ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس

* المدرسة وأهميتها في المجتمع:

الجري نحو المدرسة

الجري نحو المدرسة

المدرسة هي البيت الثاني للطالب، واليد الحانية التي من المفترض أن تحمله برفق، وتذلل له الطريق نحو المعرفة واكتساب المهارات المختلفة في الحياة، والشريك المثالي للأسرة في تربية الأبناء، وحاملة نبراس العلم، والشعلة النابضة بالحياة من أجل بناء أجيال المستقبل.

ويجب أن تكون تلك المؤسسة العريقة مؤهلة لأداء هذا الدور العظيم في المجتمع، ويجب على الدولة والمجتمع والمؤسسات العامة والخاصة وكذلك الأفراد، أن يساهموا في نهضتها وتطويرها، والعمل معاً على تحقيق أهدافها السامية، والبالغة الأثر والخطورة في نهضة الأمم وتقدمها.

* أثر العلم في تقدم الأمم:

العلم ميراث الأنبياء، وسبب رئيسي من أسباب التقدم والازدهار، ولم ترتفع عبر التاريخ أمة من الأمم، إلا وقد أخذت بأسبابه، بعد أن ارتوت من هذا المنهل العذب، واستثمرته في خلق حضارتها وتقدمها، وعلى النقيض من ذلك، فكل أمة أهملت وفرطت في تعليم أبنائها، تحولت إلى أمة مستعمرة فكرياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً وربما عسكرياً في نهاية المطاف، وأصبح أمة ذليلة بين سائر الأمم.

ولأهمية التعليم، وأهمية دور المدرسة في المجتمع، نناقش في هذه المقالة الموجزة، أحد أهم القضايا التي تواجه المجتمع والأسرة العربية؛ إنها ظاهرة: “تسرب الطلاب من المدارس”.

* تعريف ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس:

إن ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس تعني ببساطة: عدم التحاق الطلاب بالمدرسة أو ترك النظام التعليمي قبل انتهاء المرحلة الدراسية التي يدرسون فيها بنجاح، ويمكن أن يشمل التسرب جميع المراحل التعليمية، والتسرب قد يكون بإرادة الطالب أو نتيجة لظروف خارجية قهرية أجبرته على ذلك، والاهتمام بمناقشة تلك الظاهرة يعود لخطورتها على المجتمع، لأنها تساهم في تفشي الأمية والجهل والبطالة في المجتمع.

* ما هي أسباب ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس؟

إن أهم أسباب تلك الظاهرة هو تدنى مستوى التحصيل العلمي للطالب، والرسوب المتكرر، والذي قد ينتج عنه نظرة سلبية في التعامل مع الطالب، فتنعكس على هيئة سلوك سلبي يتمثل في سوء معاملة الطالب سواء من قبل أفراد الأسرة، أو من طاقم التدريس بالمدرسة، أو من وزملاء الدراسة، وهذا السلوك قد يسبب للطالب نوع من  الإحباط، وقد يدفعه لترك الدراسة.

كما أن ضعف قدرة الطالب على الاندماج والتفاعل مع الأصدقاء في المدرسة ومع المدرسين قد يدفعه للانعزال عنهم، ثم يتحول إلى نفور عن المدرسة، وقد يؤدي في النهاية إلى ترك الدراسة بالكلية.

بالإضافة لذلك، يعد تدنى مستوى المعيشة، وعدم القدرة على توفير احتياجات الطالب الدراسية، وحاجة بعض الأسر المادية، أهم أسباب تسرب الطلاب عن الدراسة، لأنه قد يدفعهم لتشغيل الطالب في سن مبكرة بجانب الدراسة، أو إخراجه من المدرسة للمساعدة في تحمل نفقات الأسرة.

وأحياناً يكون السبب هو نفور الطلاب من المدرسة بسبب المبالغة في العقاب، أو التمييز بين الطلاب في التعامل، أو طول وتعقيد المناهج الدراسية، وأساليب التدريس التقليدية المعقدة، وكثرة الواجبات المدرسية، والتركيز على الجانب النظري، وإهمال التطبيق العلمي لتلك المواد الدراسية، وعدم وجود أنشطة وفعاليات تراعي ميول الطلاب.

وهناك عدة أسباب أخرى يطول حصرها وشرحها، وتلعب دوراً هاماً في تسرب الطلاب عن الدراسة، منها: التفكك الأسري الناتج عن الطلاق أو الخلافات الزوجية أو نتيجة الانشغال بتعدد الزوجات، وإهمال الآباء لدورهم في رعاية الأبناء، وكذلك الزواج المبكر للفتيات، وغيره من الأسباب المختلفة.

* الحول المقترحة لعلاج ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس:

من الحول المقترحة لعلاج تلك الظاهرة؛ إصدار القوانين التي تحمي حقوق الطلاب في التعلم، ونشر الوعي في المجتمع بأهمية التعليم، والتأكيد على حصول جميع الطلاب على التعليم، ودعم مجانية التعليم، ودعم الأسر الفقيرة لتتمكن من إرسال أبنائها إلى المدرسة، وإقرار مناهج تعليمية مناسبة، وتدريب المدرسيين وتأهيلهم للتعامل مع مختلف الطلاب بمختلف المستويات التعليمية؛ وخاصةً الطلاب أصحاب المستوى الدراسي المتدني.

إن أحد أهم أسباب العلاج، يكمن في تحقيق العدالة في التعامل بين الطلاب، وعدم التمييز بين الطلبة داخل أسوار المدرسة، ومنع العقاب بكل أشكاله وأنواعه، والسماح للطلبة المتسربين بالالتحاق بالدراسة بغض النظر عن سنهم، وتوسيع انتشار مراكز محو الأمية للمتسربين الذين ارتدوا إلى الأمية، وتوفير تعليم مهني يتناسب مع قدراتهم العقلية، ومستوياتهم الاجتماعية، وأعمارهم السنية.

* أخيرا:

نحن على أعتاب عام دراسي جديد، ونريد للطلاب أن يركضوا حباً نحو المدرسة، ورغبة في التعلم، وألا يركضوا هرباً وخوفاً منها، ولا تزال الفرصة سانحة لعلاج تلك الظاهرة التي أصبحت واقعاً ملموساً، وظاهرة متجذرة في المجتمع، وسوف تؤثر حتمًا على تقدم الوطن واستقراره، ولن تختفي إلا بتكاتف الجميع، ونشر الوعي بأهمية التعليم، وخلق ترابط بين الأسرة والمدرسة، وتلاحم الدولة مع المجتمع المحلي للبحث عن أسبابها، واقتراح وتنفيذ الحلول الناجعة لعلاج تلك الظاهرة السلبية والخطيرة على المجتمع.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. مدارس الخير يقول

    طرح جميل وأسلوب عرض متميز