اقرأ على نجوم مصرية ” كشف الحساب ” والبعد الأخر

  • كتب: محمد هلال.
  • اليوم الجمعة يتحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الشعب، بعد مرور عامين من توليه مسئولية الحكم في مصر، ولقد أختار الرئيس المصري عنوان ” كشف حساب ” لحديثه للأمة، وربما كان السيسي يعنى جيدا كل حرف في جملة ” كشف الحساب” فالرجل منذ أن تولى السلطة وهى يسير بمنهج الأهداف والنتائج، ولكن رغم أن حديث الرئيس المتوقع اليوم، قد ينصب على الأهداف المحققة فعليا على أرض الواقع من مشروعات تنموية وأيضاً مشروعات لإعادة البنية التحتية في مصر إلى الحياة، كما أن حديث الرئيس لن يغفل التحديات التي تواجه مصر وتتمثل في طموحات شعبها، في مستوى معيشة يؤمن لكل فرد في مصر احتياجاته الرئيسية، من قوت وسكن وعلاج وتعليم، ورغم اننا لا يمكن أن نتغافل عن أهمية مناقشة تلك المحاور كعنصر رئيسي في برنامج عمل أي رئيس، الا أن المشهد يحمل بعدا أخر هو الأهم والأخطر على الاطلاق في مسيرة حكم الرئيس السيسي لمصر.

 2014-635378448802938400-293

فمصر هي الدولة الأهم والأخطر في منطقة الشرق الأوسط، وعند الحديث عن أي تغير في المشهد السياسي والاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، لا يمكن لأى محلل الا أن يعرج أولا على القاهرة، ومن هنا أن مشاهدة الصورة في مصر منذ أن تولى عبد الفتاح السيسي الحكم على أنها مجرد مشاريع على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي مطالب رئيس مصر أن يحققها، قد تكون نظرة تفتقد كثيرا من الشمول، وتعانى من قصور بالغ.

 

ان المشهد العالمي تحرك في نهاية عام 2010 وبداية عام 2011 نحو رغبة أمريكية في تغير الخريطة السياسية في منطقة الشر ق الأوسط،   وهذه الرغبة من قبل الولايات المتحدة كان لها أسباب محددة كما يجب أن نؤكد أنها نابعة من مخطط أمتد من حقبة الثمانينات وحتى وقت اشتعال ما يسمى ب ” الربيع العربي ” ويمكن أن نلخص ذلك في:

ان الغرب تعرض لصدمتين في المنطقة العربية في الستين عام الأخيرة، لن يسمح بتكرارهما مهما كلفه الأمر لذلك، الصدمة الأولى هي الناصرية في فترة الخمسينيات وما سببته من مشاكل ضخمة للغرب في المنطقة، فيكفي أن الناصرية حققت الكابوس الأسود بالنسبة للغرب والولايات المتحدة تحديدا وهو شرق أوسط تقوده مصر بإرادة مستقلة، والصدمة الثانية كانت حرب أكتوبر 1973 وما ترتب عنها من قرار عربي يحظر تصدير النفط للدول الداعمة لإسرائيل وفي مقدمتها الولايات المتحدة، من الصدمتين نبع مخطط أمريكي تجلى عام 1980 في كتاب لمستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ” بريجنسكى ” يتحدث فيه عن خطورة النفط العربي، وما مثله قرار العرب آيبان حرب 73 من حظر للنفط عن الغرب من خطورة بالغة لا يجب أن تتكرر، وكان بيت القصيد في المخطط الأمريكي، انه يجب أن تظل المنطقة في صراعات حدودية وعرقية تتطور إلى حروب أهليه في غياب كامل لنمو أي قوة في الشرق الأوسط وبالتحديد مصر، وعزز التعجيل بحرق أرض العرب في ثورات لا تبتعد عنها ابدا الأيدي الأمريكية بنمو قدرات التنين الصيني الاقتصادية، وما مثله ذلك من تحدى خطير للسيادة الاقتصادية الأمريكية على العالم، فالصين تستجلب النفط من العرب، والصين تصنع وتنتج وتصدر للسوق العربية الكبرى، ومن ثم انهيار الدول العربية وغرق الوطن العربي في فوضى عارمة، يعجل بلا  شك بإيقاف هذا التنين الصيني القادم بشراسة من الشرق.

2021541942

ومما سبق:

ان مجرد اقتصار الرؤية في تقيم الرئيس السيسي في عاميين على مشروعات اقتصادية أو تنموية، أو حتى التعامل مع تحديات الفقر والمرض بعيدا عن صلب المشكلة وان كنا نؤكد أن التعامل مع تلك الملفات هام لدرجة كبرى لبقاء النظام المجتمعي في مصر، صلب ومتماسك، ولكن يظل انجاز الرئيس السيسي الأكبر في ” كشف الحساب” هو بقاء الدولة المصرية صامده على خلاف الرغبة والارادة الأمريكية التي خططت ونفذت عام 2011 إلى جعلها دولة رخوة تشبه إلى حد كبير النموذج العراقي، وتتحول منطقة العرب إلى ما يشبه اليتيم على موائد اللئام، أن ما تعرضت له مصر منذ 2011 من ضغوطات اقتصادية، واشاعة التطرف الفكري والانقسام المجتمعي، بالإضافة إلى تلغيم العمق الاستراتيجي المصري في ليبيا، والعبث في منابع النيل ب اثيوبيا عبر ” سد النهضة” أضف إلى ذلك ارهاب ممنهج في سيناء، وضربات منتقاه لكل موارد مصر الاقتصادية وعلى رأسها السياحة، هذا كله لم يكن الا أدوات لتحقيق الغاية الكبرى وهى ” نهاية الدولة في مصر ” أن كشف الحساب لا يجب ابدا أن يتغافل عن هذا البعد الأخر من التحليل والرصد، ونحن نقييم عامين من حكم رئيس مصر.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد