الشهور القبطية.. مواعيدها، وأمثالها الشعبية

بداية يجب أن نفرّق بين التقويم المصري والتقويم القبطي (الشهور القبطية) أو التقويم السكندري، لضبط المصطلحات قبل أن نسبح في ال.عام القبطي وشهوره.

وُضع التقويم المصري سنة 4241 قبل الميلاد، أي قبل 6.265 عام، فَلَكَ أن تتخيل قِدَم الحضارة المصرية، وكان التقويم في البداية مقسمًا إلى 3 فصول، هي، الفيضان ــ البذار ــ الحصاد، ثم قسّموه إلى 12 شهرًا، وكل شهر إلى 30 يومًا، وأضافوا شهرًا يتكون من 5 أيام وربع، أسموه الشهر الصغير.

في سنة 25 ق. م. أدخل الإمبراطور الروماني أغسطس، بعض التعديلات على التقويم المصري، ليتناسب مع التقويم اليولياني (الذي تحول إلى الجريجوري لاحقًا، وهو المعمول به حتى الآن) الذي حاول الرومان فرضه على ولايات إمبراطوريتهم (ومنها مصر) فنتج عن هذه المحاولة ولادة التقويم القبطي، الذي ينتمي إلى التقويم المصري، في أسماء الشهور، والإرتباط بدورة الشمس حول الأرض، وتزامُن ظهور نجم الشّعرَى اليمانية مع موسم فيضان النيل.

وعلى مدار ((70)) قرنًا من الزمان، إلتزم الفلاح المصري بتقويم الشهور القبطية، لأنه أنسب وأدق تقويم ينظم مواسم الزراعة، وهو المعمول به حتى الآن بين عموم المزارعين المصريين، هذا ويتعذر في مصر الإعتماد على التقويم القمري (العبري ـ العربي) لأن البيئة المصرية بيئة زراعية، في حين أن البيئة العبرانية ـ العربية، بيئة رعي.

تبدأ السنة المصرية القديمة بإحتفال يوم (ني ـ رايورو) والذي يُنطَق خطأً: (نيروز) بسبب الخلط بين عيد رأس السنة المصرية (ني ـ رايورو) وعيد رأس السنة الفارسية (نوروز) وهذا الإحتفال يوافق يوم 12 سبتمبر بالتقويم الجريجوري، وهو يوم ثابت خلال الفترة من 1901 ـ 2099

ولمعرفة السنة القبطية المقابِلة للسنة الجريجورية (الميلادية) قُم بطرح رقم 284 من السنة الميلادية، فلمعرفة سنتنا القبطية الحالية، نطرح 2024–284=1740 قبطية.

ومن الجدير بالذكر هنا نجاعة تقويم الشهور القبطية في حساب التاريخ الصحيح للإحتفال بيوم ميلاد المسيح، لمعرفة المزيد، فضلًا راجع مقالي: 10 أيام لم يعِشــها العالم

أما الشهور القبطية، فهي فضلًا عن أنها مازالت حتى اليوم، هي التقويم المعتمد للمزارع المصري في زراعة أرضه، فهي كذلك متغلغلة في الفولكلور المصري، فلكل شهر منها إسم ومعنى ومناسَبة وظاهرةٌ ومَثَل.

  1. “توت”

ويبدأ من 11 سبتمبر/10 أكتوبر ـ والإسم يرمز إلى إله المصري القديم: تحوت، مخترع الكتابة وإله المعارف، والمفترض ولادته بقرية منتوت، التي مازالت موجودة بنفس الإسم ـ مركز أبو قرقاص ـ محافظة المنيا ـ بصعيد مصر.

وفي هذا الشهر يبدأ فيضان النيل، ويغمر الحقول، ويبذُر المزارع المصري التقاوي، وتُجنَى فيه محاصيل الرمان والزيتون والقطن والسفرجل.

ويقول المَثَلُ الشعبي المصري القديم عنه: في توت أَزرع ولا أَفوت.

  1. “بابة”

ويبدأ من 11 أكتوبر/10 نوفمبر ـ والإسم يرمز إلى إله المصري القديم: بيتبدت، إله الزرع، وفيه تبدأ الخضرة في الإنتشار في الحقول المصرية، وتُجنَى فيه محاصيل التمر والزبيب والقلقاس.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: إن صح زرع بابة، غلب القوم النهابة.

  1. “هاتور”

ويبدأ من 11 نوفمبر/9 ديسمبر ـ والإسم يرمز إلى إله المصري القديم: آثور، إله الحب والجمال، وفيه تنمو خضرة الزرع، وتكسو الحقول.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: هاتور أبو الذهب المنثور.

  1. “كيهك”

ويبدأ من 10ديسمبر/8 يناير ـ والإسم يرمز إلى إله المصري القديم: كاهاكا، أو عجل أبيس المقدس، وفيه يُزرع الخيار بعد إغراق الحقول، ويتكامل فيه الشعيروبذر القمح والبرسيم.

ويقول المثل الشعبي عنه: كِيَهك صباحك مساك، تقوم من فطورك تحضّر عشاك، وذلك بسبب قِصَر النهار في هذا الشهر.

  1. “طوبه”

ويبدأ من 9 يناير/7فبراير ـ والإسم يرمز إلى إله المصري القديم: إمسو، أو خم، وهو أحد نُسخ آمون رع إله طيبة بمصر العليا، كما أنه إله نمو الطبيعة، وفيه تُسقَى الأراضى المزروعة بالقلقاس والقصب، ويظهر الفول الأخضر والنبق.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: طوبة تخلّى الصبية كركوبة ــ وذلك لشدة البرد فيه.

  1. “أمشير”

ويبدأ من 8 فبراير/9 مارس ـ والإسم يرمز إلى إله المصري القديم: منتو، إله الزوابع.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم: أمشير أبو الطبل الكبير والزعابيب والعواصف الكتير.

  1. “برمهات”

ويبدأ من 10 ماس/ 8 أبريل ـ ويرمز إلى إله المصري القديم:  بامونت، إله الحرارة، وفيه تُزهِر الأشجار، ويكون اللبن الرائب فيه: أطيب شهور السنة.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: في برمهات روح الغيط وهات.

  1. “برمودا”

ويبدأ من 9 أبريل/8 مايو ـ ويرمز إلى إله المصري القديم: رينو، وهو إله الرياح القارصة، أو إله الموت، ويصوَّر بصورة أفعى، وفيه يكثُر الورد، ويُزرع الملوخية والخيار، ويُقطف بشاير عسل النحل.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: في برمودة دق بالعمودة.

  1. “بشنس”

ويبدأ من 9 مايو/7 يونيو ـ  ويرمز إلى إله المصري القديم: خنسو، إله القمر، وفيه يبدأ ظهور المشمس والبطيخ والخوخ، وفيه يُجنَى الورد الأبيض.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: بشنس يكنس الغيط كنس.

  1. “بؤنه”

ويبدأ من 8 يونيو/7 يوليو ـ ويرمز إلى إله المصري القديم: خنتى، إله المعادن، وفيه يكثر ظهور المشمش والخوخ ويطيب التوت الأسود.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: بؤونة تكتر فيه الحرارة الملعونة.

  1. “أبيب”

ويبدأ من 8 يوليو/6 أغسطس ـ ويرمز إلى إله المصري القديم: هوبا، إله الفرح، أو هابى إله النيل.

وفيه يكثُر العنب، ويَطيب التين، وتَكثر الكمثرى، ويُقطف عسل النحل.

ويقول المثل لشعبي المصري القديم عنه: أبيب طباخ العنب والزبيب.

  1. “مسرى”

ويبدأ من 7 أغسطس/5 سبتمبر ـ ويرمز إلى: إبن الشمس، لأنهم كانوا يربطونه بولادة الشمس.

وفيه يكثر التفاح والموز والليمون والرمان.

ويقول المثل الشعبي المصري القديم عنه: مِسرَى تِجرى فيه كل تِرعة عِسرة.

وهكذا نجد أن الشهور القبطية كانت لآلاف من السنين، مرجِع حياة المصري، حتى أنه ألّف أمثالًا شعبية مازالت متداولة حتى يومنا هذا، خاصة في الريف المصري في الدلتا والصعيد، حيث المزارع المصري الممتد في عمق التاريخ.. والشهور القبطية.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. يوسف يقول

    تمام