حتى السمك هينتحر..التغيرات المناخية لن ترحم أحد

تعد الثروة السمكية ذات أهمية اقتصادية واجتماعية كبيرة للإنسان، إذا نظرنا إلى حجم الإنتاج والتجارة العالمية وتحقيق الأمن الغذائي وتوفير فرص عمل لنحو 12% من سكان العالم، إلا أن التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية على المخزون السمكي في المصايد الطبيعية والمزارع السمكية تهديدا كبيرا لاستدامتها، ومع تزايد خطورة التغيرات المناخية وقسوتها، من المتوقع تشهد السنوات القادمة تأثيرات أكبر على الثروة السمكية، وهذا ما تشير إليه الدراسات والبحوث العلمية.

  فقد كشفت دراسة علمية حديثة عن مخاطر جسيمة تهدد الثروة السمكية في مختلف البحار والمحيطات حول العالم، بسبب التغيرات المناخية، حيث ترتفع نسبة حموضة المياه بفعل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ما يدفع الأسماك إلى الانتحار، بالانجذاب إلى الأسماك المفترسة.
قامت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة «جيمس كوك» الأسترالية، بتقييم تأثير غازات الاحتباس الحراري الذي يسبب ظاهرة التغيرات المناخية على منطقة الشعاب المرجانية قبالة سواحل بابوا غينيا الجديدة، جنوب المحيط الهادئ، حيث تشهد المنطقة نشاطاً بركانياً.
وأظهرت نتائج الدراسة أن ارتفاع نسبة الحموضة في مياه المحيط، نتيجة تصاعد غاز ثاني أكسيد الكربون من الأنشطة البركانية المتكررة تحت الأعماق، يؤدي إلى فقدان أنواع من الأسماك، التي يعتمد عليها نشاط الصيد، قدرتها على البقاء، مما يجعلها فريسة سهلة لغيرها من الأنواع المفترسة.
وأوضحت الدراسة، المنشورة على موقع «نيتشر كلايمت تشينج»، أن الأسماك في العموم يمكنها أن تشم رائحة الأنواع الكبيرة المفترسة، مما يساعدها على الابتعاد عن مسارها، ولكن المفاجأة أنه في المنطقة محل الدراسة، تبين أن الأسماك تنجذب إلى رائحة الأنواع المفترسة، مما يجعلها فريسة سهلة.
وقال البروفيسور فيليب منداي، قائد فريق الدراسة، إنه تبين أيضاً أن تأثير حموضة المياه يدفع الأسماك إلى التجول كثيراً في المياه بلا هدف، وأصبحت تذهب إلى مناطق بعيدة عن أماكن معيشتها، مما يعرضها للخطر، حيث تزيد فرصة تعرضها للهجوم من الأسماك المفترسة.
الأنشطة البركانية
ولفت المؤلف الرئيسي للدراسة إلى أن هذه التهديدات التي تتعرض لها الأسماك لا تقتصر فقط على الأنشطة البركانية، مشيراً إلى أن نحو 30% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تمتصها المسطحات المائية، مما يؤدي إلى زيادة نسبة حموضة المياه في البحار والمحيطات.
كما حذر الباحثون من أن معدلات الحموضة في منطقة الشعاب المرجانية، محل الدراسة، وصلت إلى مستويات مرتفعة للغاية، ومن المتوقع أن تمتد إلى مناطق أخرى، وقد تشمل المحيط الهادئ بالكامل بحلول نهاية القرن الجاري، في ظل تفاقم ظاهرة التغيرات المناخية.
وخلصت الدراسة إلى أن الأسماك التي تعيش لفترات طويلة من حياتها معرضة لمستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون، لم يمكنها التكيف مع التغيرات الناتجة عن ارتفاع نسبة الحموضة في المياه، نتيجة التعرض لمستويات مرتفعة من الانبعاثات الكربونية وبشكل دائم.
الإصابة بالأمراض

ومن جانبه يشير دكتور أحمد دياب باحث بالمعمل المركزي لبحوث الثروة السمكية أن التغيرات المناخية على الثروة السمكية تؤثر أيضا على توزيع أرصدة الأنواع السمكية من أسماك المياه العذبة والمالحة، ثم أن ارتفاع درجة حرارة المياه وزيادة نشاط الميكروبات المحبة للحرارة يؤدي إلى احتمالية إصابة الأسماك بالأمراض وظهور طحالب ضارة.

و من تأثيرات ارتفاع الحرارة أيضا تغير أوقات التكاثر وزيادة استهلاك الغذاء وزيادة المخلفات العضوية، ونقص الأكسجين الذائب، مما يتسبب في إجهاد حراري وانتشار للأمراض.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد