الأزمة بين مصر والسعودية | أزمة بين قاهرة العروبة، ومملكة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا

  • كتب: محمد هلال.

كلما اقتربت القاهرة من عروبتها ابتعدت عنها الرياض، حقيقة رسمها التاريخ منذ نشأة المملكة العربية السعودية، وتلاقى ذلك مع وصول جمال عبد الناصر لحكم مصر وتبنى نهج أحياء القومية العربية من المحيط الثائر إلى الخليج الهادر، كان النظام السعودي دوما ضد هذا التوجه وظلت أنظمة الحكم بالمملكة ترى أن أمة عربية تنبعث فيها قومية مستقلة ثابتة وراسخة تحفظ ثروات العرب خطرا داهما على نظام حكم ال سعود، وكانت دائما العلاقة بين مصر والسعودية متأرجحة صعودا نحو التقارب إذا تخلت مصر عن العرب وهبوطا إلى القطيعة والابتعاد إذا انحازت مصر إلى العرب، حتى أستقر الأمر إلى حد الجمود عندما تولى مبارك مقاليد السلطة بمصر وأمن بأن مصر العروبة توجه قديم وبإلى أكل عليه الزمن وشرب وأن مصر خادمة لمصالح الغرب أفضل كثيرا من مصر المقحمة في مشاكل العروبة التي لا تنتهى.

هنا كان مبارك بالنسبة للرياض الاختيار الأفضل بل الأكثر امنا الذي لا يمكن القيام بشيئا أفضل للملكة من دعمه وتثبيت حكمه، فالرجل صار في الركب الأمريكي دون مقاومة، وحمى أمن الخليج في حربيين متتالتين أحدهما ضد ايران والثانية ضد العراق الذي انقلب عليه الخليج بإيعاز أمريكي حتى قاده لصدام عسكري في الكويت ادى إلى انهيار بغداد في النهاية  ، ومن ثم كانت ثورة يناير وازاحه مبارك عن حكم مصر فاجعة كبرى أربكت الرياض، وصار تولى الإخوان حكم مصر ومن بعدهم عبد الفتاح السيسي تحديان جديدان يواجهان السعودية عليها أن تحسم أمرها تجاههما وبسرعة.مصر+السعودية

مصر والسعودية وزمن الإخوان  

لقد ألتقت توجهات الاخوان والسعودية على كافة المحاور الاستراتيجية إلى حد التوأمة، فموقف الاخوان من ايران قد لا يبتعد عن الموقف السعودي قيد انملة إلى الحد الذي تم فيه ضرب الرئيس الإيراني على رأسه من مواطن سورى مقيم بالقاهرة عندما كان في زيارة للحسين بالقاهرة في عهد محمد مرسى كما أن التدخل الإيراني لصالح بشار الأسد في سوريا لم يكن مقبولا بالمرة لدى اخوان مصر وهم يرون طهران تدعم غريمهم القديم الحديث من ال الاسد الذي كان بينه وبين الاخوان في عهد ابيه حافظ الاسد صولات وجوالات من الصراع على ارض الشام.

الأعتداء على الرئيس الايرانى بالحذاء.
الأعتداء على الرئيس الايرانى بالحذاء.

وموقف نظام الحكم الأخوانى من سوريا أيضاً كموقف الرياض تماما شبرا بشبر وزراع بزراع، ويتضح ذلك الآن في التلاقي التام لتوجهات اردوغان وسلمان بشأن دمشق واستعداد الرياض للسماح لتركيا أن تبتلع حلب السورية نكاية في بشار الأسد الذي لم يكن بالنسبة للرياض يوما الا أحد مشاهد القومية العربية الغير محبذة بالمرة لحكم ال سعود.

ولكن ورغم هذا تخوفت الرياض من سيطرة الاخوان على مصر وذلك لأنها شعرت أن هناك رغبة أمريكية في استبدال ولاء ال سعود الايدلوجى المقام على دعايات دينية بلاعب جديد بدأ يبذغ نجمه بالقاهرة بعد اسطنبول متمثلا في نظام الحكم الأخوانى، وكان تفضيل الرياض لنظام حكم يشابه مبارك اقرب وجدانيا لاختيارات الرياض الاستراتيجية، لذلك كان هناك ارتياح مبدئي لانهيار الاخوان في مصر وتولى رجل من القوات المسلحة حكم هذا البلد العربي الكبير.

اردوغان في زيارة للخليج.
اردوغان في زيارة للخليج.

مصر والسعودية وعبد الفتاح السيسي القادم الجديد

عندما تولى السيسي السلطة في مصر فشلت الرياض تماما في تقييم الرجل، وظنت السعودية أن حصار مصر اعلاميا عبر قناة الجزيرة واقتصاديا عبر مشاكل مالية لا تنتهى سوف يوقع القاهرة تحت السيطرة السعودية بقيادة شخصية عسكرية قوية تقود الامور اقليميا ضد ايران وروسيا كما تريدها الرياض، وكان أول صدام على استحياء بين السيسي الذي يبدو أن السعودية قيمته بشكل خاطئ ونظام ال سعود عندما طالبت السعودية مصر بالتدخل العسكري البرى في اليمن ولم تجد استجابة، وفضلت الرياض الا تستبق الاحداث وتكتفي بالدعم السياسي من مصر في حربها ضد الحوثيين وأيضاً ايمانا من السعودية انه لا يمكن تأمين مضيق باب المندب والبحر الأحمر دون موافقة ومساعدة مصرية.

ثم جاءت الطامة الكبرى المتمثل في انحياز مصر لوحدة سوريا ومعارضتها للتوجه السعودي بتسليم دمشق للأتراك وحلف الناتو عبر التصويت للقرار الروسي في مجلس الامن الذي يخول روسيا بالقضاء على حلفاء الرياض وانقرة بسوريا، فلم تجد الرياض مبرر لهذا الموقف المصري الا انها صدمت في عبد الفتاح السيسي ووجدت نفسها واقعه تحت تأثير ماضي اليم مفاده أن السيسي أيضاً من هؤلاء الحكام الذين أتوا لصدارة المشهد في مصر بمقومات القومية العربية، فانقلبت الرياض على السيسي كما انقلبت على كل نظام حكم عربي لا يخدم نظرية ال سعود في الحكم المبنى على مملكة من النفط وفقط.

السعودية مملكة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا

ان قصة الموقف السعودي المؤيد إلى حد الاستماته للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة يبدأ من عام 1933 التاريخ الذي خرجت منه السعودية من فقر مدقع إلى رخاء فاحش، بعد أن ساعدتها واشنطن في دخول عالم النفط وتسيد عرشه عبر شركة ” ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا ” الأمريكية  التي خاضت بأمر مباشر من الادارة الامريكية مغامرة رفضتها بريطانيا عندما طلب الملك عبد العزيز ال سعود مساعدتها في الكشف عن النفط فرفضت لندن ووافقت واشنطن، تفجر النفط من الارض الحجازية ليضع معيار السياسة السعودية إلى الابد، أن لا أمان ولا رخاء ولا حياد عن دعم مصالح واشنطن مهما كان الثمن، حتى وان كان الثمن هدم عواصم العروبة عاصمة عاصمة ابتداء من بغداد صدام إلى طرابلس القذافي مرورا بصنعاء صالح نهاية بدمشق الاسد، تلك هي العقلية الحاكمة لمملكة اقامها النفط عبر مساعدة امريكية سخية، حتما سوف تتصادم مع قاهرة العروبة التي لم ولن تنفك يوما عن أمتها العربية.

الملك عبد العزيز مع الرئيس الامريكى هارى ترومان على أحد حاملات الطائرات الامريكية.
الملك عبد العزيز مع الرئيس الامريكى هارى ترومان على أحد حاملات الطائرات الامريكية.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد



جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.