إبراهيم فايد يكتب: طاقة نور في سماء الأديان

بعد مكالمةٍ هاتفيةٍ مُطَوَّلَةٍ قاربت الساعة مع صديفي العزيز “بيشوي” قطعها صوت الأذان يصدح في الأرجاء معلنًا حلول موعد الصلاة، فما كان من “بيشوي” -وبكل تلقائية- إلا أن فاجأني بقوله: “أسيبك تلحق العصر”، ورغم مرور عدة سويعات على انتهاء ذاك الموقف العابر الدقيق جدًا من عمر الزمن -حيث لم تتجاوز كلماته الثلاث مقدار ثانيةٍ واحدة- إلا أنها تركَت بداخلي أمواجًا من التدبر والتأمل في حال ذاك الشعب الضعيف بِفُرْقَتِهِ القوي بِلُحْمَتِه، خاصةً وأن تلك الظاهرة لطالما تكررَت معي في مناسباتٍ دينيةٍ عديدةٍ إسلامسيحية مختلفة وقد تواصلت بأصدقاء لي أقباط أهنئهم بأعيادهم قبل أن أجدهم مُنهَكين بممارسة طقوس عَقَدية كنسية ما، وبكل تلقائية كنت اسأل الله يتقبل نجواهم ودعواهم.

وفي حقيقة الأمر بعد أن تفكرت مَلِيًّا في تفسير ذاك التلاحم الشرائعي الذي تذخر به مصر لم أجد ما يُرْضِي قناعاتي سِوَى مبررَيْن اثنين لا ثالث لهما:
– أما الأول فيوحِي باغروراق أفئدتنا كمصريين مسلمين ومسيحيين بأمواجٍ عاتيةٍ من الوازع الديني بمعناه الرَّحْبِ السَّمْح؛ الذي يدفع كل شخص منَّا بشكلٍّ لا إراديٍّ لِحَثِّ الآخَر -على اختلاف عقيدته- بالتقرب من رحاب الرب على طريقته أيَّما كانت.
– أما الثاني فَعَلَى النقيض قد يوحِي بِخَلَلٍ ولا مبالاةٍ وتَسَيُّبٍ عَقَديٍّ جعلَنا كمصريين مسلمين وأقباط غير عابئين أو غيورين على شرعية وأولوية وأحقية ورمزية ما نُدين به إذا ما مورس غيره أو حتى هو ذاته بطُرُقٍ مُغايِرة.

على كلٍّ، لا شك وأن التفسيرين يصُبَّان لا محالة في صالح ديمومة تمتُّعِ أرض الكنانة المحروسة بتسامحٍ دينيٍّ وترابطٍ وطنيٍّ قويمٍ تحسدنا عليه بُلدانٌ عِدَّةٌ لطالما سقطت في وحْلِ الفُرْقَةِ الدينية والطائفية التي تطول في أفضل الظروف لعقدٍ من الزمان إن لم يكن اثنين، فاللهم احفظ مصر وأهلها وأَدِمْها طاقة نورٍ في سماء الأديان، واجعلها بلدًا أمنًا أمانًا سخاءً رخاءًا وسائر بلاد العرب والمسلمين.. اللهم آمين.

#إبراهيم_فايد


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد