مَن هو فاوست؟ ولماذا باع روحه للشيطان؟

كثيرة هي الشخصيات التي كان لها دوي كبير في حياة البشر، وحصلت على شهرة عالمية، ومن فرط شهرتها والاساطير التي دارت حولها أمست حقيقة بالنسبة للناس، ومن هذه الشخصيات ” دون جوان ” الذي كان معبود الناس، وفاوست الذي باع نفسه للشيطان، لكن على الرغم من أن هذه الشخصيات مجرد شخصيات أدبية في الأصل فإنها نالت ما لم تناله شخصيات واقعية إلا أن شخصية فاوست كان لها أصل في الواقع، لكن مع كل ذلك مَن هو فاوست؟ ولماذا باع روحه للشيطان؟

البداية

ظهرت شخصية فاوست في البداية على يد جيسون كولافيتو الكاتب الألماني الذي أبدع هذه الشخصية، وكان ذلك عام 1587، ثم تناول هذه الشخصية مرة أخرى الشاعر الإنجليزي ” كريستوفر مارلو ” فأخرج قطعة فنية مازالت تحيا حتى الآن، ثم آتى أخيراً الأديب الألماني الكبير يوهان جوتة فكتب مسرحيته التي نال شهرته العالمية عن هذه الشخصية.

قصة فاوست

أما القصة فتدور أحداثها حول ولد صغير يتيم تبناه عمه فأكرم مثواه ثم أتم تعليمه في الجامعة بعد أن درس اللاهوت، لكنه سأم من دراسته فاتجه لدراسة الكيمياء والعلوم والرياضيات، وانشغل كثيراً بكتب التنجيم والسحر والشعوذة التي كانت ثقافة سائدة في ذلك العصر، وما إن تمكن من هذه الدراسة حتى أحضر شيطان يدعى ” ميفيستوفيليس ” وعقد معه صفقة دموية يحصل من خلالها فاوست على كل المتع الدنيوية، والمعرفة التي لم يستطع تحصيلها، في مقابل أن يحصل الشيطان على روحه بعد أربع وعشرون عام، لكن ما إن انتهى الوقت حتى رفض فاوست أن يُعطي روحه للشيطان، فقام الشيطان بدوره بقتله وتشويه جسده.

جوتة ومسرحية فاوست

كتب الأديب الألماني الكبير جوتة هذه المسرحية في جزأين وقد اهتم في الجزء الأول منها بشخصية فاوست الذي باع روحه للشيطان، لكن على الرغم من النجاح الذي حققه الجزء الأول من المسرحية والذي نشر عام 1808 م إلا أن الجزء الثاني من المسرحية لم يتطرق كثيراً للأحداث والشخصية، لكنه ناقش فيه العديد من القضايا الاجتماعية والفلسفية ورؤيته للحياة، وقد امتاز هذا الجزء بالكثير من الغموض والخفايا، فلقد كتبه جوتة في السنوات الأخيرة من عمره، وبدا واضحاً في هذا الجزء الاهتمام بالقضايا السياسية في عصره.

Fantasy Based on Goethe’s ‘Faust’ 1834 Theodore Von Holst 1810-1844 Purchased 1990 https://www.tate.org.uk/art/work/T05747

شخصية فاوست الحقيقية

هذه القصة التي أصبحت رمزاً بين الناس، وتحولت من قصة خيالية نابعة من خيال الأدباء إلى حقيقة واقعة في وعي الناس، وقد آمن الكثير بفكرة بيع روح الإنسان للشيطان، بل إنها أصبحت من المسلمات، لكن على الرغم من كل ذلك فإن شخصية فاوست التي تناولتها أقلام الأدباء كانت شخصية حقيقية بالفعل فهو الدكتور ” يوهان فاوست ” خيميائي شهير يعمل بالتنجيم والسحر وُلد سنة 1480 وتوفي عام 1540 وعاش إبان عصر النهضة، وتناولت سيرته الناس ونسجوا حوله الكثير من الأساطير الغريبة هذا ما يذكره التاريخ عن هذه الشخصية الغامضة، ومن العسير جداً التأكد من صحة وجود هذه الشخصية، وكذلك الحصول على معلومات دقيقة عن تفاصيل حياته.

لكن أهم ما في الأمر أن هذه الشخصية التي أكدت بعض الدراسات حقيقتها لا تعبر سوى عن التمرد على الكنيسة في ذلك العصر، حيث كانت الكنيسة في أوج استبدادها ومحاربتها للعلوم والتطور، وبما أن الكيمياء أو الخيمياء كانت من العلوم الحديثة في ذاك الوقت، فساد الاعتقاد بأن هذه العلوم ما هي سوى مزيج من السحر والتنجيم، لذا ذاع صيت هذه المسرحية بشدة، حيث أنها كانت تمثل نقطة تمرد على توجهات الكنيسة عن طريق استخدام السحر والتنجيم بالإضافة إلى استحضار الشيطان.

تأثير المسرحية

تأثر العديد من الأدباء والفنانين بهذه المسرحية كثيراً، وعلى وجه الخصوص بشخصية فاوست بعد أن لوكتها ألسنة الشعب الألماني وأمست من الفلكلور الألماني، واستوحت الكثير من الأعمال الأدبية هذه الشخصية في الروايات والقصص، بل وصلت كذلك إلى الموسيقى، لدرجة تسمية بعض أنواع الأدب باسم الأدب الفاوستي وبعض أنواع الموسيقى بالموسيقى الفاوستية تيمناً بهذه الشخصية المؤثرة.

ومن الأعمال التي تأثرت بهذه الشخصية لوحة الفنان الشهير رامبرانت عن فاوست، وكذلك مقطوعة بيتهوفن الخالدة عن فاوست، ولم يتوقف الأمر على الأعمال الأدبية والموسيقى فحسب، بل تناولت هذه الشخصية العديد من الأفلام السينمائية، حتى أصبحت شخصية فاوست أيقونة في عالم الأدب والفنون.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد