10 أيام لم يعِشها العالم

 

لو أمسكت بموبايلك، وفتحت تطبيق التقويم (الذي نُطلِق عليه خطأً: الميلادي) ورجعت في التطبيق إلى سنة 1582م، ستُفاجأ بأن شهر أكتوبر في تلك السنة، محذوف منه الأيام من 5 إلى 15

في صباح يوم 5 أكتوبر 1582م، إستيقظ الأوروبيون على ما يشبه الكابوس، فقد وجدوا أن يومهم الجديد هو 16 من أكتوبر، بما يعني أن 10 أيام من التاريخ قد تم حذفها من الزمن، وهم نائمون من ليلتهم تلك.

لأول وهلة ظن العبيد الأُجراء أنها حيلة من السادة، للتهرب من دفع أجورهم في تلك الأيام العشر، ثم تبين للناس أنه قرار باباوي، أصدره البابا جريجوريوي13

نوجز الموضوع كالتالي:

  • في 1852م كان التقويم المعمول به هو التقويم اليولياني نسبةً إلى يوليوس قيصر، الذي سنّ ذلك التقويم سنة 46 ق.م. وجرى العمل به سنة 45 ق. م. وكانت تلك السنة هي سنة البدء في إنشاء مدينة روما.
  • كانت السنة في التقويم اليولياني=365 يوم وربع، وكانت تبدأ بشهر مارس من كل عام، وتنتهي في شهر فبراير، وكان الإحتفال بمولد المسيح يتم في وقت الإعتدال الربيعي في شهر مارس (شم النسيم عند المصريين)
  • لاحَظ الكاثوليك في تلك السنة، أن اليوم الذي يحتفلون فيه بميلاد المسيح، قد قصُر ليلُه بمقدار 10 دقائق، عما كان عليه في الأخبار المروية عن أسلافهم.
  • إهتم البابا جريجوريوس13 بالأمر، وجمع عدداً من الفلكيين لتعليل هذه المسألة، والتصرف فيها.
  • قرر الفلكيون أن الدورة الكاملة للشمس حول الأرض هي 365 يوم وربع (كما هو في اليولياني) ولكنهم زادوا على ذلك في زمن دوران الشمس حول الارض: (10دقائق و48 ثانية) وهو ما أنتج قِصَر اليوم، منذ إقرار العمل بالتوقيت اليولياني سنة 45 ق. م. إلى سنة 1582 وذلك بمقدار 10 أيام، أي أن هذا الفارق ناتج عن تراكم تلك الدقائق والثواني على مدار الفترة من سنة 46 ق. م. وحتى سنة 1582م.
  • عكف بابا الكاثوليك على وضع تقويم جديد يتلافى فيه تلك الثغرة، فوضع تقويما جديداً، يختلف عن اليولياني في الآتي:
  1. التقويم الجديد يُسمى بالتقويم الجريجوري، نسبة إلى البابا جريجوريوس13
  2. السنة في التقويم الجديد تبدأ من شهر يناير وتنتهي في ديسمبر، مع إحتفاظ معظم الشهور بأسماءها اليوليانية في التقويم الجديد، مثل شهر “نوفمبر” الذي كان يمثل الرقم (9) من شهور السنة اليوليانية، حيث أن كلمة NOVEM تعني في اللغة اليونانية القديمة: الرقم (9) في إشارة إلى ترتيب شهر نوفمبر بين شهور السنة اليوليانية.
  3. أمر البابا ببدء العمل بالتقويم الجديد في سنة 1582م.

حدث إنقسام بين الأوروبيين، الذين كان بعضهم يتبع المذهب الكاثوليكي، وهؤلاء إنصاعوا لأمر بابا الفاتيكان، والبعض الآخر من الأوروبيين الذين كانوا يتبعون المذهب البروتستانتي، إعتبروا الموضوع مؤامرة من بابا الفاتيكان، لإعلاء كلمة الكاثوليك على البروتستانت، وفرض أمر واقع عليهم.

 

بقِيت أوروبا على هذا الحال من الإنقسام عقوداً وقروناً، فلم تعتمد بريطانيا هذا التقويم إلا سنة 1752م، ولم تعتمده روسيا إلا سنة 1918م، ولم تعتمده اليونان إلا سنة 1923م.

أما مسيحيو الشرق الأرثوذكس، فلم يدخلوا في صدام مع الكاثوليك في هذا الموضوع، فَوَإن كانت حكوماتهم قد إعتمدت التقويم الجريجوري، إلا أن الأرثوذكس أبقوا على الإعتماد على التقويم القبطي، الذي لم يُصِبه الخلل الحسابي الفلكي (كما أصاب التقويم اليولياني) فبَقِي حساب توقيت ميلاد المسيح عندهم ثابتاً في 7 يناير من كل سنة، الذي يوافق 29 من شهر كيهك القبطي، وهو نفس التاريخ الذي يقابل يوم 25 ديسمبر (وفق التقويم اليولياني).

وقد بلغ الفارقُ الآن بين موعد إحتفال الغرب (الكاثوليك والبروتستانت) بميلاد المسيح في 25 ديسمبر، وبين موعد الإحتفال عند الأرثوذكس في 7 يناير، بفارق 13 يوماً، هي فارق تراكم النسيء (10دقائق و48 ثانية) منذ 46 ق. م. وحتى 2023م.. يمكنُك حسابُها.

 

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد