لقد خلق الله تبارك وتعالى الإنسان وأسكنه الأرض ليعمر فيها ويعبد الله تعالى، حتى إذا جاء أجله قبض روحه ليرحل عن الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، وعند ذلك يغسل ويكفن ثم تقام عليه صلاة الجنازة بهدف الدعاء للميت والاستغفار له قبل أن يدفن في قبره، وهذه تسمى صلاة الجنازة الحاضرة، ولكن هناك من تقبض روحه بعيدًا عن أهله ووطنه ويدفن بعيدًا عنهم، فعند ذلك يجوز لأهله أن يقيموا عليه صلاة الغائب.
ما هي الصلاة على الغائب وكيف تصلى ؟
ما هي ؟
صلاة الغائب هي صلاة الجنازة التي يصليها المسلمون على موتاهم الذين لم تصل أجسادهم على مكان المصلى، وذلك كأن يموت الإنسان في مكان بعيد عن وطنه وأهله أو يموت المسلم في بلد تدين بدين غير دين الإسلام ولا يوجد من المسلمين من يصلي عليه صلاة الجنازة أو يموت المسلم محروقاً فتأكله النيران أو تأكله الوحوش والحيوانات والطيور أو يموت المسلم غريقا في البحار، لذلك شرع الإسلام صلاة الغائب على هذا الميت من أجل الدعاء وطلب المغفرة له والتوسل إلى الله بأن يرحمه ويغفر له ذنوبه ويدخله فسيح جناته وأيضاً من باب التآسي والاقتداء برسول الله صلى اله عليه وسلم حيث ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصحابه يوم مات النجاشي ملك الحبشة رحمه الله، فنعاه لهم، وصفهم وصلى عليه صلاة الجنازة.
الكيفية
لكل انسان منا أجل محدود ومكان تقبض فيه روحه ووقت للقاء ربه ولا يمكن تقديم ذلك أو تأخيره كما قال تعالى: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)، وتكون الصلاة على الميت الغائب بنفس الكيفية التي تؤدى بها صلاة الجنازة على الميت الحاضر فلا فرق بينهما وذلك على النحو التالي:
- صلاة الغائب يجب فيها الطهارة لأنها صلاة تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم.
- لابد فيها من استقبال القبلة.
- ينوي المصلي أداء صلاة الغائب على المتوفى.
- يكبر المصلي التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام يقرأ بعدها بفاتحة الكتاب دون استفتاح وتكون القراءة سرية للإمام والمأموم.
- التكبيرة الثانية وبعدها يقرأ الصلاة الإبراهيمية التي بالتشهد، وهي (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
- الكبيرة الثالثة وبعدها يدعو للميت بأي صيغة ويخلص في دعائه ويستحب الدعاء بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهُمَّ، اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ».
- التكبيرة الرابعة ويدعو المصلي بعدها لنفسه ولجميع المسلمين (اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله).
متى تصلى ؟
صلاة الغائب تُصلّى بعد علم المصلين بوفاة الميت، وتُصلّى في أي وقت مناسب للمصلين، كما تجوز صلاة الغائب في أي وقتٍ جماعةً وفُرَادَى، سواء كانت صلاتها عقب صلاة الجمعة أو غيرها، دائمةً كانت أم غير دائمة، ولكن من الأفضل أداؤها في وقت الصلاة التي تليها مباشرة، مثل صلاة الظهر إذا كان الشخص قد غاب عن صلاة الفجر، وصلاة العصر إذا كان الشخص قد غاب عن صلاة الظهر، وهكذا، ويمكن أيضاً أن يصلي الشخص صلاة الغائب في أي وقت آخر من اليوم، حيث لا يوجد وقت محدد لأدائها طال الزمن أو قصر.
