من أجل أزمة المناخ.. الموضة الخضراء تغزو عالم الأزياء

في عالم يعاني أزمة تغير المناخ وتزايد معدلات التلوث والنفايات السامة واستنزاف الموارد، تبذل جهود حثيثة لإنفاذ الكرة الأرضية من ارتفاع درجات الحرارة وتحقيق مستوى أرقى لحياة البشر، باتت الاستدامة  هدفا واحدا يضعه الجميع نصب أعينهم في كافة القطاعات، ومنها قطاع صناعة الملابس والنسيج  الذي يعد من القطاعات الصناعية الأكثر قوة في تشكيل اقتصادات العالم وهو أيضا من أكثر القطاعات تلويثا للبيئة وذلك في  كل خطوة من خطوات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك مما يعد خطرا لا يستهان به على كوكبنا لذا فقد أصبح الحديث عن الاستدامة في الصناعات المرتبطة بالموضة أمر لا مفر منه، وهو ما يقودنا إلى التحول مصطلح الموضة الخضراء أو الموضة صفرية المخلفات التي تهدف إلى تصميم وبناء الملابس التقليدية بطريقة جديدة للحفاظ على المواد الخام والحصول على تصميمات أزياء تجمع عناصر الاستدامة وتراعي الاحتياجات البشرية والثقافة والبيئة.

أكثر تلويثا للبيئة

تشير دراسة حديثة بقسم الاقتصاد المنزلي بكلية التربية النوعية بجامعة المنوفية أن صناعة الملابس والأزياء تعد من أكثر القطاعات تلويثا للبيئة، فهي تعد خامس أكبر قطاع للصناعة في العالم، فهو مسئول عن  تشغيل ملايين الأيدي العاملة حول العالم حيث يبلغ حجم اقتصادياته مجموع اقتصاديات قطاعي صناعة السيارات والطيران معا حول العالم، وإذا نظرنا إلى هذه الصناعة بداية من أول نقطة في سلسلة التوريدات حيث إنتاج المواد الخام الداخلة في الصناعة وانتهاء بإيصال  السلعة إلى المستهلك النهائي، فنجد انه القطاع الأكبر على الإطلاق في استهلاك الطاقة والمياه بعد قطاع الإنشاءات والزراعة، حتى بعد أن يبدأ المستهلك في استخدام السلعة  فطريقة استخدام المستهلكين لملابسهم تؤثر على البيئة سلبيا بسبب كَمّيَّة المنظفات والمواد الكيميائية والمياه المستخدمة في غسيل وتجفيف وكي الملابس.هذا إلى جانب التخلص من الملابس بعد استخدامها يعد هو الآخر أمرا مستنزفا للموارد.

أرقام وإحصاءات

تشير تقييمات مشتركة لمؤسسة Quantis ومؤسسة ClimateWorks

بعنوان “قياس عالم الأزياء” أن قطاعات الملابس والأحذية العالمية مجتمعة مسئولة عن 8% من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم.

كما كشفت دراسة أخرى أجراها البرلمان الأوروبي حول التأثير البيئي لصناعة النسيج والملابس أن الملابس وحدها مسئولة عن ما بين 2%-10% من التأثير البيئي الناجم عن الاستهلاك الأوروبي.

و عن معدلات الاستهلاك وأضرارها يشير تقرير صادر عن مؤسسة Dovetail Partners بشأن المستهلك المسئول أن التخلص من الملابس أصبح مشكلة عالمية مستشهدا بنتائج البحوث التي تظهر أن أربع أخماس الملابس التي يتم التخلص منها في جميع أنحاء العالم يتخلص منها في مجاري النفايات، وينتهي 57% منها في مدافن النفايات وغالبا ما يحرق أغلب ما تبقى.

سنويا يتم استهلاك ما بين 80 مليار و100 مليار قطعة ملابس، أي ما يمثل 12 أو 14 قطعة للشخص، ويؤدي كم الإنتاج الهائل للملابس لتسميم الكرة الأرضية.

كما تعدّ صناعة الأزياء أيضًا هي الثانية بعد  مستهلك للمياه على هذا الكوكب، ومن المتوقع أن يصل إجمالي مخلفات الأزياء بحلول 2030 إلى 148 مليون طن حول العالم.

ولذا يأمل صناع الموضة إلى توسيع حركة الأزياء المستدامة لتشمل العديد من دور الأزياء العالمية كي تصل قيمة المخلفات الناتجة عن كافة أنشطتها الصناعية إلى “صفر نفايات” مع حلول عام 2030.

مبادرات

عقب اتفاق باريس في 2015   لمكافحة تغير المناخ وخفض الانبعاثات الكربونية ظهرت عدد من المبادرات في قطاع الأزياء وأهمها مبادرة ميثاق صناعة الأزياء لأغراض العمل المناخي في ديسمبر 2018 خلال مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 24)، من طرف 43 علامة تجارية رائدة وتجارة تجزئة ومنظمات الموردين  وينص الميثاق على أن صناعة الأزياء “يجب أن تعتمد تغييراً أعمق وأكثر منهجية وأن تصمّم حلولاً منخفضة الكربون.” وتستهدف رؤية الميثاق بلوغ مستوى صاف صفري للانبعاثات بحلول عام 2050. وتشمل أهدافه الحد بنسبة 30 في المئة في انبعاثات غازات الدفيئة بحلول عام 2030 (مقارنة بمستويات عام 2015)؛ والتزاماً بتفضيل اللوجستيات والمواد ذات التأثير المناخي المنخفض الكربون؛ وتحسين كفاية الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة في سلسلة قيمة الأزياء.

و في مؤتمر تغير المناخ 2019 (كوب 25) أطلقت مجموعة من 86 شركة أزياء نداءا يؤكد على “إن أزمة المناخ هي واحدة من أهم القضايا التي يجب معالجتها. وبصفتنا بائع تجزئة عالمي للأزياء، لدينا دور كبير نؤديه وإن التعاون أساسي في هذا الصدد.”

يقول الخبراء إن  تحقق الاستدامة ي قطاع الأزياء  يشمل التزام بعض الشركات بما يلي:

  • استخدام القطن العضوي المستدام فقط.و ذلك لتقليل النفايات الناتجة عن صناعة الأزياء ولذا أصبح الاتجاه لاستبدال الألياف الصناعية بالألياف لطبيعية الموجودة في الطبيعة وهي مواد قابلة للتحلل الحيوي لا تتطلب مواد سامة لاستخراجها ومعالجتها مثل الألياف السيلولوزية أو الألياف النباتية التي تشمل القطن العضوي  ومزجه بألياف نباتية أخرى مثل الكَتَّان والحرير، حيث تكمن المشكلة في القطن المزروع بالطريقة التقليدية بأنه يستخدم 35%  من المبيدات التي تستخدم عالمياً
  • التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة والمواد والموارد صديقة البيئة.
  • زيادة مستويات إعادة التدوير وإعادة الاستخدام حيث تصنع الألياف المعادة التدوير من بقايا الأقمشة المجمعة من المصانع ومن ثمّ يُعمل على إعادة حياكتها في ألياف قصيرة تحّول إلى غزل جديد. هناك عدد قليل جداً من المصانع حول العالم يمكنها إعادة تصنيع بقايا الأقمشة وتراوح منتجاتها بين مزيج من القطن المعاد التدوير مع إضافة غزل جديد لتعزيز متانته، وبين ألياف القطن المعادة التدوير المضاف إليها ألياف الأكريليك الخام من أجل تناسق الألوان والمتانة. التصميم الأخضر

و ترى نهلة عبد الغني الأستاذ بقسم الاقتصاد المنزلي كُلْيَة التربية النوعية جامعة المنوفية أن تحقيق الاستدامة عن طريق تقليل الفاقد  للحصول على تصميمات صفرية تقلل الهالك من المواد الخام وتؤدي إلى خفض التكلفة الاقتصادية وهو ما يعرف بالتصميم الأخضر، ويتم ذلك عن طريق  استراتيجية تهدف إلى خفض المخلفات خلال مرحلة الإنتاج أو استراتيجية تهدف إلى إطالة دورة حياة الملابس الأصلية تعتمد على نهج الإصلاح والتنفيذ أي تصميمات يسهل توظيفها مرة أخرى.

ترشيد الاستهلاك

وأشارت إلى أن تغيير الممارسات في قطاع الصناعة قد يبدو من الصعب السيطرة عليه نظرا لتعدد جوانب القضية إلا أن الأصعب من كل ذلك هو تطبيق مبادئ الموضة المستدامة الذي يستلزم توعية المستهلك بضرورة الاستهلاك الرشيد وأهمية الإبطاء والتقيل من عمليات إنتاج الموضة وهو ما يتعارض مع صمصم مفهوم الموضة بالنسبة للفرد كوسيلة للتميز والتفرد الشخصي كما يتعارض مع متطلبات النمو الاقتصادي لهذا القطاع في الصناعة.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

3 تعليقات
  1. سعيد الكموني يقول

    سعيد الكموني المغرب اقليم الحسيمة شمال المغرب 0606741532

  2. عبد العزيز بكيري يقول

    SMS بكيري عبد العزيز بجاية الجزائر رقم الهاتف 00213657832359 يا رابي يا رابي يا رابي العلمين ارزاقني بلحلم انشاء الله

  3. غير معروف يقول

    اشرف محمد يارب حلم



جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.