8 خطوات للتعرف على ذاتك الحقيقية

فهم النفس هي الخطوة الأولى التي يجب أن نبدأ منها، والعثور على الذات الحقيقية هي أكبر مغامرة في حياتنا وأهمها. ومع ذلك، فإن الكثير منا يعيشون الحياة إما دون فهم حقيقي لأنفسهم أو الاستماع إلى النقد الداخلي مما يعطيهم انطباعات خاطئة عن هويتهم. ونستمر دون أن نسأل السؤال الأكثر أهمية الذي يجب أن نطرحه لأننا نعتقد خطئًا أن الوعي الذاتي هو نوع من أنواع الانغماس في الذات: فمن أنا حقًا؟ ماذا سأنجز في حياتي؟!

ابحث عن ذاتك الحقيقية

المصدر: istockphoto.com

وعلى الرغم من أن اكتشاف من أنت قد يبدو وكأنه هدف أناني ظاهريًا، إلا أنه في الواقع عملية تكمن في صميم كل شيء ننجزه في حياتنا وحياة الناس. فيجب أن نكون على دراية أولًا بمن نحن وما قيمنا وما يمكننا تقديمه، لكي نكون أهم شخص بالنسبة للأشخاص الذين هم حولنا، وفي رحلة البحث عن ذواتنا سنزيل الطبقات والصفات التي لا تساعدنا في الحياة ولا تمثل حقًا من نحن. ومع ذلك، سوف تستلزم هذه الخطوة تحديد من نريد أن نكون عليه، والسعي بحماس وراء مصيرنا الخاص، ويتضمن ذلك الاعتراف بقوتنا الفردية مع البقاء منفتحين على تجاربنا، بدلًا من تجنبها بدافع الخوف أو معاقبة أنفسنا على فعل شيء ما، ويجب أن نسعى إلى تجربة معرفة النفس بنفس الفضول، وهناك ثماني خطوات الأكثر قابلية للتطبيق لهذه الرحلة الشخصية وهم:

1. افهم وافحص ماضيك:

يجب أن نكون على دراية بماضينا حتى نفهم من نحن ولماذا نتصرف بالطريقة التي نتصرف بها. فالخطوة الأولى الأساسية على طريق معرفة أنفسنا بأن نكون ما نريد أن نكون عليه، وأن يكون لدينا الشجاعة ومستعدين للنظر في ماضينا.

فما حدث لنا قد أصبح له معنى وله أثر على سلوكنا الحالي بالصدمات التاريخية التي لم يتم حلها بعد. ووفقًا للدراسات: فإن البيئة التي نشأنا فيها لها تأثير قوي على تصرفاتنا كبالغين، ونحن نحتاج لاتخاذ خيارات مدروسة في الحاضر تعكس ذواتنا الحقيقية كلما طورنا في ذواتنا.

فعلى سبيل المثال: يتأثر سلوكنا البالغ بشدة بالمواقف والبيئة التي عشناها كأطفال. حيث لاحظ الدكتور “روبرت فايرستون”، مؤلف كتاب “الذات تحت الهجوم“، أن “الأطفال لا يتعاطفون مع دفاعات والديهم عنهم فحسب، بل يتعدوا هذا ويميلون إلى استيعاب المواقف الانتقادية أو العدائية التي كانت موجهة نحوهم. فتصبح هذه الهجمات الشخصية الضارة ضدهم متأصلة في شخصية الطفل وتنمو معه، مما يولد نظامًا غريبًا يُعرف باسم (معاداة الذات) والذي يعيق استمرار الشخص في التعبير عن هويته الفعلية.

فكثيرًا ما تشكل صدمات الحياة المبكرة على كيفية تعرفُنا على أنفسنا والدفاع عنها. بمعنى آخر، إنها تتجاوز حدودنا ولها تأثير غير ملحوظ على سلوكنا. على سبيل المثال، وجود أحد الوالدين الصارمين ربما جعلنا نشعر بمزيد من الخوف، وقد نكبر ونشعر دائمًا أننا في موقف دفاعي أو غير راغبين في القيام بأشياء جديدة. ونعيش حالة عدم اليقين هذه إلى مرحلة البلوغ، مما يؤثر على إحساسنا بالذات ويضع قيودًا علينا بطرق مختلفة. فمن المهم أن تفهم ما الذي يحفز هذا النمط من السلوك إذا كنت تريد تغييره.

وقد نشعر بالضياع وكأننا لا نعرف حقًا من نحن عندما نحاول إخفاء تجاربنا السابقة أو الهروب منها، لأن في بعض الأحيان نتصرف دون النظر إلى العواقب. ووصف الدكتور سيجل حوارًا تصادميًا مع ابنه في كتابه “رؤية العقل: العلم الجديد للتحول الشخصي”، حيث أنه وصف فيه كيف أنه بعد التفكير في الموقف، أدرك الدكتور سيجل أن فورته العاطفية ضد أبنه كانت مرتبطة بمشاعره تجاه أخيه عندما كان طفلًا أكثر من ارتباطها بكيفية رؤيته لابنه حاليًا.

فنحن نتعلم الكثير عن سلوكنا من خلال مواجهة الذكريات، فيكون من السهل أن نبدأ في تغيير سلوكنا عمدًا ليعكس سلوكنا ما نشعر به ونفكر فيه حقًا، وكيف نختار العيش في هذا العالم، ويمكننا أن نبدأ في إبعاد أنفسنا عن التأثيرات الأكثر سلبية من ماضينا.

2. التمييز والتفريق (التمايز):

التمايز هي محاولة فهم من نحن كأفراد مستقلين. ويجب أن ننأى بأنفسنا عن الضغوط الشخصية والعائلية والثقافية الضارة حتى نتمكن من اكتشاف هويتنا وتحقيق مصيرنا الفردي. وهناك أربع خطوات حاسمة هي:

الخطوة الأولى: تخلص من أنماط التفكير السلبية داخلك، مثل الأحكام والمواقف العدوانية تجاه نفسك والآخرين.

الخطوة الثانية: تمييز نفسك عن السمات الشخصية غير المتأصلة في الوالدين.

الخطوة الثالثة: التخلي عن آليات المواجهة الدفاعية التي تم تطويرها نتيجة لتجارب الطفولة الصعبة.

الخطوة الرابعة: بدلًا من التبني الأعمى للقيم والمبادئ والمعتقدات التي نشأ عليها المرء، يجب عليه تطوير قيمه ومبادئه ومعتقداته الخاصة.

3. ابحث عن الهدف والمعنى:

الحياة لا تصبح غير محتملة بسبب الظروف، ولكن حين فقدان المعنى والهدف والغرض، مثال: هناك شخص أسمه “فيكتور فرانكل” الذي أقام في معسكر اعتقال نازي، تغلب على أبشع الظروف، لأنه كان لديه غرض ومعنى وهدف من الحياة. فنحتاج جميعًا إلى البحث عن إحساسنا الفريد بالهدف من أجل اكتشاف من نحن. وهذا يستلزم فصل وجهة نظرنا الشخصية عما يطلبه منا الآخرون. للقيام بذلك، ويجب علينا أن نفكر في مُثُلنا العليا. ومن ثم فإن السعي وراء القيم التي نتمسك بها.

فالأكثر سعادة هم الذين يبحثون عن الهدف بدلًا من مجرد المتعة، وأولئك الذين لديهم أهداف تتجاوز أنفسهم من المرجح أن يكونوا أكثر سعادة بشكل عام. لذا، فإن اكتشاف هويتك وما يجعلك سعيدًا، هي رحلة ترتبط ارتباطًا جوهريًا باكتشاف الهدف.

4. فكر فيما ترغب فيه وتريده:

الحياة أثناء مكابدتها تجعلك تركز على الأشياء السيئة بدلًا من التركيز على الأهداف البناءة وخطط العمل والحلول، وينغمس الكثير منا في التفكير كضحية، وبدلاً من التركيز على ما نريده، نقضي الكثير من الوقت في التفكير فيما لا نريده.

فإن العثور على الذات يعتمد على معرفة ما نرغب فيه، وإن فهم احتياجاتنا ورغباتنا يمكّننا من إدراك هويتنا وأولوياتنا. وقد يبدو هذا واضحًا، لكن معظمنا بدرجات متفاوتة يقاوم رغباته.، لأننا لا نريد أن نتعرض للفشل، ويمكن أن نتعرض لمشاعر الخوف، بل والكآبة الشديدة التي تُصاحب الشعور بالبهجة والإنجاز، وذلك لأن التغيير يمثل انفصالًا عن ماضينا.

فإن الحصول على ما نريد قد يجعلنا أيضًا قي قلق من الانفصال عما تعودنا عليه. فقد نشعر بالسوء حيال ذلك، ويمكن أن تتغلب علينا أسئلة مثل، “من تظن نفسك على أي حال؟ أنت غير قادر على تحقيق الإنجاز.

فنحن بحاجة إلى التوقف عن الاستماع إلى هذا الناقد الداخلي وخذلان أنفسنا من أجل معرفة ما نريده في الحياة. وعندما نفكر كثيرًا بشكل سلبي، مثل “لا أريد هذا أو ذاك”، يمكننا أن نحاول إعادة تركيز أفكارنا على ما نريده بالفعل.

مثال: مع شريك أو صاحب قد نجد أنفسنا نقول: “أنت لا تسمع ما أقوله أبدًا”. بدلًا من القول: “أنت لا تهتم بي”، يمكننا أن نفكر أو نتحدث بطريقة توصلنا فعليًا إلى النتيجة المرجوة. “أريد أن أشعر بأنني مسموع، مفهوم، ومحبوب”، ومن خلال تغيير وجهة نظرنا بهذه الطريقة، نشعر بمزيد من التناغم مع ذواتنا الحقيقية. وبذلك نصلب دوافعنا الأساسية دون دوافع مضادة تمنعنا من أن نكون أصدق مع ذواتنا.

5. اعترف بقوتك وقدراتك الشخصية:

عندما ندرك ما نرغب فيه يكون لدينا تحدي أمام أنفسنا بأخذ بزمام أمور حياتنا الجديدة، وحين نتوقف عن التفكير بشكل سلبي في كل الأشياء الخاطئة في حياتنا وجميع الأسباب التي تجعلنا لا نستطيع الحصول على الأشياء التي نريدها. فإننا بذلك نعترف بأننا لدينا القوة والقدرة في تحديد مصيرنا. فإن العثور على ذواتنا الحقيقية يتطلب أن نستخدم قوتنا الشخصية.

فالقوة الشخصية وفقًا للدكتور “فايرستون”، مبنية على القوة والكفاءة والثقة التي يبنيها الأشخاص تدريجيًا طوال فترة تطورهم. وأنها حاجة طبيعية جيدة للعثور على الحب والوفاء والغرض في العلاقات الشخصية. وإن فهم قوتنا الشخصية يستلزم إدراك التأثير الكبير الذي نحدثه على حياتنا. والبيئة التي نعيش فيها هي شيء صنعناه. ويتطلب الأمر تغييرًا، ورفض وجهة نظر الضحية لجعل حياتك أفضل.

6. تهدئة وإسكات الناقد الداخلي الخاص بك:

يجب أن نتوقف عن نقد أنفسنا أو توبيخها كشكل من أشكال التربية الذاتية. وينبغي عدم الاستماع إلى “صوتنا الداخلي الناقد”. وقد تتكون عملية التفكير الضارة هذه من موقف حكمنا به على أنفسنا بأننا لسنا جيدين بما يكفي لتحقيق ما نرغب فيه أو لا نستحقه، أو موقفًا يبدو مخيبًا لآمالنا يخبرنا أننا لسنا بحاجة إلى المحاولة مرةً أخرى.

فيجب أن نتعلم أن نكتشف ذواتنا الحقيقية وندرك قوتنا وقدراتنا من خلال التعرف على هذا الخصم الداخلي الناقد وهزيمته. من أجل تحقيق “حالة من الارتقاء التي تجعل كل شيء آخر ممكنًا”، والتي تخلق طاقة “افعل ذلك!” فهي بمثابة عملية إخضاع العقل المتشكك من خلال نزع سلاح الأفكار السلبية، وفقًا لخبيرة اليقظة الذهنية الدكتورة “دونا روكويل“.

7. إظهار اللطف والكرم للآخرين:

إن أفضل طريقة لتجد نفسك، بحسب “المهاتما غاندي”، هي أن تجعل نفسك في خدمة الآخرين. فيمكن للكرم أن يزيد من شعور الفرد بالهدف والغرض والمعنى، مما يمنح حياتنا قيمة ومعنى أكبر، بالإضافة إلى تعزيز صحتنا الجسدية والعقلية. فالعطاء يجلب للناس فرحة أكبر من الأخذ.

فمن المفيد ممارسة الكرم كمبدأ للصحة العقلية وبشكل عام، فعادةً يكون الناس سعداء عندما يضعون أهدافًا غير أنانية.

8. التعرف على قيمة الصداقة:

إن الأسرة التي نولد فيها ليست شيئًا نختاره، ولكننا نعتقد في كثير من الأحيان أنها تحدد هويتنا. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع دائمًا اختيار الطريقة التي نقضي بها وقتنا كأطفال، إلا أنه يمكننا اتخاذ خيارات بشأن ماذا نريد أن نطمح إليه طوال حياتنا. ويمكننا تصميم عائلاتنا عند بلوغنا. ويمكننا أن نبحث عن الأشخاص الذين يجلبون لنا السعادة، ويشجعون الأشياء التي تميزنا، ويحيون حبنا للحياة. وقد تشمل عائلتنا، بالطبع، أقاربنا، ولكنها تتأّلف في المقام الأول من أولئك الذين نعتقد أنهم أصدقاء مخلصون لنا.

ويتطلب العثور على الذات بناء هذه العائلة نظرًا لأن الأشخاص الذين نختارهم لنكون معهم لهم تأثير كبير على كيفية تفاعلنا مع الآخرين. وإن وجود نظام دعم يؤمن بنا يساعد في نمونا الشخصي ويساعدنا على تحقيق أهدافنا.

الخاتمة:

في هذا المقال استعرضنا ثماني خطوات هامة لفهم الذات، وربما تحتاج إلى مزيد من الإطلاع على موضوعات، منها كيف تتعرف على نفسك بشكل أفضل من خلال إجابتك على 24 سؤال عن نفسك وفي سبيل أن تكون قادرًا على إكتشاف قدراتك الحقيقة، فاكتشف مهاراتك وحقق الجودة الشاملة في حياتك وما عليك إلا أن تتعلم كيف تصنع رؤية إيجابية للمستقبل.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. Sama omar يقول

    رائع