حكايات فلكورية عالمية: “قصة النملة والبرغوث”

كانت النملة تخبز على التنور، وأمامها طبق صفت عليه أقراص العجين، وبجانبها البرغوث يُشعل النار وينفخ.

dav

ولما اشتد اللهيب وأخذت النار تُقرقع والشرر يتطاير، ذُعر البرغوث ونط من خوفه فوقع في النار وانشوى!

أخذت النملة تبكي وتولول وتدق صدرها حُزناََ على البرغوث.

فسمعت شجرة الجوز صياحها وسألتها:

_ ما بك يا نملة؟

أجابت النملة:

_ آه آه أكاد أموت حُزناََ على البرغوث! نط نطة في الهوا، وقع في النار وانشوى!

حين سمعت الشجرة هذا الخطاب، غلبها الُحزن والاكتئاب، ولشدة حزنها وبُكائها تساقطت على الأرض أوراقها!

بعد قليل جاء سِرب من الغربان ليستريحوا فوق الشجرة.

ولما رأوها عارية سألوها:

_ ما لك يا جوزة بلا ورق؟ أين ذهبت أوراقك؟

أجابت الجوزة وهي تئن من الألم:

_ الجوزة بلا ورق، والنملة قُرب الطبق تكاد تهلك وتموت حُزناََ على البرغوث، نط نطة في الهوا، وقع في النار وانشوى!

انتفضت الغربان حُزناََ وغماََ فتطاير ريشها الأسود وتساقطت في بحيرة الماء حتى غطى سطح البحيرة.

نظرت البحيرة إلى الغربان وسألتها:

_ ما للغربان بلا ريش؟

قالت الغربان:

_ الغربان بلا ريش، والجوزة مثل الشيش، والنملة قد تموت حزناََ على البرغوث، نط نطة في الهوا، وقع في النار وانشوى!!

لما سمعت البحيرة هذا الخبر، هاجت وماجت واضطربت مياهُها وتعكرت حتى صارت مثل الوحل.

وجاءت العنزات لتشرب فلما رأت البحيرة معكرة سألتها:

_ ما للبحيرة معكرة؟

أجابت البحيرة وهي تتنهد ألماََ:

آه آه البُحيرة ذابت قهر، مياهها مثل الوحل! الغربان بلا ريش، والجوزة مثل الشيش، والنملة قد تموت حُزناََ على البرغوث، نط نطة في الهوا، وقع في النار وانشوى!

سمعت العنزات هذا الخبر فشهقن بالبكاء ولشدة حُزنهن رُحن يحفرن الأرض بقرونهن حتى تكسرت القرون وتناثرت في كل ناحية.

وجاء الراعي فرأى العنزات مُكسرة قرونهن فسأل:

_ ما بال العنزات بلا قرون؟

أجابت العنزات ودموعهن تجري فتسقي الأرض:

_ العنزات بلا قرون، والبحيرة ذابت قهر مياهها مثل الوحل، والغربان بلا ريش، والشجرة مثل الشيش، والنملة قد تموت حزناََ على البرغوث نط نطة في الهوا، وقع في النار وانشوى!

أخذ الراعي القرون وركبها على رأسه ثم قعد يبكي من الحزن!

بعد قليل وصلت بنت الراعي تحمل لأبيها صحن الطعام.

ولما رأته والقرون على رأسه قالت بصوت يقطعه الخوف:

_ ما لأبي من بعد عِزه له قرون؟

قال الراعي:

_ أبوك من بعد عزة له قرون، والعنزات بلا قرون، والبحيرة ذابت قهر مياهها مثل الوحل، والغربان بلا ريش، والشجرة مثل الشيش، والنملة قد تموت حُناََ على البرغوث، نط نطة في الهوا، وقع في النار وانشوى!

أخذت البنت تلطم وجهها، ولشدة حزنها كبت صحن الطبيخ على رأسها ورجعت البيت تتعثر في مشيتها.

حين رأتها أمها والطبيخ على رأسها صاحت:

_ ما بك يا ابنتي؟ ماذا أصابك؟

أجابت البنت:

_ أبكي وأصيح، على رأسي طبيخ، وأبي من بعد عزه له قرون، والعنزات بلا قرون! والبحيرة مثل الوحل، والغربان بلا ريش، والشجرة مثل الشيش، والنملة قد تموت حزناََ على البرغوث، نط نطة في لهوا، وقع في النار وانشوى!

لما سمعت الأم هذا الخبر المفجع حزنت حزناََ شديدا!! ووقع الصحن من يدها وتكسر.

في هذه الدقيقة دخل الصبي فوجد أمه حزينة وأخته قد غمر الطبيخ رأسها وثيابها فسألهما بلهفة:

_ ما بك يا أمي؟ ما لك يا أختي؟

قالت الأم: آه يا ابني، أمك حزينة، وأختك مثل المجنونة، وأبوك من بعد عزه له قرون! والعنزات بلا قرون! والبحيرة ذابت قهر، مياهها مثل الوحل، والغربان بلا ريش، والجوزة مثل الشيش، والنملة قد تموت حُزناََ على البرغوث، نط نطة في الهوا وقع في النار وانشوى!

قال الصبي: ولو!! كُل هذا من أجل برغوث؟ ما هذا الجنون؟ كفى! كفى!

وشمر الولد عن ساعديه، واقترب من أخته ونظف رأسها وثيابها، ثم ذهب إلى أبيه فنزع القرون عن رأسه وركبها على رؤوس العنزات، وجمع الريش من البحيرة فأعاده إلى الغربان، وردَّ إلى الجوزة أوراقها، وعزى النملة فكفكفت دموعها وهدأ روعها.

أما البرغوث فاحترق وصار رماداََ.

العوض بسلامتكم!!


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد