البراء بن مالك الذي قيل فيه “لا تولوه جيشاً من المسلمين لئلا يهلك الجيش بشجاعته”

الصحابة رضوان الله عليهم جميعا كانوا يعدون بالآلاف، وكانوا كلهم مجاهدين، إلا أن لكل واحد فيهم ميزة أو منقبة تميزه، وكل يخدم الإسلام بما آتاه الله من صفات ومناقب، فمن كان رخيم الصوت أعذبه أقام الأذان كسيدنا بلال بن رباح، ومن كان ذو فطنة وذكاء تولى القضاء مثل سيدنا عمر بن الخطاب أيام خلافة سيدنا أبي بكر الصديق، ومن كان فارسا لا يشق له غبار تولى الجيوش يقودها لانتصار تلو انتصار، ولكن من من الصحابة تحلى بالقوة والشجاعة حتى قال عنه عمر بن الخطاب “لا تولوه جيشا من المسلمين لئلا يهلكهم بشجاعته”؟
إنه البراء بن مالك بن النضر الآنصاري رضي الله عنه.

البراء بن مالك

الصحابي الذي قيل فيه "لا تولوه جيشا من المسلمين لئلا يهلك الجيش بشجاعته"
الصحابي الذي قيل فيه “لا تولوه جيشا من المسلمين لئلا يهلك الجيش بشجاعته”

البراء وسبقه إلى الإسلام:

كان البراء رضي الله عنه ممن بايعوا تحت الشجرة يوم كان المسلمون قلة مستضعفين، وشهد كل الغزوات مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) ما عدا غزوة بدر، قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم “رب أشعث أغبر لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره” وكان النبي يعني البراء بن مالك، أي أنه مستجاب الدعوة، وهي الميزة التي أخذ بها البراء ليتم فتحا من فتوح المسلمين في بلاد فارس (إيران حاليا).

جهاده في حروب الردة:-

كانت حروب الردة في أشدها بعد وفاة الحبيب (صلى الله عليه وسلم)، وإصرار أبي بكر الصديق على إنفاذ جيش أسامة بن زيد بن حارثة، وتولى قيادة المسلمين في حروب الردة قادة عظام كسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل، فكانوا يخضعون قبيلة تلو الأخرى، حتى بفي أشد الأعداء، مسيلمة الكذاب، حيث أنه اجتمع له من قبائل اليمن الكثير من رجالها، وكانت معركة اليمامة التي استشهد فيها الكثير من المسلمين وحفظة القرآن الكريم، حتى كاد الجيش أن ينهزم، لولا وجود بعض الأبطال الفائقين كخالد بن الوليد والبراء بن مالك، فانهزم جيش مسيلمة والتجأ إلى حصن له مع جيشه، فوقف المسلمون أمام الحصن لا يعرفون سبيلا إلى اقتحامه فوقف البراء على ترس وقال: يا معشر المسلمين ألقوني إليهم، فرفعه المسلمون برماحهم حتى لامس حافة السور فاعتلاه ونزل إليهم، وقاتلهم حتى وصل إلى الباب وفتحه، فدخل المسلمون وسقط مسيلمة وسقطت كذبته معه، وتعرض البراء لأكثر من ثمانين جرحا في المعركة، وبفي شهرا يتداوى من جراحه.

استشهاده:

بعد حروب الردة اتجه المسلمون لمحاربة العدو الفارسي، وكان البراء بعد أن تماثل للشفاء من المسارعين للجهاد، والتقى المسلمون بالفرس في معركة تستر، وتساقط القتلى والجرحى، وكانت الكفة تميل لصالح الفرس، فلجأ السلمون إلى الكفة التي لا تميل أبدا، وهي دعوة الله عز وجل، فذهبوا إلى البراء وقالوا له: يا براء، أتذكر يوم أن قال الرسول عنك: (كم من أشعث أغبر ذى طمرين (ثوبين قديمين)، لا يؤبه له (لا يهتم به أحد) لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك؟) [الترمذي].
فرفع البراء يده ودعا الله قائلا: اللهم امنحنا أكتافهم، اللهم اهزمهم، وانصرنا عليهم، اللهم ألحقني بنبيك.
ثم ركب البراء وركب معه المسلمون وحملوا على الفرس في الحرب حملة رجل لا يأبه للموت ولا يهابه، فاستجاب الله دعوة  البراء، فانتصر المسلمون، وألحقه الله بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فاستشهد البراء في المعركة بعد أن قدم كل غال ونفيس في رحلة جهاد طويلة، وكان ذلك سنة 20 هجرية.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد