تقرير أسوشيتد برس.. هل تُنهي استقالة حكومة أشتية عقبات حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني؟

شهد يوم الاثنين الماضي الذي وافق السادس والعشرين من فبراير لهذا العام 2024، إعلان رئيس وزراء السلطة الفلسطينية استقالة حكومته، وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود الولايات المتحدة الأمريكية للمساهمة في عملية الإصلاح الشاملة وحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ورغم أن هذا القرار يُعد بداية لعملية إصلاحية محتملة، إلا أن وكالة “أسوشيتد برس” ترى في تقرير لها أن هذا القرار لن يحل القضايا الجوهرية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على اليسار، وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي على اليمين، ويتوسطهم محمد أشتية رئيس وزراء فلسطين المستقيل - مصدر الصورة تصميم خاص لنجوم مصرية، تم التفريغ والدمج بواسطة كانفا

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على اليسار، وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي على اليمين، ويتوسطهم محمد أشتية رئيس وزراء فلسطين المستقيل - مصدر الصورة تصميم خاص لنجوم مصرية، تم التفريغ والدمج بواسطة كانفا

إعلان استقالة الحكومة الفلسطينية

أشار رئيس الوزراء محمد أشتية عند إعلان استقالته، إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب ترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة ومحادثات الوحدة الوطنية، ويرى عدد كبير من المحللين أن استقالة حكومة أشتية تأتي استجابةً للضغوط الدولية من أجل تجديد السلطة، وتشكيل حكومة جديدة خالية من الانتماءات السياسية.

“إن المرحلة المقبلة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ بالاعتبار الواقع المستجِد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني- فلسطيني، مستند إلى أساس وطني ومشاركة واسعة ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين”.

دعم الولايات المتحدة لتعيين محمد مصطفى بدلًا من أشتية

في ضوء ذلك تعتقد وكالة أسوشيتد برس في تقريرها، أن يخلف “محمد مصطفى” مستشار الرئيس الاقتصادي، أشتية في رئاسة الحكومة، مُشيرة إلى أن تعيينه يُعكس رغبة الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى، في تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين بعيدًا عن تمثيل الفصائل السياسية مثلما كان أشتية مواليًا لحركة فتح، وعلى الرغم من أن الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” لا يزال لديه القول الفصل في السياسات الرئيسية، فإن التعيين من شأنه أن يمثل صورة سلطة فلسطينية محترفة قادرة على إدارة قطاع غزة.

د. محمد مصطفى رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني - مصدر الصورة: جريدة القدس العربي
د. محمد مصطفى رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني – مصدر الصورة: جريدة القدس العربي

في هذا السياق أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “ماثيو ميلر” إلى أن اختيار القادة الفلسطينيين مسؤولية فلسطينية، وأن الولايات المتحدة ترحب بأي خطوات تهدف إلى إصلاح وتنشيط السلطة الفلسطينية وإعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت قيادتها.

“نعتقد أن هذه الخطوات إيجابية، نعتقد أنها خطوة مهمة لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية”.

نشأة السلطة الفلسطينية

يُذكر أن السلطة الفلسطينية شكلت جزءًا من الواقع الفلسطيني منذ أوائل التسعينيات؛ حيث نشأت عبر اتفاقيات سلام مؤقتة تم توقيعها بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية التي كان يرأسها آنذاك ياسر عرفات، ومُنحت السلطة الفلسطينية حكمًا ذاتيًا محدودًا في أجزاء من قطاع غزة والضفة الغربية، وكانت تلك الخطوة تمهيدًا لتحقيق آمال الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة في المنطقتين بالإضافة إلى القدس الشرقية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل خلال حرب 1967.

إسماعيل هنية قائد حركة حماس، ومحمود عباس زعيم حركة فتح مع شعار الحركتين - مصدر الصورة: تم التفريغ والدمج على موقع كانفا
إسماعيل هنية قائد حركة حماس، ومحمود عباس زعيم حركة فتح مع شعار الحركتين – مصدر الصورة: تم التفريغ والدمج على موقع كانفا

لكن لم يتمكن الجانبان من التوصل إلى اتفاق نهائي عبر الجولات المتعددة من محادثات السلام، وفي عام 2005، تم انتخاب محمود عباس رئيسًا للسلطة الفلسطينية بعد وفاة عرفات بعدة أشهر، وفي العام التالي، حققت حركة حماس فوزًا ساحقًا في الانتخابات التشريعية، وهذا أدى إلى مقاطعة دولية للسلطة الفلسطينية، وظهر صراع قوى بين حركة حماس وحركة فتح التي يتزعمها عباس في صيف عام 2007.

اعتراف فتح بإسرائيل ودعم حل الدولتين

كما اعترفت حركة فتح بإسرائيل وعارضت الكفاح المسلح، ودعمت فكرة حل الدولتين، وعملت قوات أمن السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي للتصدي لحماس والفصائل المسلحة الأخرى، وتعاونت حكومة السلطة الفلسطينية مع إسرائيل في تسهيل تصاريح العمل والسفر الطبي والشؤون المدنية الأخرى، ومع ذلك، تمكنت حماس من السيطرة على قطاع غزة بعد أسبوع من المعارك، وهذا أدى إلى تقييد ولاية عباس فعليًا في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وانتهت ولاية عباس في عام 2009، ولكنه رفض إجراء انتخابات متحججًا بالقيود التي تفرضها إسرائيل.

بنيامين نتنياهو ومحمود عباس على خلفية علم إسرائيل وفلسطين - مصدر الصورة: تم التفريغ والدمج على موقع كانفا
بنيامين نتنياهو ومحمود عباس على خلفية علم إسرائيل وفلسطين – مصدر الصورة: تم التفريغ والدمج على موقع كانفا

شعبية حماس تزداد مقارنةً بالرئيس

أما فيما يتعلق بآراء الفلسطينيين تجاه السلطة، حسبما أفاد تقرير “أسوشيتد برس” هناك تباين؛ حيث شهدت شعبية الرئيس محمود عباس تراجعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وتشير استطلاعات الرأي المستمرة إلى أن غالبية الفلسطينيين يرغبون في استقالته، وذلك بسبب التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل الغير مقبول للكثيرين، مما يجعلهم يعتقدون أنه متعاونًا مع الاحتلال.

مروان البرغوثي، قائد حركة فتح - مصدر الصورة: تم الدمج بواسطة تطبيق كانفا
مروان البرغوثي، قائد حركة فتح – مصدر الصورة: تم الدمج بواسطة تطبيق كانفا

كما يرى تقرير “أسوشيتد برس” أن شعبية حركة حماس قد زادت بشكل كبير في الفترة الأخيرة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وأصبحت قادرة على الفوز في أي انتخابات حرة، ولكن أيضًا لا نغفل أن مروان البرغوثي، قائد حركة فتح، الذي يقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية بتهمة الإرهاب منذ عام 2004، أصبح يحظى بشعبية كبيرة حاليًا، وكانت حماس قد طالبت بالإفراج عنه مقابل إطلاق سراح بعض الرهائن الذين تحتجزهم بعد اندلاع الحرب، ولكن إسرائيل رفضت الاقتراح.

من ناحية أخرى كانت حماس قد دعت إلى تشكيل حكومة مؤقتة تضم جميع الفصائل الفلسطينية لإجراء انتخابات، ولكن تعارض هذا الافتراح مع خطة إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، التي تسعى في المقام الأول إلى تشكيل هيئة فلسطينية خالية من حماس التي تعتبرها منظمة إرهابية، في النهاية، يشير تقرير “أسوشيتد برس” إلى أن استقالة حكومة أشتية لن تحل مشكلة نقص الشرعية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية لفترة طويلة، ولن تساعد في تحسين العلاقات المتوترة مع إسرائيل، هاتين العقبتين تعتبران عائقًا كبيرًا أمام خطط الولايات المتحدة التي تسعى إلى تسليم السلطة وإدارة قطاع غزة وتمهيد الطريق لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل، وتعتمد هذه الرؤية على افتراض هزيمة حماس.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد