إن قصص الأنبياء والرسل التي ذُكرت في القرآن أتت كي نتعلم منها عظات وعبر تساعدنا على عبادة الله بشكل صحيح، بالإضافة إلى كونها تعرّفنا حياة الأمم الكافرة التي عاشت قبلنا وأهلكها الله بطرق قاسية، حتى أن بعضها أزالها الله عن بكرة أبيها، واليوم حديثنا عن النبي الذي عاقبه الله وهو من المواضيع التي قد تصيبك بالعجب عزيزي القارئ كون الرسل والأنبياء مبلغين لرسالة الله ويسيرون وفق نهجه وعبادته، فماذا فعل هذا النبي حتى يعاقبه الله؟ وما هو العقاب الأليم الذي اختاره له الله؟ وكيف انتهت عقوبته؟ كل هذا ستجده متوفرًا بإذن الله في مقالنا اليوم فكونوا معنا.
النبي الذي عاقبه الله
قصة النبي الذي عاقبه الله
إن رغبت في تثقيف طفلك بشكل ديني صحيح يمكنك البدء فورًا بسؤاله أسئلة دينية بسيطة تجذب انتباهه للقصة التي سوف تحكيها له، ولن تجد أروع من قصص الأنبياء لتكون بداية لتربية طفلك على الدين وكيفية اكتساب مهارات أسرية مثل التعاون المنظم، كما أن تعويد الطفل على أن تقص له حكاية قبل النوم يساعد في عدم حدوث أي تفكك أسري لا قدر الله بينكم، لهذا اليوم يمكنك أن تقص عليه قصة هذا النبي.
في الحقيقة وردنا في القرآن الكريم وكتب التفسير الدينية أن هذا النبي هو سيدنا يونس عليه السلام، وقد أرسله الله إلى قرية اسمها نينوي وقومها كانوا أثرياء ومتمسكين بكفرهم لأبعد مدى، حتى أنهم لم يسمعوا أبدًا للنبي يونس الذي أرسله الله لهدياتهم، وعزوفهم عن الإيمان بسيدنا يونس جعله يتوجه إلى ربه شاكيًا أفعال قومه.
ما سبب غضب الله على سيدنا يونس؟
ظل سيدنا يونس يتحدث إلى أهله باللين خوفًا عليهم من عقاب الله، لكنه في لحظة من اللحظات شعر باليأس منهم، فتركهم ليكونوا ممن أهلك الله مثل الأمم التي سبقتهم وتمسكت بكفرهم، وذهب وهو غاضب إلى شاطئ البحر وركب سفينة كانت محملة بالرجال والبضائع، وتلك الجزئية تحديدًا وصفها الله في كتابه العزيز قائلًا: “وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَن نَقْدِرَ عَلِيْه” ( سورة الأنبياء: 87 ).
وبعد وصول السفينة إلى منتصف البحر هبت رياح قوية للغاية، وهدر الموج بشكل مرعب، هنا كادت السفينة أن تغرق لثقل حملها، الأمر الذي دفع قبطانها لاتخاذ قرار بتخفيف حمولة المركب، حتى لم يبق سوى الأشخاص الراكبين على ظهرها فقط، فكان الحل الأخير لإنقاذ البقية أن يتم إلقاء أحد الركاب في البحر، فقاموا بعمل اقتراع لاختيار الشخص عشوائيًا، وقد كان سيدنا يونس عليه السلام فألقوه الرجال في البحر الهائج ليواجه مصيره غرقًا.
وهنا تأتي رحمة الله حيث انقذه الله بطريقته الخاصة وفي ذات الوقت كانت بداية لتعليم يونس درسًا آلاهيًا لا يمكنه نسيانه فيما بعد، فقد أمر الله حوتًا ضخمًا بالتقام يونس، وهنا تأتي المعجزة فقد أوضح علماء العصر الحديث أن الحوت الأزرق ليس له أسنان، وأن فمه من الداخل مهول الحجم حتى أنه يسع رجلًا كامل البنيان واقفًا دون أن يشعر بأي ضيق، وظل هناك ماكثًا يدعو الله أن يغفر له ذلته، وورد دعائه في القرآن قائلًا: “سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْن” ( سورة الأنبياء: 87 ).
ما هو الخطأ الذي ارتكبه سيدنا يونس؟
لابد أن نوضح أولًا أن مقولة النبي الذي عاقبه الله ليست بالمعنى الصريح المفهوم من العبارة، فالله يختار أنبيائه ورسله وهم جميعًا من الصالحين، لكن ما يؤخذ على سيدنا يونس ابن متى أنه تسرع في مغادرة قومه غضبًا من استمرارهم على الكفر بالله، وهذا يعني أنه غضب من أجل الله وليس يأسًا من تحقيق مهمته وهي أن ينجح في هداية قومه أو بعضهم على الأقل.
والدليل على ذلك قوله تعالى: “لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِيْنَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِيْن”، بالإضافة إلى قول النبي الكريم “ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى”، فالله كان رحيمًا به لأبعد مدى، لكن تجربة الحوت كان لابد منها حتى يتعلم النبي من خطأه فلا يكرره مرة أخرى.
كم عاش يونس عليه السلام في بطن الحوت؟
في الحقيقة المدة غير محددة فهناك أقوال تقول لم تزد عن 3 أيام، وأقوال أخرى تقول زادت عن تلك المدة بأيام لكن العلم عند الله، وبما أننا نتحدث عن النبي الذي عاقبه الله (سيدنا يونس) فمازال هناك بقية للقصة، حيث استجاب له لدعائه وجعل الحوت يلفظه على شاطئ أمن، لذلك فإن اسم سيدنا يونس هو نفسه إجابة سؤال: من هو النبي الذي اخرجه الله من بطن الحوت؟، وهو نفسه إجابة سؤال من هو النبي الذي ولد مرتين من بطنين؟.
ما هو نوع الحوت الذي ابتلع سيدنا يونس؟
لكن ما زال هناك سؤال محير للغاية قد يسأله بعضكم وهو نوع الحوت الذي التقم سيدنا يونس، وفي هذا الشأن اجمع علماء كثيرون في عصرنا الحالي أن الحوت الأزرق هو من التقم يونس، والمعروف أنه ظل ماكثًا في فمه ولم ينزل إلى جوفه كما يظن البعض.
ما هو طعام سيدنا يونس في بطن الحوت؟
تلك بالذات أهم جزئية تخطر في بال كل من يتعرف على قصة سيدنا يونس لأول مرة خاصةً الأطفال، وفي هذا الشأن أجاب علماء المسلمين مستندين إلى القرآن الكريم حينما قال رب العزة: “فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين» سورة الصافات.
وهذا يعني أن سيدنا يونس كان صائمًا في بطن الحوت، لكن عندما لفظه الحوت على الشاطئ أنبت الله عليه شجرة من اليقطين لتحميه أوراقها العريضة من شدة حرارة الشمس، كما أن هذا النبات لا يقربه الذباب أبدًا، ويفرز مادة تشبه المضاد الحيوي ودوره في قصة يونس عليه السلام هو مساعدته في الشفاء من جروحه التي أصابته أثناء مكوثه في فم الحوت، ويمكنكم الإطلاع على حكمة الله في إنبات اليقطين بالقرب من سيدنا يونس من هنا.
جميل
ممتاز
شكرًا جزيلا