكرية بمساعدة بريطانية مثل نصب الكمائن المتنقلة ضد العرب.

وعلى الرغم من مساعدة القوات البريطانية في تدريب قوات الهاجاناة عسكريًا ومدهم بالسلاح، إلا أنهم لم يسلموا من شرهم إذ قامت بعد الحرب العالمية الثانية بعمليات إرهابية وتخريبية ضد الجيش البريطاني في فلسطين، ووفقًا لما ذكره دكتور حسين عمر توقة في تقرير كتبه لصالح “كتاب عمون” بعنوان “كيف تم تأسيس وتشكيل جيش الدفاع الإسرائيلي” فإنه: “في عام 1939 أعلن رئيس مجلس إدارة الوكالة اليهودية ديفيد بن غوريون دعمه التام للحكومة البريطانية وعزمه القتال ضد أدولف هتلر وتم تحقيق التعاون بين منظمة الهاجاناه والقوات البريطانية، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قامت الهاجاناه بشن حملات معادية للقوات البريطانية في فلسطين فقامت بتحرير المهاجرين اليهود الذين احتجزتهم القوات البريطانية في معسكر عتليت وقامت بنسف السكك الحديدية بالمتفجرات ونفذت هجمات ضد مواقع الرادار ومراكز الشرطة في فلسطين والاستمرار في تنظيم عمليات الهجرة اليهودية غير المشروعة التي قننتها بريطانيا إلى فلسطين.”

وبعدها تم تقسيم الهاجاناة إلى قسمين رئيسيين وهما؛ قوات الميدان ومهمتها استبدال المواقع الدفاعية في المستعمرات والدفاع عنها، وقوات الدفاع  والتي كانت مهمتهم تنفيذ العمليات التعرضية ضمن المناطق التابعة للمستعمرات.

 

منظمة الإرجون

تأسست هذه المنظمة من رحم الهاجاناة بعدما قام اليمين المتطرف في منظمة الهاجاناه عام 1937 بالانشقاق عنها وتأسيس منظمة الإرجون التي وصفت بالإرهاب من قبل القوات الإنجليزية، وكان شعارها يتكون من خريطة فلسطين والأردن وعليها صورة بندقية كتب عليها ( هكذا وحسب ).

شعار منظمة الإرجون اليهودية الإرهابية عبارة عن خريطة فلسطين والأردن وعليها صورة بندقية كتب عليها ( هكذا وحسب ) – مصدر الصورة: ويكيبيديا
صورة أخرى لشعار منظمة الإرجون اليهودية الإرهابية – مصدر الصورة Paldocs

وتم تمويلها ودعمها بالأسلحة وتدريبهم على العمليات العسكرية من قبل دولة بولندا التي شجعت المجتمع اليهودي الذي كان أفقر طبقة في المجتمع في بولندا آنذاك بالهجرة إلى فلسطين.

فبعد تلقيها للدعم البولندي شنت الإرجون 41 عملية إرهابية ضد الفلسطينيين أشهرها  تفجير فندق الملك داوود في القدس، وقامت بمساعدة منظمة شتيرن بتاريخ 9/4/1948 بارتكاب مذبحة دير ياسين التي أستشهد فيها 360 فلسطينيًا، بلغ إجمالي العمليات الإرهابية التي شنتها قبل وبعد الدعم البولندي 61 عملية إرهابية، وفي عام 1943 تولى مناحم بيغن قيادة هذه المنظمة.

عصابة شتيرن

أيضًا مثل سابقتها تم تأسيس شتيرن (ليحي) نتيجة انشقاق عن منظمة الإرجون على يد إبراهام شتيرن إلا أنها كانت أشرس الميليشيات الصهيونية الإرهابية وأكثرها تطرفا، ومن المفارقات العجيبة أن شتيرن كانت تفضل التحالف مع ألمانيا النازية ألد أعداء اليهود بدلاً من بريطانيا.

وكانت الأهداف التي تأسست عليها شتيرن تمهيدًا لقيام دولة إسرائيل، تتلخص هذه الأهداف في النقط التالية:

  • التوسع في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بالقوة العسكرية.
  • تسريع تحقيق حلم قيام دولة إسرائيل والتخلص من العرب.
  • وضع أسس للحدود الجغرافية للحلم الصهيوني من النيل للفرات.
  • ضرورة إنشاء جيش يهودي قوي من أجل حماية هذا الحلم.
  • العمل على سرعة جلاء الانتداب البريطاني عن الأراضي الفلسطينية من أجل تسريع وتيرة قيام دولة إسرائيل، وحل مشكلة السكان الغرباء (ويقصد بهم الفلسطينيون).
  • تنظيم هجرة اليهود في «الشتات» إلى أرض فلسطين.

إليك أيضًا: مشاريع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء| محاولات إسرائيلية فاشلة… ولماذا تريد غزة تحديدًا

 

View this post on Instagram

 

A post shared by blinx (@blinxnow)

التحول إلى جيش نظامي

في مايو 1948 أعلنت الحكومة الإسرائيلية المؤقتة بقيادة ديفيد بن غوريون إنشاء جيش وطني وسمي بجيش الدفاع الإسرائيلي الذي خلف الهاجاناه في الحفاظ والدفاع عن إسرائيل، ومنع أي من التشكيلات القتالية اليهودية وعدم قانونيتها باستثناء الجيش الوطني، عندها انضم مقاتلو شتيرن إلى الجيش وبعد دمج أعضاء وقادة المليشيات اليهودية في جيش الدفاع الإسرائيلي، بدأ الجيش في إعادة هيكلتهم وتدريبهم على أسس عسكرية نظامية.

وعلى الرغم من أنه أوهن من بيت العنكبوت نظرًا لكثرة الخلافات والإنقسامات الداخلية للجيش والسلطة الحاكمة وعدم وجود ترابط قوي بين أفراده، إلا أنه تم تصنيفه كأحد أقوى الجيوش في العالم بسبب استخدامه للتكنولوجيا المتطورة سواء في التسليح وتصنيع الأسلحة أو الدعم اللوجيستي، بالإضافة إلى تخصيص ميزانية سنوية ضخمة للجيش بلغت قيمتها 24،3 مليار دولار أمريكي وصنف في المرتبة ال 18 عالميًا والرابع في الشرق الأوسط  وفق تصنيف موقع “غلوبال فاير باور” الأمريكي لسنة 2023.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد