السودان والفيضان الأعظم

كارثة طبيعية تلك التى يعيشها السودانيون هذه الأيام؛ فما يشــهده الســودان من ســـيول وفيضــانات هـو الأصعب على الإطلاق خــــلال المائة عــام الأخــــيرة على الأقل، إذ قُدِّرَ ارتفـــاع منسوب النيل بنحو 17.57مترا، وهو مستوى تاريخي لم يحققه منذ بدء رصد النهر في عـام 1902، بحسب وزارة المياه والري، وأكـده عـدد مـن المســؤولين الســودانيين، مـا دفـع مجلـــس الأمن والدفاع إلى إعلان حالة الطوارئ في أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر، كما قرر اعتبار السودان منطقة كوارث طبيعية، مع توقع باستمرار الفيضانات التى أدت إلى سقوط أكثر من مئة قتيلٍ و46 من المصابين بحسب المتحدث باسم الدفاع المدني السـوداني، إضــافة إلى تضـرُّر آلاف المـنازل ونزوح مــا يقرب من ثمانين ألف شخص، وفقا لما أعلنته وكالة الأنباء السودانية.
وعلى صعـيد متصـــل أعلـن المتحـدث العســــكري المصـــري، العميد تامر الرفاعي، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بفتح جســـر جــوي لإرســــال مســـاعدات عاجلة لمتضــرري الســيول بالسودان في ظل الأزمة التي يمر بها حالياً، وكشف أن طائرة نقل عسـكرية قد أقلعـت بالفعل من قاعـدة “شـرق القاهــرة الجوية” متجهةً إلى مطار الخرطوم، محملة بكميات كبيرة من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية وفقا لما ذكرته قناة العربية.
وفى ظل التساؤلات والمخاوف التى ثارت حول الأثر المتوقع لهـذا الفيضـــان على الدولة المصــرية ومدى ما يمثله لها مـن تهـــديد، أوضـــح المتحــدث باســم وزارة الــري المصــرية أن مـا تشهده بداية العـام المائي الجـديد مـن أمطــارٍ غزيرة إنما هــو مؤشر يؤكد قوة الفيضان هذا العام، لكن معرفة تأثيراته على مصر لن تتضح إلا بنهاية شهر سبتمبر، وفى إشارة منه لعدم تشابه الوضعين المصــــرى والســــودانى، أوضح أن الســـودان ليست دولة مصـب فقط، بل هى منبع في الوقــت ذاته، نظــرا لوجود بعض الأنهار الصغيرة بهــا والتي تصـب في نهــر النيل، مشــيرا إلى أن كمـية الأمطــار التى سـقطــت هـذا العـام كـانت ضخمة، ما تسبب في غرق عدد من القرى والمدن السودانية، كما نوه إلى أن “الأمطار التي سقطت على السودان ستذهب إلى مصر ويمكنها الاستفادة منها”.
وكـانت وزارة المـوارد المـائية المصـرية قد أعلـنت في التقـرير الصــادر مـنها عقب اجتـماع لجـنة إيـراد النيل منتصـف شـهر أغسطس المـاضى، عن اسـتعدادها الكـامل لفيضــان النيل الذى بدأ في الشـهر نفسـه، ووفقـا للتقـرير فإن المؤشرات في حينه أوضحت أنّ فيضــان هذا العام مُبشر وفـوق المتوســط، وأن هناك متابعة يومية لمناسيب المياه في أعالي النيل بداية من محطة الديـم جـنوب شــرق الســودان وحتى وصــولها إلى بحيرة ناصر، ومحطة القياس الرئيسية في السد العالي، كما أنّ هناك بعثة مصرية في السودان وأخرى في أوغندا وجنوب السودان، تتابع مناسيب الخزانات والسدود والتصرفات حتى السد العالي، في إطار من التعاون والشفافية لتبادل البيانات والمعلومات، ومتابعة صور الأقمار الصناعية، وكذلك متابعة أعمال التنبؤات بالفيضان وتقارير الأحوال الجوية والأمطار على السودان والهضبة الإثيوبية.
ومن الجدير بالذكر أن قياس مناسيب النيل يرجع استخدامه إلى المصريين القدماء الذين أنشأوا بجهة “سمنة” مقياسًا للنيل ينبيء عن حال الفيضان، كما بنى الملك أمنحتب الثالث مشــروع لتخــزين ميــاه الفيضــان حـتَّى ينتفـع بهــا في أوقــات انحســار الفيضــان الذى تعتـبر الهضبة الإثيوبية هـي المصـدر الرئيسي له والتى تمثل 85 % من حصة مصر المائية التي يعد النيل الأزرق أهم روافدها، ويضاف إلى ذلك النيل الأبيض الذي يمد مصر بـ 15% من حصتها من مياه النيل.
ويصل متوسط تدفقات النيل الأزرق 50 مليار متر مكعب كل عام، بحسب الحصة الرسمية، لكنها قد تصل إلى من 80 إلى 100 مليار في أوقات الفيضان،.
فقد شهدت مصر على مدار تاريخها عدة فيضانات غيرت من تلك الحصــة فوفقا لما قالته صـحيفة “الأهــرام” المصرية “إن إيراد مصر من المياه في فيضان عام 1887 بلغ نحو 150 مليار متر مكعب مـن الهضـبة الإثيـــوبية”، مشــيرة إلى أنه كــان أعلى إيرادا من حصة اتفاقية تقســـيم نهــر النيل، وأعلى مما حققه فيضان عام 1874 الذى كان أقل من فيضان 1887 بـ 72 سنتيمترا.
محمد حامد – مصر


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد