فضل صيام يوم عاشوراء 1444 والذي لا يفصلنا عنه إلا أيام معدودة فهو يوافق يوم الإثنين القادم 8 أغسطس 2022 الموافق 10 محرم 1444، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوم عاشوراء له مكانه خاصة عند المسلمين في شتى بقاع الأرض يجوز صيامه منفردًا ويجوز صيام تاسوعاء وعاشوراء وفق ما أقرت دار الإفتاء استنادًا لما ورد بالسنة النبوية:
” عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ رواه مسلم.”
فضل صيام يوم عاشوراء كما ورد في السنة النبوية
في نفس السياق السابق ذكره فقد ورد في فضل يوم عاشوراء أنه يكفر ذنوب سنة قبله وسنه بعده، والجدير بالعلم أن تكفير الذنوب هنا يقصد به الصغائر من الذنوب أما الكبائر فيلزم لتكفيرها توبة خاصة نصوح، وقد استند ذلك الفضل إلى ما ورد في السنة:
“عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ. أخرجه مسلم في صحيحه”.
كذلك من فضل صيام هذا اليوم العظيم هو جمع الثواب والحسنات وإجابة التوبة، ففيه تاب الله على سيدنا آدم ونزل إلى الأرض، وفيه تاب الله على سيدنا يونس وقومه، وفي شهر محرم أمر الله بني إسرائيل بالتوبة، وقد كان رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام لا يترك عام إلا وصام فيه يوم عاشوراء وقد جاء الدليل من السنة على ذلك في التالي:
“قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنْ كُنْتَ صَائِمًا شَهْرًا بَعْدَ رَمَضَانَ فَصُمِ الْمُحَرَّمَ؛ فَإِنَّهُ شَهْرُ اللهِ، فِيهِ يَوْمٌ تَابَ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ، وَيَتُوبُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ.. رواه ابن أبي شيبة في المصنف، والترمذي في الجامع.”
أيضًا من فضائل صيام عاشوراء إحياء لسنة الأولين حيث كان يصوم المسلمون الأوائل يوم عاشوراء قبل أن يفرض عليهم صوم شهر رمضان كركن من أركان الإسلام الخمس، وكان في هذا اليوم يتم تغطية الكعبة بثوب أبيض وقد ورد في الأثر قول رسول الله:
قال رسول الله: “من أراد صيام يوم عاشوراء، فليصم ومن أراد تركه فليفعل”.
كما ورد أيضًا:
“عن مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، خَطِيبًا بالمَدِينَةِ، يَعْنِي في قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، خَطَبَهُمْ يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ يا أَهْلَ المَدِينَةِ، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ، لِهذا اليَومِ، هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ، وَمَن أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ.. وفي رواية: سَمِعَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ في مِثْلِ هذا اليَومِ: إنِّي صَائِمٌ، فمَن شَاءَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ بَاقِي حَديثِ مَالِكٍ، وَيُونُسَ.”
الحكمة من صيام يوم عاشوراء بالدليل من السنة
إضافة لما سبق ذكره عن قدسية يوم عاشوراء للمسلمون فيثار دائمًا التساؤل عن سبب صوم النبي لهذا اليوم من شهر محرم، وحث المسلمون على صومه، وقد أجابت دار الإفتاء المصرية على ذلك بأن رسول الله عند قدومه للمدينة المنورة وجد اليهود تصوم يوم 10 محرم، فلما سأل عن السبب في صيام هذا اليوم أجيب بأنه يوم صالح حيث نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه سيدنا موسى، فقال أنا أحق بموسى منكم صامه وأمر بصيامه، وقد ورد ذلك في الحديث الشريف.
“عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا ؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ “.
الدعاء المستجاب يوم تاسوعاء وعاشوراء شهر محرم 1444
في الختام نذكر أن من أفضل الأعمال المستحبة للصائم في هذا اليوم العظيم هو الدعاء، فالتقرب إلى الله عز وجل بالدعاء من أفضل الأعمال للصائم مثلها مثل الصلاة، فما على المسلم الصائم إلا الثقة واليقين في الإجابة من الله عز وجل، والإلحاح في طلب الحاجة، وحضور كامل للعقل والقلب.
ومن أفضل الأدعية المستجابة بمشيئة الله مكتوبة هي:
- اللهم كما سخرت البحر لموسى، ولينت الحديد لداود سخر لي قومك لقضاء حاجتي، وييسر لي أمري فهم عبادك قلوبهم بين يديك، لا ينطقون إلا بإذنك، نواصيهم في قبضتك، فاللهم أقضي لي بهم حاجتي.
- يارب ياحنان يا منان يا كريم يا مجيب الدعوات اللهم أسألك النجاح والفلاح في العمل، وأسألك من فضلك خير الحياة وخير الممات، اللهم تقبل مني صيامي وصلاتي وركوعي وسجودي ودعواتي، اللهم أسألك باسمك الأعظم أن تحسن ختامي وترفع درجاتي واستر عوراتي وأرزقني من حيث لا أدري ولا أحتسب.
- اللهم اغفرلي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، اللهم أسألك صلاح الحياة، وأعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل وأعوذ بك من فواجع الأقدار.
