علاقة الأكل بالموروثات الشعبية

بقلم د.غادة لطفى
إن الأطعمة والمشروبات التى يتناولها الإنسان فى حياته اليومية تصبح جزءا لا يتجزء من أنسجة جسده وأساس من أسس إستمرارية حياته وتمتعه بالصحة والعافية لذا فقد إرتبط تناول الطعام والشراب منذ القدم بإستقرار الإنسان وبنائه للحضارات كما إرتبط أيضا بأغلب المناسبات الإجتماعية والأعياد الدينية والإحتفالات الوطنية كمظهر من مظاهر زيادة التقارب والتآزر الإجتماعى لما يقتضيه تناول الطعام من تبادل لأطراف الحديث والمزاح بين الناس.

ومن الجدير بالذكر أن كل دول العالم تختص بطهى أنواع من الطعام تميزها عن غيرها فى المناسبات الإجتماعية والأعياد الخاصة بها كما يتوارث طرق الطهى المميزة هذه الأجيال المختلفة كنوع من الموروثات الشعبية فمثلا فى مصر إشتهرت أطباق عديدة مثل الكشرى والكوارع والممبار ومحشى الكرنب والفسيخ كأنواع من الوجبات الوطنية الشعبية وفى الأردن وفلسطين عرف المسخن والمنسف وهى أكلات شعبية تتكون من اللحوم الحمراء أو الدجاج مضافا لها الأرز أو الخبز ويتم طهى هذه الأكلات بطريقة مميزة ويقابل ذلك أطباق الكبسة فى دول الخليج وخاصة السعودية والتى يتم فيها طهى اللحوم أو الدجاج مع الأرز طويل الحبة بطريقة خاصة تتميز بها كما إشتهرت دول كلبنان وتركيا بأطباق شعبية عديدة منها طبق اليبرق أو ورق العنب الملفوف والمحشو بالأرز واللحم المفروم وإشتهرت الصين بأطباق شعبية معينة كطبق الدجاج المملح والمضاف له عسل النحل والخضروات وإشتهرت الهند وباكستان بأطباق شعبية مكونة من الدجاج المطهى بطريقة معينة والمضاف له أعشاب وتوابل خاصة تكسبه لون وطعم مميز وقد إعتمدت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة والمختصة بالثقافة والتراث العالمى العديد من الأكلات والمشروبات فى دول العالم المختلفة كنوع من التراث الشعبى لهذه الدول كوجبة الكسكسى فى المغرب العربى والتى تتكون من حبيبات صغيرة من الدقيق مطهية بالبخار ومضافا لها اللحم والخضروات او محلاة بالسكر ومضافا لها الحليب والسمن أيضا إعتمدت منظمة اليونسكو بعض المعجنات مثل البيتزا كأكلة وطنية شعبية خاصة بدولة إيطاليا كما إعتمدت القهوة العربية كمشروب وطنى خاص ببعض الدول العربية وهكذا نجد أن الطعام بجانب أهميته الكبيرة فى بناء الجسد فهو فى غاية الأهمية فى بناء تراث الأمم من أطباق وطنية موروثة عبر الأجيال علاوة على ذلك نجد أنه قد إرتبطت الأمثال الشعبية للكثير من دول العالم بالطعام والشراب للتعبير عن مقاصد مختلفة فمثلا عندما يردد أحدهم المثل القائل ( بينا عيش وملح) فهو يبرهن به عن علاقة قوية تربطه بأحد الأشخاص وإذا أشار أحدهم لشخص ما قائلا (وشه يقطع الخميرة من البيت ) فهو يشير إلى أن وجوده فى المنزل فأل غير حسن على أهل الدار أما المثل القائل (الجعان يحلم بسوق العيش) فهو يعنى بأن من ينقصه شيئا ما فهو دائم التفكير به حتى أنه قد يراه فى منامه أما المثل القائل ( اللى إتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى) فهو يدل على أن من يتضرر من شئ ما يجعله ذلك شديد الحرص بعدها وهكذا نجد أن الكثير من الأمثال الشعبية المتوارثة عبر الأجيال قد إتخذت الطعام والشراب وسيلة لإهداء نصائح مجتمعية للعامة.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد