ليلة النصف من شعبان.. وكل ما تريد معرفته عنها

تُعدّ ليلةُ النصفِ من شعبانَ محطةً روحيةً بارزةً في رحلةِ المسلمِ نحوَ الإيمانِ والتقوى.

ليلة النصف من شعبان

فكانَ المسلمونَ في بدايةِ الدعوةِ الإسلاميةِ يُصلّونَ باتجاهِ بيتِ المقدسِ، اقتداءً بالأنبياءِ السابقينَ، ولكنْ كانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يشعرُ بِعدمِ الارتياحِ للصلاةِ باتجاهِ بيتِ المقدسِ، وكانَ يتمنّى أنْ يُؤمَرَ بالصلاةِ باتجاهِ الكعبةِ المشرفةِ، حبًّا وتعلّقًا بسيدنا إبراهيمَ عليه السلام، وكانَ قبلَ كلّ صلاةٍ ينظرُ إلى السماءِ ويلتفتُ يمينًا ويسارًا، بدعاءٍ ورجاءٍ أنْ يستجيبَ اللهُ تعالى لرغبتهِ، وفي هذه الليلةِ المباركةِ، بينما كانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجدِ النبويّ بعدَ صلاةِ الظهرِ، نزلَ الوحيُ على النبيّ صلى الله عليه وسلم بتحويلِ القبلةِ من بيتِ المقدسِ إلى الكعبةِ المشرفة بقرءان يُتلى إلى يوم القيامة, ﴿قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة:144].

في هذا المقال، نُبحرُ في رحلةٍ بينَ أسرارِ هذه الليلةِ المباركةِ، ونُسلّطُ الضوءَ على بعضِ الأحكامِ الشرعيّةِ المتعلّقةِ بها، ونُميّزُ بينَ الصحيحِ والبدعةِ في عباداتِها.

بينَ غمامةِ الغموضِ وهدي الإسلام:

تُشيرُ بعضُ الأحاديثِ النبويةِ إلى فضلِ ليلةِ النصفِ من شعبانَ، منها ما رواهُ البيهقيّ عن أبي ثعلبة الخشنيّ رضي الله عنه: “إذا كان ليلةُ النصفِ من شعبانَ اطلعَ اللهُ إلى خلقهِ، فيغفرُ للمؤمنينَ، ويملي للكافرينَ، ويدعُ أهلَ الحقدِ بحقدهم حتى يدعوهُ”.

ولكنْ، تُعدّ أغلبُ هذه الأحاديثَ ضعيفةً لا يُحتجّ بها، ممّا يُثيرُ الشكّ حولَ فضلِ هذه الليلةِ وكيفيّةِ إحيائها.

هدي الإسلامِ في إحياءِ ليلةِ النصفِ من شعبان:

لم يثبتْ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم تخصيصُ هذه الليلةِ بعبادةٍ معيّنةٍ، سواءً كانتْ صلاةً أو دعاءً أو غيرَ ذلك.

ولذلك، يُنصحُ بإحيائها بالطاعاتِ التي يجدُ فيها الإنسانُ راحتهُ القلبيةَ وطمأنينتهُ النفسيةَ، دونَ تقييدٍ بعبادةٍ معيّنةٍ.

منْ أهمِّ الأعمالِ المستحبّةِ في هذه الليلة:

  • الصلاةُ: تُعدّ الصلاةُ منْ أفضلِ الأعمالِ في أيّ وقتٍ، وخاصةً في اللياليِ المباركةِ.
  • الدعاءُ: يُستحبّ الإكثارُ منْ الدعاءِ في هذه الليلةِ، والتوسّلُ إلى اللهِ تعالى بقضاءِ الحوائجِ.
  • الصيامُ: يُستحبّ صيامُ يومِ النصفِ من شعبانَ، لكونهِ منْ الأيامِ البيضِ.
  • قراءةُ القرآنِ الكريمِ: تُعدّ قراءةُ القرآنِ الكريمِ منْ أفضلِ الأعمالِ التي تُقرّبُ العبدَ منْ اللهِ تعالى.
  • التصدقُ: يُستحبّ التصدقُ على الفقراءِ والمحتاجينَ في هذه الليلةِ المباركةِ.

الابتعادُ عن البدعِ والضلالات:

يُحذّرُ بعضُ العلماءِ من الاجتماعِ في المساجدِ لإحياءِ هذه الليلةِ، واعتبروا ذلك بدعةً، فليلةُ النصفِ من شعبانَ ليلةٌ مباركةٌ، لكنْ فضلها غامضٌ وأحاديثُها ضعيفةٌ، لا توجدُ عبادةٌ معيّنةٌ مشروعةٌ في هذه الليلةِ، ويُستحبّ إحياؤها بالطاعاتِ التي يجدُ فيها الإنسانُ راحتهُ القلبيةَ وطمأنينتهُ النفسيةَ ولذلك يُنصحُ بإحياءِ هذه الليلةِ في المنزلِ، مع الحرصِ على الابتعادِ عن أيّ بدعٍ أو ضلالاتٍ قد تُشوّهُ صورتها الروحيةَ.

وخلاصةَ القولِ، ليلةُ النصفِ من شعبانَ ليلةٌ مباركةٌ، لكنْ فضلها غامضٌ وأحاديثُها ضعيفةٌ، ولا توجدُ عبادةٌ معيّنةٌ مشروعةٌ في هذه الليلةِ، ويُستحبّ إحياؤها بالطاعاتِ التي يجدُ فيها الإنسانُ راحتهُ القلبيةَ وطمأنينتهُ النفسيةَ.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد