” خطاب السيسي ” بين أهل الاشتياق وأهل الانسياق.

  • كتب: محمد هلال.
  • خطاب السيسي الأخير وخطاب السيسي قبل الأخير وخطاب السيسي القادم، هي منظومة من الأفكار التي عزم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يطبقها ويسعى في تنفيذها منذ أول يوم قرر أن يترشح لرئاسة الجمهورية، وقالها نصا في حملته الانتخابية ” انه لا يمكنه فعل شيءا بمفرده، وانه لا يملك عصا موسى، وانه هناك قرارات صعبه لابد أن تتخذ من أجل النهوض من كبوة اقتصادية تغرق فيها مصر منذ ما يقرب من 40 عام ” كان الرجل واضحا، لم يزيف الواقع ولم يجمل المشهد ولم يعد بخزائن كسرى ولا كنوز الشام، وسمع الشعب وفهم وأيقن لان السيسي كان حينها يتحدث العربية بالعامية المصرية وبكل وضوح، ومع هذا انتخبه الشعب ورضى أن يكون السيسي رئيسه بهذا الفكر وذاك التوجه، ويأتي خطاب السيسي الأخير بعد افتتاحه لأكبر مجمع لتصنيع البتروكيماويات بالشرق الأوسط في الاسكندرية، ليضع خطاب الرئيس كالعادة بين فريقين الأول هم أهل الاشتياق للسلطة سواء كانوا من تنظيم الإخوان الذي لم ينقطع اشتياقهم للسلطة منذ ثمانون عاما وحتى الآن أو هؤلاء دعاة الديمقراطية الذين ينقلبون ويؤيدون أي نظام حكم على اساس واحد وهو وضعهم في مربع الأضواء وألا كان لنظام الحكم هذا منهم شأن أخر، أم الفريق الثاني أهل الانسياق الذين يحلمون بدولة تخرج من بطونها اللبن والعسل ولا مانع من الحور العين دون عمل، يرون أنفسهم احسن الناس وأكملهم واعظمهم لكن مصر ” ظلماهم ” يرون انفسهم في مربع المجد والأموال دون تضحية أو جهد.

 

وبين الفريقين من أشتاق منهم تارة ومن انساق تارة أخرى تضيع الحقائق وتنقلب الموازين وتشيع الشائعات، فمنهم من يقول أن الرئيس بخطابه هذا يهدد الشعب والأخر يصرخ وكأنه جاء بما لم يأتي به الأوائل ويقول ” لا لا لا ” الرئيس سوف يفصل 2 مليون موظف مصري، والأخر يأتي من أقصى المدينة يسعى ويقول أن السيسي يخضع لشروط صندوق النقد التي تريد افقار شعب مصر واذا سألته اليس نفس ذات الصندوق هو من أقرض من قبل ماليزيا وتركيا والبرازيل وهؤلاء نفذوا الشروط ونهضوا إلى الأمام، فينحى اليك رأسه ويقول ” لا دول معندهمش فساد لكن احنا غرقانين في الفساد ” تلك هي مصر هذه الأيام، بلاد القيل والقال وكثرة الكلام، وربما كان امير المؤمنين عمر بن الخطاب يعنينا نحن حينما قالها (إذا اراد الله بأمة سوء، ابتلاهم بكثرة الكلام وقلة العمل ).

 أما عن خطاب السيسي فأليكم حقائقه بعيدا عن ضبابية أهل الاشتياق لسلطة لن تأتى بهذا الكم من الحقد والانتفاعية لبلد لا تحتمل الا التعاون ورص الصف، وبعيدا عن احلام أهل الانسياق بأن تمطر السماء ذهبا وفضة…

أولا: علينا أن نعلم أن الاحتياطي النقدي لمصر عام 2013 كان 15 مليار دولار، الاحتياطي النقدي لمصر عام  2016.. 17.5 مليار دولار، وهنا انا لست بصدد أن اميز بين العهود لكى اروج أن الاحتياطي النقدي ارتفع بفضل قناة السويس الجديدة التي كثيرا ما هوجمت ولاتزال خاصة في ظل انهيار القطاع السياحي، لكن انا اتحدث عن حقيقة لابد أن يعلمها المواطن المصري صاحب ال 100 مليون نسمة حتى يدرك مدى الكارثة والوضع الصعب الذي يعانيه اقتصاد البلاد، فلك أن تعلم عزيزي المواطن أن الاحتياطي النقدي مثلا لدولة مثل السعودية ذات ال 20 مليون نسمة 616 مليار دولار (مع العلم أن الاحتياطى النقدى للسعودية كان عام 2013.. 680 مليار دولار وانخفض بسبب الاوضاع الاقتصادية في المنطقة  ، ورغم هذا لا يزال اهل الاشتياق والانسياق يقارنون بين مستوى معيشتنا في مصر والمستوى المعيشي في السعودية، ولك أن تعلم أيضاً أن لا سبيل لرفع الاحتياطي النقدي لمصر الا بالصناعة وزيادة الاستثمار وهذا ما يفعله السيسي شرقا في محور القناة وغربا في مجمع البتروكيماويات وشمالا في استثمارات الغاز ومركز تدأول الحبوب وجنوبا في مصانع الاسمدة والاسمنت والفوسفات.

economy1.717054

1

ثانيا: عندما تحدث السيسي في خطابه عن تعين 900 الف موظف بعد ثورة يناير لأغراض سياسية ولا يحتاجهم الوطن، لم يذكر الرجل مبدأ الفصل للتعامل مع موظفي مصر بل تحدث عن اعادة اصلاح الهيكل الإداري لكى تكون تلك الطاقة التوظيفية عامله بشكل كامل، خاصة وان المرتبات وحدها وصلت إلى 600 مليار جنيه في العام، فكيف لبلد أن تتقدم دون أن تحقق موازنه بين ما تدفعه وما تستقيده من هيكل ادارى كل مصري يعلم جيدا انه لا يعمل ولا يريد أن يعمل، هل يريد اهل الاشتياق والانسياق أن تظل مصر تنزف 600 مليار جنيه سنويا دون عائد، في أي دولة يحدث هذا وكيف يحدث واذا حدث ما هي النتيجة المتوقعة؟!

 

ثالثا: في خطاب السيسي ذكر الدعم، وببساطه هي قاعدة عادلة أن يذهب الدعم لمن يستحق، وكيف تحدد الدولة من يستحق ببساطة أن من يستهلك الكهرباء في منزلة بكل مقومات الرفاهية هل من العدالة أن يتم دعمه كمن لا يمتلك في منزله إلى ادنى مستويات الاستهلاك الكهربائي، هل من يستهلك وقود لسيارته الفارهة يتم دعمه مثل من يستهلك وقود لسيارة ” نصف عمر ” تقضى اغراضه أو سيارة هي ” محل أكل عيشه”، وهل يعقل أن يحقق مترو الآنفاق خسائر بمقدار 250 مليون جنيه في العام بسبب دعم تذكرة المترو واخر زيادة لسعر التذكرة كان من 12 عام ومع هذا لم يذكر السيسي في خطابه انه سوف يتم رفع سعر التذكرة بشكل مجحف، كما صوره اهل الاشتياق وانساق ورائهم اهل الانسياق، بل كان الرجل يذكر أن تكلفة التذكرة الحقيقة ليست جنيه ولا اتنين ولا تلاته ولا عشره، كان يتحدث عن التكلفة لكن عندما تتخذ الحكومة قرار برفع التذكرة التي لم يرفع سعرها من 12 عام فبالتأكيد سوف تراعى البعد الاجتماعي.

وأخيراً: أن مصر بكل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية، بحاجه التي تحرك سريع وجريئا إلى الامام، يراعى الفقير وينهض بالطبقة الوسطى ويأخذ حق الدولة بالقانون من المقتدر وهذا ما اكده الرئيس في حديثه عن اعاده هيكلة الضرائب، فأي وطن لا ينهض الا بجهد ابناءه فلكل دوله شؤونها، ولن يهتم العالم كثير بدولة لا يرغب ابنائها في التضحية من اجل بناء وطنهم.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد