عمران خان: نجم لعبة الكريكيت ورئيس حكومة باكستان.. المعتقل

الكريكيت هي اللعبة الشعبية الأولى في إنجلترا، ويعود بداية ممارستها إلى القرن ال17 واللعبة تتكون من 3 عناصر هي الكرة والمضرب والنصائب (مرمى)

ولما كانت الهند مستعمرة بريطانية لمدة 70 عامًا تقريبًا، وكانت تُحكم من لندن مباشرة، فيما عُرف ب:”الراج الهندي” وكانت الهند تضم في ذلك الوقت، مناطق تُعد الآن دولًا مستقلة، مثل الصومال واليمن الجنوبي وسنغافورة وباكستان.

ومن شدة ما مثلت الهند من أهمية لبريطانيا، فقد أولتها عناية سياسية وإجتماعية فائقة، ومازال أثر تلك العناية باقيًا إلى يومنا هذا، فعمدة مدينة لندن مثلًا، هو صادق خان ـــ بريطاني باكستاني الأصل، ورئيس وزراء أسكتلندا هو حمزة يوسف ـــ بريطاني بنجابي الأصل، بل إن رئيس وزراء المملكة المتحدة، وهو ريتشي سوناك، بريطاني ـــ باكستاني الأصل.

إستقلت الهند عن بريطانيا سنة 1947 وتفككت مستعمرة الهند البريطانية إلى عدة دول، منها باكستان، التي أُنشئت ككيان مستقل لمسلمي الهند، ولكن وكما فعلت بريطانيا عند إنسحابها من مناطق عدة في الوطن العربي ومنحت الدول العربية إستقلالًا شكليًا، وأوكلت النفوذ على مستعمراتها السابقة إلى خليفتها وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، فقد فعلت نفس الشيء مع مستعمراتها في الهند.

تتحدث باكستان اللغة الأردية، وكلمة باكستان تعني: الأرض الطاهرة، ويبلغ عدد سكانها 240 مليون نسمة حسب إحصاء 2023 وتقع باكستان جغرافيًا في “حلق” منطقة جنوب آسيا، بين الصين والهند وإيران وأفغانستان، وتطل على بحر العرب وخليج عُمان، وهي الدولة المسلمة والوحيدة في العالم الثالث التي تمتلك قنبلة نووية.

ترأّس محمد علي جناح ـــ أول حكومة باكستانية سنة 1947 وظلت باكستان إحدى دول الكومنولث البريطاني، حتى إعلان الجمهورية سنة 1956 وتولي إسكندر ميرزا، كأول رئيس لجمهورية باكستان.

وفي سنة 1952 وُلد عمران خان، لأب من قبيلة البشتون (التي ينتمي إليها غالبية أعضاء حركة طالبان) وتلقى تعليمه الأوّلي في باكستان، ثم سافر إلى إنجلترا لإكمال تعليمه، ودرس السياسة والإقتصاد، وحاز فيهما درجات تفوّق.

وأثناء دراسته، مارس عمران خان لعبة الكريكيت في إنجلترا، وإستهوته اللعبة، وأتقنها، مما أهّله للإنضمام إلى منتخب بلاده للكريكيت، فقاده من سنة 1972 وحتى 1992 محققًا عدة إنتصارات لفريق بلاده، تُوّجت بالفوز بكأس العالم للكريكيت.

عمران خان لاعبًا للكريكيت

حققت اللعبة لعمران خان شهرة وشعبية كبيرة في بلاده، وأضفَى تعليمُه ومعيشته في إنجلترا على شخصيته، ما أهّله لخوض غمار العمل السياسي، فأسس حركة “إنصاف” سنة 1996 وكانت مسيرته السياسية مرتبطة بدرجة ما.. بمهادنة حركة طالبان باكستان، المناوئة للإحتلال الأمريكي لأفغانستان.

في سنة 2000 ساند عمران خان ـــ الجنرال برويز مشرف لرئاسة باكستان، وما لبث أن عارضه بعد ذلك، وإتهمه بالخضوع لأمريكا، فاعتقله مشرف سنة 2007 ثم إتخذ عمران خان موقفًا معارضًا ضد آصف على زرداري ـــ الرئيس التالي بعد مشرف، فأُعيد إعتقال عمران خان سنة 2009 وبحلول فترة الربيع العربي سنة 2011 بات عمران خان هو أمل الشباب الباكستاني في تحرر إرادة باكستان.

وكان عمران على موعد مع النجاح السياسي سنة 2013 حين فاز بنسبة تقارب 17% من مقاعد البرلمان الباكستاني، ليصبح القوة السياسية الثالثة في باكستان، ويحجز لنفسه مساحته الخاصة في  الخارطة السياسية لباكستان.

ثم إنتهج عمران سياسة شديدة المعارضة لنواز شريف ـــ رئيس الحكومة، نجح من خلالها في تكوين إئتلاف مع 6 أحزاب، ليكون رئيس الحكومة ال22 في تاريخ باكستان، في سنة 2018

ولما كانت باكستان ـــ كما أسلفنا ـــ واقعةً تحت النفوذ الأمريكي منذ إستقلالها “الشكلي” فقد كان الجيش هو المحرك الأساسي للعملية السياسية في باكستان، ومثّل عمران خان للجيش: أزمة سياسية، كونه مهادنًا وممالئًا لطالبان، غريمة الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي سنة 2020 وإثر جملة وردت في خطبة لعمران خان، أثنَى فيها على أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، وحليف حركة طالبان، قامت الدنيا في باكستان على عمران خان، ولم تقعد إلا بسحب الثقة من حكومته.

إستغرقت جلسة سحب الثقة من حكومة عمران خان: 14 ساعة، وإستقال خلال الجلسة كلٌ من رئيس البرلمان ونائبه، وتم التصويت لصالح سحب الثقة من حكومة عمران خان بفارق 6 أصوات، وذلك في 9 أبريل 2022 وهو.. وياللمصادفة.. ذكرى تاريخ سقوط بغداد في سنة 2003

وُجهت إلى عمران خان 150 تهمة ! وبدأ التحقيق معه في 2022 وفي 2023 تم إعتقاله، لتنشب إضطرابات نجم عنها مقتل 9 من أنصار عمران خان، وإعتقال أعداد كبيرة منهم، وحُكم على عمران خان بعدة أحكام بالسجن.

تنوعت التهم التي حُكم عليه بسببها، ما بين تلقي هدايا أثناء وبسبب عمله كرئيس للحكومة، وإخفاء أمر تلك الهدايا عن رقابة الدولة، والزواج من بشرى بيبي (زوجته الثالثة) قبل إنقضاء فترة عدتها من طليقها السابق، وقد أنكر عمران خان كل الإتهامات التي وُجهت إليه، وقدم إستئنافًا في الأحكام التي صدرت ضده، ورُفضت.

وفي الإنتخابات البرلمانية التي أُجريت في فبراير 2024 فاز حزب عمران خان ب71 مقعدًا، ويعتبر بذلك صاحب أكبر عدد مقاعد في البرلمان، وإن لم تكن غالبية المقاعد، مما يتيح لحركة إنصاف أن تتحالف مع أحزاب أخرى لتشكيل حكومة إئتلافية.

ولكن الجيش في باكستان يقف حجر عثرة أمام محاولات أنصار عمران خان في تكوين إئتلاف حكومي، فقد صرح عاصم منير قائد الجيش، بأن الإنتخابات ليست مسابقة للفوز والخسارة، ولكنها “تمرين” لتحديد تفويض الشعب !

مما حدا بديفيد كاميرون ـــ وزير الخارجية البريطاني، للقول بوجود مخاوف جدية، تثير تساؤلات حول مدى عدالة العملية الإنتخابية في باكستان، وعدم شمولها.

وقد أُذيع خطاب بصوت عمران خان، مؤلف بواسطة الذكاء الإصطناعي، يدعو فيه مؤيديه للتظاهر، والمطالبة بالحق في تشكيل حكومة إئتلافية، وعمت الإضطرابات عدة مدن باكستانية كبرى، متهمةً الحكومة بالتلاعب في نتيجة الإنتخابات، خاصة وأنه قد تم قطع الإنترنت عن البلاد طيلة يوم الإقتراع.

ومازال مصير باكستان بيد الجيش المسانَد من الولايات المتحدة الأمريكية، ومازال عمران خان رهن الإعتقال.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد