الثورة في إدارة الثروات: تحليل معهد ماكينزي McKinsey للفرص المتاحة ويلث تيك في آسيا والمحيط الهادئ

تشهد صناعة إدارة الثروات نموا سريعا، ومعها تحولا متسارعا، كما أتاح التقدم التكنولوجي تطوير منصات وأدوات مبتكرة تعزز كفاءة وإمكانية الوصول وتخصيص خدمات إدارة الثروات، كما ذكر تقرير معهد ماكينزي McKinsey تظهر تقنيات الثروة (WealthTech) كقوة هامة في هذا السياق، تُعرف تقنيات الثروة على أنها أي تقنية ممكّنة لتكنولوجيا الثروة المالية تسهل توزيع وتصنيع وأنشطة ما بعد التداول والأعمال الخلفية عبر سلسلة قيمة إدارة الثروات، وعلى الرغم من أنها لا تزال في مراحلها الأولية، إلا أنها تكتسب زخماً سريعاً على الصعيدين الوطني والعالمي، حيث تمكن الشركات المتخصصة في إدارة الثروات من التعرف على الفوائد المحتملة لها، وتسمح بزيادة إمكانية الوصول إلى حلول الثروة المالية لشرائح عملاء غير مستغلة وغير مخدومة بشكل كافٍ.

مع اقتصادها المتنامي وزيادة ثروتها المتزايدة، أصبح منطقة آسيا والمحيط الهادئ منطقة هامة في مجال إدارة الثروات على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ومع ذلك، فإن الصناعة لا تزال في مراحلها الناشئة حيث تبلغ نسبة حوالي 40 إلى 45 في المئة من الأصول المالية الشخصية (PFA) نقداً وودائعًا، نعتقد أن تقنيات الثروة في آسيا يمكنها دفع توسيع إدارة الثروات بشكل أكبر بينما تعتمد على التكنولوجيا لتقديم “نصائح للجميع”.

تطورات الثروة في آسيا والمحيط الهادئ

مع زيادة الثروة في آسيا والمحيط الهادئ، تواجه شركات إدارة الثروات فرصاً كبيرة للنمو، بما في ذلك التقدير البالغ حوالي 81 تريليون دولار لأصول الثروة “على الأرض” بحلول عام 2027 – وهو نحو تريليون دولار في مجموع إيرادات سلسلة الثروة المالية، تزداد أيضًا “اتصالية إدارة الثروة عبر الحدود”، مع زيادة تدفقاتها إلى مراكز الحجز الرائدة في آسيا، وهي هونج كونج وسنغافورة، تمثل هذه التدفقات حوالي 3.5 تريليون دولار من الأصول المحجوزة بحلول عام 2027، علاوة على ذلك، تُطلب إدارة الثروات ليس فقط في مجال التراكم ولكن أيضاً في مجال التفريغ حيث يظهر العملاء في آسيا والمحيط الهادئ حاجة متزايدة إلى صندوق تقاعدهم، خاصة في الدول الناشئة.

تاريخياً، كان لخدمات إدارة الثروات تركيز أعلى على فئة الأفراد عاليي الثروة (HNWI)، ومع ذلك، تزداد نسبة حصة فئة الأثرياء، حيث من المتوقع أن تصل إلى 34 في المئة من أصول الثروة على الأرض بحلول عام 2027، مع نمو متوقع بمعدل مركب سنوي بنسبة 8 في المئة من عام 2022 إلى عام 2027، هذه هي فئة لم يتم استغلالها بشكل جيد، حيث تشهد تسرباً منخفضاً في إدارة الثروات بنسبة 15 إلى 20 في المئة حسب آخر تقديرات، إن المشكلة تكمن أيضاً من جهة الطلب، حيث لا يتمتع الناس بالمعرفة المالية الكافية، ولا يعلمون بأن هناك انحرافاً معيباً فيما يتعلق بالأمور المالية يحدث.

الوصول إلى نقطة تحول

في العقد 1990، وصلت الولايات المتحدة إلى نقطة تحول عندما بلغت الأصول الإجمالية لصناديق الاستثمار المشترك (AuM) كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) 18 في المئة، من ثم، حدث نمو مستدام في AuM لصناديق الاستثمار المشترك بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 10 في المئة حتى عام 2022، عاشت البلدان المتقدمة في آسيا والمحيط الهادئ نقطة تحول مماثلة في عام 2002، حيث نما نمو AuM لصناديق الاستثمار المشترك بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 18 في المئة حتى عام 2022.

أظهرت البلدان الناشئة في آسيا والمحيط الهادئ نقطة تحول مماثلة تقريباً منذ عام 2021 (عندما بلغت AuM لصناديق الاستثمار المشترك كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 17 في المئة)، وبالمثل للزيادات في المناطق الأخرى، يمكن أن تشهد البلدان مثل الهند وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند وفيتنام نمواً كبيراً في AuM في السنوات القادمة.

الآن تواجه تقنيات الثروة نقطة تحول، المناظر الاقتصادية وإدارة الأصول الحالية تخلق فرصاً حيث يمكن أن تقدم العروض الأكثر فاعلية من حيث التكلفة من قبل شركات تقنيات الثروة حلا لضغوط التكاليف المتزايدة وتقلص الإيرادات.

احتياجات العملاء الناشئة: إحياء الفرص

تتغير متطلبات العملاء، إذ يبحثون عن استشارات مالية تعتمد على الاحتياجات، وعن تفاعل متعدد القنوات عبر منصة رقمية هجينة، وعن حلا شخصياً يُقدم بشكل مجمع، مع هذا ومع نمو التكنولوجيا في الصناعة، نتوقع مستقبلاً مختلفاً تماماً لصناعة إدارة الثروات يتحدى نماذج العمل التقليدية ذات اللمسة الشخصية العالية، من المتوقع أن يتضمن المستقبل مستوى من “الاستشارات حسب الطلب” أو “الاستشارات الهجينة” بفضل التكنولوجيا الحديثة، يمكن لشركات تقنيات الثروة أن تتخذ الخطوات الآن لتحديد “الحق في المشاركة والفوز” في هذا المجال.

كسر رمز اقتصاديات تقنيات الثروة

تسارعت تقنيات الثروة بسرعة لتحقيق الاختصاصية في مجال الاستشارات التي يبحث عنها العملاء، ومع ذلك، لم يتمكن أحد في الصناعة بعد من كسر الرمز لتحقيق اقتصاديات الحجم، الوصول إلى الاستدامة الذاتية والربحية والقابلية للتوسيع هو عقبة صعبة بشكل خاص.

سلسلة قيمة إدارة الثروات: تفكيك العناصر

سلسلة قيمة إدارة الثروات معقدة وتشمل العديد من العناصر، ولكل عنصر مجموعة فريدة من الأنشطة، نرى معظم أماكن القيمة لشركات تقنيات الثروة في التوزيع والتصنيع، لقد حدد معهد ماكينزي McKinsey ثلاثة أنماط رئيسية تتجسد لتلبية احتياجات النمو في منظومة إدارة الثروات وتحقيق “نصائح للجميع” واقعاً.

• نمط 1: تقنيات الثروة المباشرة للمستهلكين (D2C)

هذه تقنيات الثروة متعددة الأصول، منصات رقمية تقدم أصولًا مدرجة علنيا وأصولاً خاصة، حيث يتم تقديم الاستشارات إما عبر الوسائط الرقمية بشكل نقي أو عبر القنوات الهجينة، أو مزيج من الاثنين، قدمت هذه الشركات الاستشارات المالية بشكل ممكن للعملاء الشاملين وأصحاب الثروات العالية، بينما تقدم تجارب رقمية موسعة لعملاء الثروة العالية الصافية.

• نمط 2: مزودو حلا تقنيا للمؤسسات المالية (B2FI)

هؤلاء مزودو حلا تقنيا لتقنيات الثروة مهمين في مساعدة المؤسسات المالية أو تقنيات الثروة الأخرى على بناء أو تعزيز قدرات إدارة الثروة الرقمية لديهم عبر سلسلة قيمة إدارة الثروات، يُركز بعضهم على تطوير وتقديم حلول تكنولوجية لأجزاء معينة من سلسلة القيمة، مثل الجزء الأمامي لنهاية البيع أو محافظ النموذج الرقمي، وتقدم البعض الآخر حلاً شاملاً ومتعدد الأجزاء ومنتهي المنتهى يقوي محفظة إدارة الثروات الرقمية للمؤسسة بوظائف محسنة وسعي لدمج كل خطوة في سلسلة القيمة في البنية المعمارية الحالية.

• نمط 3: مزودو حلا تقنيا للمستشارين الماليين (B2FA)

يركز هذا النمط على تقديم أدوات رقمية وواجهات مصممة خصيصاً للمستشارين الماليين والوكلاء، بوسائل هذه الأدوات الرقمية، تهدف تقنيات الثروة لزيادة كفاءة عمل المستشارين الماليين، مما يتيح لهم تخصيص المزيد من الوقت لخدمة العملاء وتقديم المزيد من الخبرات والرؤى، علاوة على ذلك، يمكن للعملاء تتبع استثماراتهم رقمياً على نفس المنصة، تتبنى بعض المنصات الرائدة في الصناعة نهجاً مختلفاً عن طريق عدم تحصيل رسوم على العملاء لاستخدام المنصة، مما يتحدى السيطرة “على أساس العمولة” في الصناعة التقليدية لإدارة الثروات.

التحدي الكبير يكمن في مجالي القياس والتوافق، بالنسبة لمنصات مثل منصة ماكينزي McKinsey ، يعد التوافق مفتاحياً بالنسبة لأنه يمكن من خلاله أن يتيح لأنظمة ومنصات ومؤسسات مختلفة العمل معاً بسهولة، وسيعزز ذلك التجديد والكفاءة بمزيد من التمكين للأطراف المتنوعة لمشاركة الموارد والبيانات والقدرات، وهذا يعني أن المنصات يمكنها أيضاً توسيع قاعدة مستخدميها ودعم العملاء ليس فقط بل وأيضاً عملاء الشركات.

صناعة التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على وشك أن تشهد نمواً كبيراً، حيث يتوقع زيادة سنوية متوقعة بنسبة تتراوح بين 25% إلى 30% من إجمالي الأصول المدارة (AuM) الحالي، والذي يبلغ نحو 600 مليار إلى 700 مليار دولار، عبر الأنماط الثلاثة المعترف بها، يتيح هذا السوق الفرصة لتضاعف أو تربيع القيمة الحالية للأصول المدارة بحلول عام 2027، مما يمثل فرصة هائلة للشركات للوصول إلى مليارات الدولارات في الإيرادات في السنوات القادمة، ومع ذلك، يأتي النمو السريع لصناعة التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مع تحديات معينة.

تحويل المفاهيم الرئيسية لصناعة التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات

لقد حدد معهد ماكينزي McKinsey ستة مجالات يمكن لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات أن تتقنها لاستغلال الإمكانات الهائلة في هذه الصناعة:

1. صياغة استراتيجية للشراكات التوزيعية للتوسع البرمجي
يتضمن إنشاء استراتيجية شراكة شاملة لاكتساب العملاء بطريقة برمجية نهجاً مستفيضاً للتعاون، تتطلب تحديد الشركاء المحتملين بحثاً دقيقاً، وهذا يتجاوز الاعتبارات على السطح ويتعمق في خصائص الشريك مثل قاعدة العملاء والقدرات التكنولوجية وسمعة العلامة التجارية، على الرغم من هذه التحديات، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات الاستفادة من التآزر وضمان النمو المستدام من خلال التحالفات المفيدة للجانبين.

2. إعادة تصوّر تغطية الجغرافية والتكامل عبر الحدود
في عالم مع تدفقات الثروة عبر الحدود المتنامية، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات إعادة تعريف استراتيجيات التغطية الجغرافية لتضمين سياقات تدفق الثروة وممراتها، يمكن أيضاً أن تكون هذه الاستراتيجيات وسيلة لتوسيع وتنويع مصادر تمويل شركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات.

3. اعتماد التسويق القائم على البيانات والتوجيه الخاص بالفئات
لديها شركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات فرصة للإفراج عن قوة التسويق القائم على البيانات لزيادة اكتساب العملاء والكفاءة، من خلال الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات المتقدم لبناء نظام توصيات قائم على العملاء قوي ومحوري، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات فهم وتجزئة العملاء وإرسال حملات رقمية خاصة بفئة معينة.

4. إنشاء تجارب رقمية شخصية من الدرجة العالمية
لرفع مستوى التخصيص لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات الاستفادة من تحليل البيانات وتعلم الآلة لتجزئة قاعدة عملائها، وتمكين تصنيف وتشكيل سريع للعملاء، وتقديم عروض مصممة خصيصاً، أدوات خدمة العملاء قائمة على الذكاء الاصطناعي مثل الدردشة الآلية يمكن أن تمكن من التفاعل السلس والشخصي. ويمكن للاقتصاد السلوكي أن يضيف طبقة أخرى من التخصيص.

5. الكشف عن المجالات البيضاء الناشئة بالقدرات التكنولوجية الأساسية
يمكن استخدام مزايا قيمة شركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات المتوفرة حاليًا، مثل قدرات تجميع النقد وإدارة النقد، لاستهداف المجالات البيضاء في منظر الإدارة الحالي للثروة.

6. تحويل مشاركة العملاء وتوليد البصيرة باستخدام أدوات التحليل الرقمي
يعتبر تحسين استراتيجيات البيع ضرورياً بالنسبة لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات مع تطورها وتوسيع تأثيرها. يمكن لتحليل البيانات التنبؤية، على سبيل المثال، التنبؤ بتفضيلات العملاء مما يسمح بالتخصيص، في حين يمكن لأدوات الرصد الرقمية مثل تكوين العملاء توفير رؤى قيمية لمستشاري الأمور المالية بشأن العملاء عاليي القيمة، يمكن أن تتيح هذه الأدوات التحليلية الرقمية بناء علاقات أقوى بين العملاء والمستشارين وتحسين النتائج.

اعتبارات للمستقبل

تتطلب هذه المجالات المذكورة أعلاه التفوق في المواهب والقدرات، وذلك بفضل قيادة استراتيجية قوية وفرق عمل ماهرة، من خلال الجمع بين القيادة الرؤية والتنفيذ الكفء، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات إنشاء إطار شامل للنجاح في منظر الإدارة المالية المتطور باستمرار.

النجاح في هذا المجال يثير أسئلة رئيسية:

• هل ستنتقل فئات العملاء لاعتماد التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات – وتحديداً فئة أصحاب الأموال العالية الثروة – مع استخدام النفسي لمنصات الثروة؟
• كيف سيؤثر صعود شركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات على مؤسسات الأمور المالية الحالية؟
• مع التأثير الحالي على جولات التمويل، هل ستكون مساحة التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات قادرة على تجميع القوى؟
• كيف يمكن للأطُر التنظيمية أن تدعم نمو التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات؟

تمثل صناعة إدارة الثروات مجالاً متعدد الجوانب ومتطور باستمرار، على الرغم من التحديات، تمثل الثروة الرقمية الحديثة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ شريحة نامية في انتظار الاستفادة منها، من خلال نهج اختبار وتعلم واعي، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات الاستيلاء على الفرصة وفتح الباب أمام مستقبل التكنولوجيا المالية لإدارة الثروات.