“الموضة المستدامة” أو اللباس الصديق للبيئة.. ما هي وما فوائدها؟

تعتلي درجات الحرارة عالمياً متذبذبة بين 1،1 إلى 1،2 درجة مئوية فوق معدلات الحرارة في العصور القديمة قبل التطور الصناعي، وبما أن تأثيرات التغيرات المناخية أصبحت واضحة وقائمة، بدأت الجهود البشرية تتجه نحو تحقيق الاستدامة وتطوير وسائل خاصة للحد من الانبعاثات التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، حتى في الجوانب الدقيقة مثل صناعة الملابس ذات الصبغات الصديقة للبيئة، وقد ظهر مصطلح “الموضة المستدامة” كنتاج لهذه الجهود المبذولة في هذا المجال، فما هو؟.

صورة لفتاة ترتدي أقمشة صديقة للبيئة - المصدر: تم تعديلها بواسطة الكاتب.

صورة لفتاة ترتدي أقمشة صديقة للبيئة - المصدر: تم تعديلها بواسطة الكاتب.

المفهوم المجرد

مصطلح “الموضة المستدامة” يشير إلى الأسلوب الذي تعتمده العلامات التجارية في إنتاج ملابس صديقة للبيئة، والذي يقلل من التأثيرات الضارة على البيئة أثناء عملية التصنيع، مع الأخذ في الاعتبار حقوق الأفراد الذين يشاركون في إنتاج هذه الملابس، ويشترط على هذه الملابس أن تتميز بخصائص الاستدامة.

أقمشة صديقة للبيئة – المصدر: كانفا.

 

بينما مفهوم “الألبسة المستدامة” يشير إلى الملابس التي تتميز بصفات صديقة للبيئة، حيث تصنع من الألياف النباتية الطبيعية، وهي قابلة للتحلل أو إعادة التدوير، وتتميز النباتات المستخدمة في صناعة هذه الملابس بأنها تنمو بدون حاجة للأسمدة أو المبيدات الحشرية أو المواد الكيميائية، وتستهلك كميات قليلة من الطاقة والمياه، وبذلك تترك العلامة التجارية المتبنية لهذه الملابس أقل “أثر كربوني” ممكن مقارنة بالعلامات التجارية الأخرى، وتتميز هذه الألبسة أيضاً بجودتها العالية فضلاً عن نعومتها ومتانتها.

كيف يتم تطبيقها؟

يمتلك مفهوم الموضة المستدامة مجموعة متنوعة من الأوجه، بما في ذلك النقاط التالية.

  • التجديد: يتجلى التجديد في استغلال الملابس المتروكة لإعادة تشكيلها بشكل جديد ومفيد، على سبيل المثال، في حال كان لديك قميص لم تعد تستخدمه أو تحتاجه، فيمكن لك تحويله إلى حقيبة يد أنيقة بدلاً من التخلص منه.
صورة تظهر أن لصناعة كيلو غرام واحد من القماش القطني، نحتاج لـ20 لتر من الماء النظيف!، وتجدر الإشارة إلى أن صناعة الملابس بشكل عام تحتاج 93 مليار متر مكعب من الماء كل سنة، كما يتم قطع حوالي 70 مليون طن من الغابات كل عام لصنع الأقمشة الجديدة – المصدر: فوكس.
صورة تظهر أن لصناعة كيلو غرام واحد من القماش القطني، نحتاج لـ20 لتر من الماء النظيف، وتجدر الإشارة إلى أن صناعة الملابس بشكل عام تحتاج إلى 93 مليار متر مكعب من الماء كل سنة، كما يتم قطع حوالي 70 مليون طن من الغابات كل عام لصنع الأقمشة الجديدة – المصدر:  موقع (فوكس).

 

  • الحد من الفاقد: يقوم مفهوم “الحد من الفاقد” على التفكير في تقليل تبديد الموارد طوال دورة حياة الملابس، من تصنيع الألياف النباتية حتى استهلاك المستهلك للملابس، تتضمن هذه الآلية استخدام مواد قابلة للتحلل وتشجيع الأفراد على إعادة تدوير ملابسهم لتقليل الهدر.
  • العدالة: تقوم الموضة المستدامة على تحقيق ممارسات تجارية عادلة، حيث تهتم بتوفير ظروف عمل آمنة للعاملين في صناعة الملابس وضمان تلقيهم أجوراً مناسبة.
مجموعة صور لناس وجدو نداءات استغاثة على ملابسهم الجديدة، تأتي هذه الاستغاثات من عمال (منهم أطفال) يعملون في مصانع ألبسة وماركات كبيرة تصنع ألبستها في الدول الآسيوية بغية اليد العاملة الرخيصة، وتم الكتابة على هذه الألبسة عبارات مثل (ساعدوني – لدي ألم) بشكل مخفي ضمن ورقة المعلومات المحاكة مع القماش – المصدر: موقع debate.

 

  • الاستدامة: تتمثل الاستدامة في استخدام مواد طبيعية لصناعة الملابس، مثل الصوف والكتان والقطن حيث تتميز هذه المواد بقابليتها للتحلل مما يعزز من دور الملابس المستدامة في الحفاظ على البيئة، على عكس خيوط النايلون، ويجدر بالذكر أن صناعة الملابس تساهم في تلويث البيئة من خلال استخدام مواد كيميائية سامة في عملية التصنيع، تتسبب هذه المواد ما بين 17% إلى 20% من مشاكل تلوث الصرف الصحي، وتم العثور على 72 مادة كيميائية سامة في مياه صباغة المنسوجات المستخدمة، كما تحتوي حوالي 65% من الملابس الموجودة في الأسواق على البوليستر، وهو نوع من البلاستيك يتم صنعه من الوقود الأحفوري، ويقدر أن إنتاج البوليستر يستهلك حوالي 70 مليون برميل من النفط سنوياً.
صورة لأحد اعتصامات مجموعة غرينبيس أمام مقر شركة زارا مطالبة إياها بإيقاف وضع المواد الكيماوية في الملابس – المصدر: هافينغ بوست.
صورة لأحد اعتصامات مجموعة غرينبيس أمام متجر لشركة زارا رافعين مطالب لإيقاف وضع المواد الكيميائية في الملابس – المصدر: هافينغ بوست.

 

ما الفوائد المرجوة منها؟

تتضمن الموضة المستدامة مجموعة من المزايا المفيدة بلا شك، ومن أبرزها ما يلي من نقاط.

  • الاستفادة لأطول فترة ممكنة: تتسم الملابس الصديقة للبيئة بتصنيعها من مواد عالية الجودة، مما يتيح لها البقاء لفترات زمنية طويلة مقارنة بالقطع الأخرى.
يظهر في الصورة ملابس مرمية سيتم اتلافها لاحقاً، حيث يتم سنوياً صناعة ما بين 100 إلى 150 مليار قطعة من الملابس، ويهدر جزء كبير منها لأنها تتجاوز عدد سكان البشرية بأضعاف - المصدر:  دايلي مايل.
يظهر في الصورة ملابس مرمية سيتم إتلافها لاحقاً، حيث يتم سنوياً صناعة ما بين 100 إلى 150 مليار قطعة من الملابس، ويهدر جزء كبير منها لأنها تتجاوز عدد سكان البشرية بأضعاف – المصدر:  دايلي مايل.

 

  • تعزيز الوعي البيئي: عادةً ما تستخدم الملابس كوسيلة للتعبير عن الذات، وارتداء الملابس الصديقة للبيئة والأنيقة في الوقت ذاته يفتح آفاقاً للمناقشة بين الأشخاص، فكثيراً ما يتساءل الناس عن مصدر الثياب وجودتها حين لقائهم بمعارفهم، مما يسهم في نشر الوعي بأهمية الملابس المستدامة وتأثيرها على انبعاثات الكربون.
  • فائدة صحية: عملية إنتاج الأقمشة القطنية غالباً تتضمن استخدام مواد كيميائية ضارة تمتد تأثيراتها إلى المرتدين لها، ومن هنا تبرز الملابس المصنوعة من الأقمشة هذه كخيار صحي.
  • الحفاظ على التنوع البيولوجي: غالباً ما نحتاج لصنع بعض الألبسة إلى الصيد، ويستهدف الإنسان أنواعاً محددة من الحيوانات من أجل ما تحمله على جلودها من وبر وصوف وشعر، مما يهدد بانقراض هذه الأنواع ويتسبب في تأثيرات سلبية على البيئة وحياة الإنسان أيضاً.

فهل ستساهم في دعم هذا التوجه في ارتداء الملابس بدورك؟.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد