يوم القهوة العالمي 2023| كيف تحولت من مشروب نخبوي إلى عادة شعبية يومية

مع إشراق اليوم الأول من أكتوبر كل عام، تنبض الحياة بروح القهوة ورائحتها الساحرة، فهذا هو التاريخ الرسمي المعتمد من المنظمة الدولية للقهوة في مارس 2014 م ليكون جزء من معرض اكسبو 2015، ومنذ هذا العام أصبح يوم القهوة العالمي مخصصًا للاحتفال بشغفنا تجاه هذا المشروب الساحر الذي كانت بداية ظهوره بمثابة كنز يُخفى عن أعين العامة، فقد كان حكرًا على الأثرياء والنخبة، ومع مرور الزمن تحول إلى عادة شعبية للجميع وجزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية.

يوم القهوة العالمي 2023| كيف تحولت من مشروب نخبوي إلى عادة شعبية يومية

أسطورة ظهورها وثلاث روايات عن انتشارها

أسطورة ظهورها وثلاث روايات عن انتشارها

في اليوم العالمي للقهوة دعنا نتتبع تاريخ ظهورها في المنطقة العربية الذي يعود إلى الحبشة موطن زراعة شجر البن، وقد شهدت حبات القهوة العديد من الروايات الأسطورية التي توضح بداية ظهورها لعل من أبرزها قصة راعي الغنم الذي لاحظ الحيوية والنشاط على غنمه عندما تناولت إحدى الحبوب الموجودة على أشجار القهوة ما أثار فضوله لتجربتها، فوجد أنها تعمل على تنشيط العقل وإمداد الجسم بالطاقة، فيقرر طحن تلك الحبوب وتبدأ رحلة فنجان القهوة في الظهور إلى النور.

في حقيقة الأمر تعود فكرة انتشار مشروب القهوة في المنطقة العربية إلى رحاب الصوفية في اليمن، وتباينت الروايات التاريخية حول ثلاث شخصيات يمنية صوفية كان لهم الفضل في انتشارها:

  1. علي بن عمر الشاذلي: تؤكد المصادر الأدبية فضله في انتشار القهوة بين جماعة الصوفية، وتستدل على ذلك بتسمية القهوة باسم (الشاذلية) في بعض المناطق باليمن.
  2. جمال الدين الذبحاني: تشير المصادر التاريخية إلى أنه نشر مشروب القهوة بين اتباعه من الصوفيين بعد أن تعرف عليه خلال سفره من عدن للحبشة، حيث وجد أهلها يتناولون مشروب يسمى (القهوة) يُحدث يقظة ونشاط لهم.
  3. أبو بكر العيدروس: تذكر الروايات التاريخية إحدى زياراته السياحية التي أخذته لشجر البن فأكل من ثمارها وأخذها قوتًا لطعامه وشرابه خلال رحلته، لما رأى فيها من تنشيط للعبادة واجتلاب للسهر، ونشر ذلك المشروب في اليمن والحجاز ومصر عندما جاء في زيارته للقاهرة عام 1486م.

القهوة للنخبة والعرقسوس للعوام

القهوة للنخبة والعرقسوس للعوام

بالعودة لبداية مسيرة القهوة في المصادر التاريخية نجد ما ذكره الأب فانسليب في زيارته لمصر عام 1671م بأن القهوة بدأت مشروب خاص بنخبة المجتمع، في حين اقتصرت مشروبات العوام الترفيهية على ماء العرقسوس، وفي الأعياد كانوا يصنعون شرابًا خاصًا (السوبيا) وكان يتم تصنيعه من بوظة الأرز.

اكتسب البن أهمية كبيرة لدى جماعة النخبة، وكان رمز للهدايا القيمة بين البكوات المماليك، وأصبح تقديم القهوة من أساسيات الضيافة لديهم فهي تدل على كرم المضيف وتقديره لضيوفه، ما جعل كبار القادة يخزنون كميات بن كثيرة في منازلهم نظرًا للكميات الكبيرة المستهلكة في ظل استقبال العديد من الأمراء والملوك.

لقد ارتبط مشروب القهوة إلى حد كبير بطبقة الأثرياء في الحقبة العثمانية بمصر، فقد كان لها آداب وطقوس خاصة لتقديمها في المجالس ولكنها لم تستمر كثيرًا، فمع بداية عصر محمد علي باشا والتغيرات الاجتماعية التي حدثت في عهده وقضاؤه على جزء كبير من طبقة الأثرياء من مشايخ وأعيان وبكوات، فقدت تلك الطقوس مكانتها.

كانت محاربة محمد علي للوهابين  في عام 1811م نقطة تحول القهوة من شراب نخبوي لمشروب شعبي وسلعة ضرورية بين الناس، حيث يشير الجبرتي في كتابه “تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار” أن تلك الحرب أدت لانقطاع وصول البن للبلاد، وبسبب كميته القليلة في الأسواق قام التجار بخلطته بأنواع عدة من الحبوب كالقمح والشعير والفول، وأصبح يباع للجميع دون اقتصار على فئة محددة.

منذ تلك اللحظة وحتى وقتنا هذا أصبح فنجان القهوة مشروبًا شعبيًا تنتشر رائحته بنكهاتها المتعددة في المقاهي والمنازل والمكاتب معلنة بداية يوم جديد مُمتلِئ بالحيوية والنشاط، وتم تخصيص يوم القهوة العالمي ليحتفل به الجميع من عشاق هذا المشروب حول العالم.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. Mohamed Abbas يقول

    مقال رائع جدا …ومعلومات ذو قيمة …واحب ان اضيف ان القهوة افضل مذاق على الاطلاق مشروب ساحر ينعش الجسم والعقلية الذهنية ويعتبر مكافاءة للانسان ومكانتها العالية من مكانة من تشرب معه القهوة لا تشرب الا مع من تحلو معه الحياة