قصة نجاح خضراء (4)… خالد ينتج الخشب البلاستيكي من مخلفات الجراكن والبراميل ويؤكد: أقوى من الطبيعي 5 مرات و”مش محتاج صيانة”

بحلمه تمسك، عمل ليلا ونهارا، لم يثنه عنه شيئا، كان يقينه أقوى من أي مشكلات يواجهها، وأسرته الصغيرة أكبر داعم له، تخطت معه كل الصعوبات، على الرغْم من أزمة كورونا التي صاحبت بداية مشروعه، وحسابات الورقة والقلم التي تقول وقتها…إن الظروف غير مناسب والعجلة الاقتصادية شبه متوقفة، لكن خالد تمسك بحلمه في اقتحام مجال جديد في الصناعة، الفكرة تقوم على إدارة مخلفات البلاستيك وإنتاج الخشب البلاستيكي بتقنية صديقة للبيئة، كإحدى الصناعات الحديثة والواعدة في القرن الحالي.

إنها قصة نجاح ملهمة بطلها المهندس خالد جلال غنيم صاحب إحدى المصانع بمدينة العاشر من رمضان، “نجوم مصرية” التقت به ليصطحبنا في جولة داخل مصنع الخشب البلاستيكي، لنشاهد كيف تحول الحلم إلى حقيقة، وكيف أنتج من مخلفات البلاستيك ( الجراكن والبراميل والعبوات الفارغة) ونشارة الخشب، خشب بلاستيكي يتميز بالقوة والصلابة ويحمل مميزات الخشب والبلاستيك معا، ونجح أيضا في صناعة منتج بديل “الألوميتال” من مخلفات البلاستيك، يتميز بالصلابة والجمال، قادر على عزل  الصوت بنسبة 70%.

المهندس خالد يحمل قطعة من الخشب البلاستيكي المصنوع من المخلفات- عدسة نجوم مصرية

بداية الحكاية

كغيره من آلاف المصريين عمل المهندس خالد في العراق سنوات طويلة من أجل مستقبل أسرته وأبنائه، لكنه قرر العودة في 2015، فالغربة ليست هي الحل، وكما يقول المهندس خالد إن المستقبل للصناعة، والصناعات الصغيرة بالتحديد، فهي التي قامت عليها تجارب تنموية كبيرة في دول عدة، مثل الصين وتركيا.

وهنا يوجه رسالة إلى الشباب مؤكدا  أن بلدنا محتاجة طاقات شبابها، مشيرا الى الشباب الذين يهربون للعمل في الخارج، وكثير منهم لا يجد أي فرصة في الخارج ويخجل من العودة ويضطر للعمل في أي شيء، على الرغْم انه ممكن يبدأ في صناعة صغيرة في بلده ويحقق أشياء كثيرة.
ويستكمل المهندس خالد، بدأنا بمصنع للأبواب والشبابيك، ولكن كان دائما الحلم هو إدخال تقنية جديدة والاستفادة من مخلفات البلاستيك المتراكمة في كل مكان، وتمثل ضررا كبيرا على البيئة في حين أنها كنز كبير يمكن الاستفادة بها.
وفي ظل المرحلة التي تعيشها مصر، وحجم المشروعات التنموية الضخمة، تأتي مصر في مقدمة الدول المستوردة للأخشاب في منطقة شمال إفريقيا، ففي عام 2015 بلغ حجم الاستيراد من الأخشاب 3،8 مليون متر مكعب، وانخفض في 2020 إلى 2،7 مليون متر مكعب بسبب أزمة كورونا. أي أن سوق الأخشاب في منطقتنا من الأسواق الواعدة، ونظرا لأننا لا نملك الغابات وهي المصدر الرئيس للأخشاب، كان علينا أن نوفر مصدر جديد للأخشاب.

خالد وولده حسام

وهنا جاءت الفكرة، كما يكمل المهندس خالد حكايته، والتي تقوم على استخدام تقنية خاصة، تخلط مكونات مخلف البلاستيك من الجراكن والبراميل مع ألياف طبيعية من الخشب أو المنتجات الزراعية الثانوية، وبعد معالجتها معالجة خاصة، وتجهيزها لكي تتجانس بقوة مع البلاستيك بنسب معينة وطرق خلط مبتكرة، نصل في النهاية إلى خشب بلاستيكي له المزايا المزدوجة للبلاستيك والخشب.
ويضيف المهندس خالد لقد كانت الفكرة بسيطة جدا في البداية، عملت عليها أنا وابني حسام، وكان طالبا في كلية الهندسة وقتها، أتذكر أننا كنا نغلق على أنفسنا في المصنع مساءً ساعات طويلة، نجري تجارب ومحاولات كثيرة حتى توصلنا إلى الخلطة والنسب المطلوبة للمنتج، وهي 60% بلاستيك، و30% نشارة خشب و10% مادة خام مستوردة، مسئولة عن دمج الخليط.

مهندس خالد وأسرته – عدسة نجوم مصرية

أزمة كورونا ومخاوف الفشل

ويقول المهندس خالد، الطريق لم يكن ممهدا في البداية، خاصة، أننا بدأنا الإنتاج وقت أزمة كورونا في 2020، وكانت الأصوات حولنا تنصحني بعدم الاستمرار لأن “السوق نايم ومتوقف”، لكنني لم أيأس أو أفكر في التوقف.
استكملنا المسيرة وكانت أسرتي، خير داعم لي، مشيرا إلى زوجته نيرمين والأبناء الثلاثة، الابنة الكبرى نوران صيدلانية، والابن الأصغر طالب التجارة والابن الأوسط حسام خريج الهندسة، والساعد الأيمن له في المصنع.
وأضاف المهندس خالد، لقد تحولت أزمة كورونا لنا إلى فرصة كبيرة، فقد توقف الاستيراد، وهذا ساعدنا كثيرا، حيث زاد الطلب على إنتاجنا، من أجل المشروعات القومية الكبرى في العاصمة الإدارية والمدن الجديدة، حتى أننا بدأنا بثلاثة خطوطا للإنتاج، ووصلنا إلى 10 خطوط، وحاليا ننتج العديد من التصميمات البسيطة والمعقدة، بطاقة 600 طن شهريا، وقادرون على تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير، كما حصلنا على شهادة الأيزو وشهادة من المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء.
وهنا أشار المهندس خالد إلى مشكلة التمويل التي واجهتهم وكيف تمكن من الحصول على قرض، ضمن المبادرة الرئاسية، من بنك القاهرة وآخر من المصرف المتحد بإجمالي 8 ملايين جنيه، مدة خمس سنوات.

مهندس حسام يشرح كيف تم إنتاج الوميتال من مخلفات البلاستيك-عدسة نجوم مصرية

مخلفات وكنوز

وخلال جولتنا في المصنع الذي تبلغ مساحته حوالي خمسة آلاف متر  ويعمل به حوالي 200 عامل، حرص المهندس حسام خالد نائب المدير على شرح مراحل التصنيع، وشاهدنا أجولة حبيبات البلاستيك وأجوله حبيبات نشارة الخشب، وكيفيه خلطهم بنسبة 60:% 30% ثم إضافة مادة كيماوية بنسبة 10% وهي المسئولة عن دمج المكونات وتغليف حبيبات الخشب بالبلاستيك، فتعمل المكونات البلاستيكية على حماية الخشب من المياه والحشرات، ويقوم الخشب بحماية البلاستيك من الأشعة فوق البنفسجية ويمد المنتج الجديد بنسيج وصلابة البلاستيك ومتانة الخشب معا.
ثم يتحول الخليط إلى عجينة متماسكة يتم تلوينها باللون المطلوب، ثم تمر بمراحل تسخين وتبريد بالماء وممكن نعطيه شكل الخشب الطبيعي.حتى يأخذ الشكل النهائي كما هو موضح في الفيديو.

مميزات

وأضاف المهندس حسام أنه مع الاختبارات، تبين أن الخشب البلاستيكي أقوى من الخشب الطبيعي بنسبة  3 إلى 5 مرات، ويمكن تلوينه بالألوان المختارة (أزرق، أخضر، أحمر، أصفر باهت، رمادي، أسود) أو الاكتفاء بلون المنتج الطبيعي.
ويتميز الخشب البلاستيكي أيضا، أنه مقاوم للماء لا يحتاج إلى صيانة، مقاوم للآفات، يتميز بالثبات الفيزيائي والكيميائي، وبطء للاشتعال. والأهم من كل ذلك أنه صديق للبيئة يخلص البيئة من مخلفات البلاستيك التي تمثل عبئا كبيرا، حيث أن البلاستيك غير قابل للتحلل ويمكث في التربة لآلاف السنين، حيث يعد البلاستيك من أهم ملوثات البيئة، ولاشك أن إعادة تدويره هو حل عملي لمواجهة التغيرات المناخية وحماية البيئة.
ويستخدم الخشب البلاستيكي في المنتجعات والحدائق مثل البرجولات والمقاعد والشبابيك والأبواب والأثاث وتجليد الحوائط بدلا من المحارة.
المميزات والإيجابيات كثيرة في الخشب البلاستيكي ولكن الميزة الأوضح أنه بسواعد مصرية ويحمل أجمل عبارة وهي “صُنع في مصر”.

عملية إكساب الخشب البلاستيكي شكل الخشب الطبيعي_ عدسة نجوم مصرية
الخشب البلاستيكي في صورته النهائية – عدسة نجوم مصرية
الخشب البلاستيكي في صورته النهائية – عدسة نجوم مصرية
أجولة حبيبات الخشب والبلاستيك قبل دخولها المصنع -عدسة نجوم مصرية
داخل مصنع الخشب البلاستيكي -عدسة نجوم مصرية
داخل مصنع الخشب البلاستيكي -عدسة نجوم مصرية
داخل مصنع الخشب البلاستيكي -عدسة نجوم مصرية

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد