التغيرات المناخية عادت لتنتقم!

بقلم – إبراهيم فايد

 

بسم الله الرحمن الرحيم
«إنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»

 

حبَّذْتُ أن أبدأ خاطرتي بهذه الآية الكريمة من سورة القمر لتكون نبراسًا ننطلق منه لحديثنا اليوم حول التغيرات المناخية الناجمة في أغلبها عن تدخلات الإنسان الجامحة والجائرة في عرض هذا الكون الذي سَلَّمَنا الله إيّاه نمشي في مناكبه ونأكل مِن رِزقِهِ ونتمتع بخيراته في مَلَكوت بَرِّهِ وبَحرِهِ وأعماقه وفضاءه الفسيح، لَكِنّا ودون قصدٍ -أو بقصد- أسأنا إدارته وتلاعبنا بأقدار الله في كونه وانتهكنا حُرمَةَ الأمانة تلك بتريليونات الأطنان من التلوث الذي ما لَبِثَ أن أطاح بالأخضر واليابس، حتى بات اليوم صافرة إنذار صادحة لا يَسَعُني إلا العودة عنها وإلا فالقادم أسوأ ما يكون على الإنسان وغيره من كائنات حَيَّةٍ لا ذنب لها إلا أن كانت شريكة للإنسان الغاشم في رحلة حياته هذه، وهو -الإنسان- الذي صدق قال الله تعالى إذ قال في حقه «إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا».

 

وإحقاقًا للحق، لم يتمرد الكون الذي سَخَّرَهُ الله لنا هكذا على حين غِرَّةٍ مِنّا، بل أرسل لنا إنذارات وتحذيرات على مدار عشرات الأعوام، ما بين تَغَيُّرات في الطقس ومَناسيب المياه وأزمات صحية وأخرى بيئية وثالثة غذائية ورابعة وخامسة…، ولم يكن ذلك إلا نداءات واستغاثات وصرخات مدوية لم يفطنها الإنسان ويعي حقيقة جُرمِهِ بِحَقِّ الكوكب الأزرق الهادئ المُسْتَكين هذا، إلا أنه وبمنتهى الكِبْر والغرور راح يَنفُثُ سُمومَهُ في الهواء والماء وفي الأجواء مِن حَوْلِنا حتى انقلب السِّحرُ على السّاحِرِ وظهرت بَوادِرُ تهديدات الكون التي أخذ يُنَفِّذُها دُونَ هَوادَةٍ، فما كان لنا -بنو البشر- إلا أن استيقظنا مِن غفوتنا متأخرين نرجو وداعَتَهُ المُفْرِطَةَ ثانيةً، لكن هيهات هيهات أن يعود الزمن للوراء ويتعافى كوكبنا المسكين إلا بعشرات التدابير الاحترازية والمعالَجات التي تتطلب عقودًا طويلة لإصلاح ما أَفْسَدَتهُ مُخَلّفاتُنا.

 

وقبل الاسترسال في حلول ناجعة أَوَدُّ لو سَلَّطنا الضَّوء على بعض التهديدات والمخاطر التي عايشناها مؤخرًا بسبب التغيرات المناخية وقد كان لي شرف المتابعة والرصد مع «صحفيي البيئة الدوليين» لهذه الأزمة، ولعل أبرز تطورات وتأثيرات أزمة المناخ كان في الحرارة المرتفعة التي أدت لتغير أنماط الطقس وإحداث خلل في توازن الطبيعة، كما وتسبب ذلك في عمليات جفاف اجتاحت مختلف أنحاء اليابسة من الأرض ما تَسَبَّبَ في قلة الرطوبة ونشوب حرائق الغابات، وفي السياق ذاته تَعَطَّلَ هطول الأمطار في أماكن وأحيان كثيرة وانتشرت العواصف الرملية التي زادت من نِسَبِ التَّصَحُّرِ، وكذا الفيضانات الناجمة عن الاحتباس الحراري وتَغَيُّرِ مستويات المياه بعد ذوبان الجليد في القُطبَيْن وتَعَرُّضِ بعض السواحل لمخاطر الغرق والاندثار، ولا أود التطرق كثيرًا للجانب الصحي وأضرار وأمراض التنفس والرئتين والجلد نتيجة ازدياد ثاني أكسيد الكربون وما تلا ذلك أيضًا من هلاك للزروع والثمار ونزوح للحيوانات وانتشار الآفات والأمراض وتَفاقُمِ ظواهر الجوع وسوء التغذية والفقر المتزايد.

 

أمّا وعن الحلول الناجعة -كما تَوَصَّلَ لها معظم علماء وخبراء البيئة- فتفاوتت ما بين الحَدِّ من انتشار ثاني أكسيد الكربون عبر تركيب فلاتر في مداخن المصانع وتقليل الانبعاثات الحرارية المختلفة باستعمال بعض أنواع البكتيريا التي تنشط في هذه الأجواء وتمتص الحرارة والكربون، وذلك جنبًا إلى جنب مع تكثيف غرس وزراعة الأشجار والنخيل في محاولة لتخزين أكبر قدر ممكن من الكربون المنتشر بالجو في ثنايا هذه النباتات، كما ومن الحلول العبقرية والتي تؤتي ثمارها بشكل غير مباشر في حلحلة هذه الأزمة هو محاولة عكس آشعة الشمس والحرارة إلى الفضاء مرة أخرى وعدم امتصاصها داخل الأرض وذلك عبر استعمال دهانات بيضاء على واجهات وأسطح المباني، وأخيرًا وليس آخرًا الحد من استخدام وحرق الوقود الحفري والنفط والاتجاه للطاقة المتجددة والبديلة مثل الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية والهيدروجين والكهرباء… إلخ.

 

#إبراهيم_فايد


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد