أوكرانيا تطلب الانضمام إلى الناتو: هل تقترب الحرب العالمية الثالثة؟

في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت أوكرانيا رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشكل عاجل، في ظل تصاعد التوترات مع روسيا بسبب النزاع في شرق البلاد، وقد أيدت بعض دول الحلف هذا الطلب، في حين عبرت أخرى عن تحفظاتها، وحذرت روسيا من أن ذلك قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.

ما هي خلفية الطلب؟

أوكرانيا هي دولة أوروبية تحدها روسيا من الشرق والشمال الشرقي، وتعد واحدة من أكبر الدول الأعضاء في الاتحاد السوفياتي السابق، ومنذ استقلالها عام 1991، شهدت أوكرانيا تقلبات سياسية واقتصادية كبيرة، وتأثرت بالصراعات الإقليمية والدولية، ومن أبرز هذه الصراعات هو النزاع في شرق أوكرانيا، الذي اندلع عام 2014، بعد أن قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم، ودعمت الانفصاليين الموالين لها في مناطق دونيتسك ولوغانسك، وقد أسفر هذا النزاع عن مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وتشريد ملايين آخرين، وتعطيل عملية السلام التي تم التوصل إليها في مينسك عام 2015.

وفي هذا السياق، أبدت أوكرانيا رغبتها في الانضمام إلى الناتو، وهو حلف عسكري يضم 30 دولة أوروبية وأمريكية، يهدف إلى الدفاع المشترك والتعاون الأمني، وقد أعلنت أوكرانيا عن هذا الطلب لأول مرة عام 2008، وجددته عام 2014، بعد الأزمة مع روسيا، وقد أكدت الناتو على حق أوكرانيا في تقرير مصيرها واختيار شركائها، ووعدت بدعمها في تحقيق الإصلاحات اللازمة لتلبية معايير العضوية، ومع ذلك، لم تتلق أوكرانيا حتى الآن دعوة رسمية للانضمام إلى الحلف، ولا توجد مؤشرات على أن ذلك سيحدث قريبًا.

ما هي ردود الفعل المختلفة؟

طلب أوكرانيا للانضمام إلى الناتو لم يلق ترحيب من قبل روسيا، التي تعتبره تهديدًا لأمنها القومي ومحاولة لتقويض نفوذها في المنطقة، وقد حذرت روسيا من أن ذلك قد يؤدي إلى تصعيد العنف في شرق أوكرانيا، وإلى حرب عالمية ثالثة، إذا تم تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الناتو، التي تلزم الدول الأعضاء بالدفاع عن أي دولة تتعرض لهجوم، وقد شنت روسيا حملة عسكرية ودبلوماسية لمنع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو، وللحفاظ على مصالحها في القرم وشرق أوكرانيا.

من جانبها، لم تبدي الدول الغربية تأييدًا قويا لطلب أوكرانيا، رغم تعهدها بالتضامن معها والوقوف إلى جانبها في مواجهة العدوان الروسي، وقد أبدت بعض الدول، مثل ألمانيا وفرنسا، تحفظاتها عن تسريع عملية الانضمام، خوفًا من تأزيم العلاقات مع روسيا، ومن تعريض أمن أوروبا للخطر، وقد أشارت بعض التقارير إلى أن الولايات المتحدة، التي تقود الناتو وتمثل أكبر مساهم فيه، لا تزال مترددة في قبول أوكرانيا كعضو كامل، لأن ذلك يعني التزامها بالدفاع عنها في حالة هجوم روسي، وقد قالت السفيرة الأمريكية لدى الناتو، جوليان سميث، في فبراير الماضي، إنها لا تتوقع أن تتم دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الحلف خلال القمة المقبلة في يوليو، ومن ناحية أخرى، أعربت بعض الدول الصغيرة والمتضررة من النفوذ الروسي، مثل دول البلطيق وبولندا والسويد وفنلندا، عن دعمها لطلب أوكرانيا، ورأت فيه فرصة لتعزيز الأمن والديمقراطية في المنطقة، ولمواجهة التهديد الروسي.

ما هي العواقب المحتملة؟

طلب أوكرانيا للانضمام إلى الناتو يفتح الباب أمام عدة سيناريوهات محتملة، تتراوح بين السلم والحرب، من الممكن أن يؤدي هذا الطلب إلى تحسين العلاقات بين أوكرانيا وروسيا، إذا تم استخدامه كوسيلة للضغط على الطرفين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، والوصول إلى حل سياسي للنزاع في شرق أوكرانيا، والتعاون في مجالات مشتركة مثل الطاقة والتجارة والأمن، ومن الممكن أيضًا أن يؤدي هذا الطلب إلى تعزيز الأمن والاستقرار في أوروبا، إذا تم تقديم ضمانات لروسيا بأن الناتو لا يهدف إلى تهديدها أو تحييدها، وإذا تم تعزيز الحوار والتعاون بين الحلف وروسيا في قضايا مثل مكافحة الإرهاب ونزع السلاح والأزمات الإنسانية.

ولكن من الممكن أيضًا أن يؤدي هذا الطلب إلى تفاقم الصراع بين أوكرانيا وروسيا، إذا تم رفضه أو تأجيله من قبل الناتو، مما قد يثير شعور الإحباط والخيبة لدى أوكرانيا، ويدفعها إلى اتخاذ إجراءات أحادية أو مغامرة عسكرية لاستعادة القرم أو شرق أوكرانيا، ومن الممكن أيضًا أن يؤدي هذا الطلب إلى تصعيد العنف بين الناتو وروسيا، إذا تم قبوله أو تنفيذه من قبل الناتو، مما قد يثير رد فعل عنيف من قبل روسيا، ويدفعها إلى تكثيف تدخلها في شرق أوكرانيا أو القرم، أو إلى شن هجمات على دول الناتو الأخرى، أو إلى استخدام السلاح النووي كردع أو انتقام.

وبالتالي، فإن طلب أوكرانيا للانضمام إلى الناتو يمثل تحديًا كبيرًا للسياسة الدولية، ويتطلب حكمة وحذرا من جميع الأطراف المعنية، لتجنب الوقوع في فخ الحرب، ولبناء جسور السلام.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد