مبادرات شبابية في الجزائر تهدف إلى تنظيف المشردين وتغيير أشكالهم 

ظهرت في الآونة الأخيرة الكثير من المبادرات الشبابية في الجزائر والتي تهدف إلى تنظيف المشردين في الشوارع وتغيير أشكالهم إلى الأفضل وإعطائهم ملابس جديدة، بهدف إسعادهم، ولاقت هذه المبادرات استحسانا كبيرا من قبل المواطنين في الجزائر وفي العالم بأكمله، سنتحدث في هذا المقال عن نبذة من هذه المبادرات وفقا لصحيفة إندبندنت البريطانية.

يقوم شاب جزائري يدعى فاتح، والذي يعمل حلاقا رجاليا، برسم الابتسامة على وجوه هذه الفئة المحرومة التي تتخذ من الشارع مأوى لها، حيث يقوم هذا الشاب بإحداث تغييرات للأفضل على أشكالهم الخارجية فيقوم الشاب بحلق شعورهم ومن ثم منحهم ملابس جديدة تجعل منهم أشخاصاً في غاية الأناقة والنظافة.

ويقوم هذا الشاب بتصوير هذه المبادرة ومن ثم عرضها على شكل فيديوهات تظهر مراحل الاعتناء بهؤلاء الناس، بهدف تشجيع الناس على إسعاد هذه الفئة التي تعاني كثيرا، ويتم تداول هذه الفيديوهات على نطاق كبير جداً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تلقى استحساناً وتفاعلا كبيرا من المواطنين، خصوصاً أنها تخص فئة من الفئات المعدومة في المجتمع، وهي فئة المشردين الذين لا يجدون إلا من الشارع مأوى لهم بعد أن دفعتهم ظروف الحياة وقسوتها إليه.

ومن مقاطع الفيديوهات المتداولة كذلك فيديو يُظهر شباب آخرين يقومون بتنظيف رجل مسن مشرد ويقومون بغسل جسده بالماء وينظفونه، ومن ثم يقصون شعره ويستبدلون ملابسه القديمة بأخرى جديدة، لتعود للرجل ابتسامته الغائبة منذ زمن مجددا في آخر الفيديو، في موقف لاقى استحسان الكثير من الناس.

وفي آخر ثلاث سنوات بدأ المجتمع المدني الجزائري بالتحرك والخروج من حالة الركود والصمت ناحية هذه المبادرات الشبابية، والتي يتم تنظيمها في أغلب الأحيان من قبل جمعيات خيرية أو فردية في مجالات عديدة، فتشمل تنظيف البيئة أو مساعدة الناس في تجاوز المصاعب وتجاوز آلامهم ومعاناتهم، أو عن طريق توزيع الإعانات على الأسر والعائلات المحتاجة، خصوصاً في المناسبات الدينية أو مع وجود الحاجة الاجتماعية ودخول الدراسة.

ويقول المعلم «عمار داودي» أن الجزائر بحاجة إلى مثل هذا النوع من التكافل والتضامن الاجتماعي مع هذه الفئة التي كانت قد ارتفعت نسبتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وأنه قد يساعد فتح المجال لإنشاء الجمعيات الخيرية التي تساهم في مثل هذه المبادرات الرائعة والإنسانية في تقوية هذا الشكل من التآزر والتعاون ما بين أفراد المجتمع وبين هؤلاء الذين تشردوا عن منازلهم وعن أهاليهم، فهناك الكثير من المشردين في الجزائر والذين يحتاجون إلى دعم كل من الدولة والمواطنين.

و أما عن هذه المبادرة فتقول المتخصصة الاجتماعية إيمان أوكال أنها جيدة وأثرها بالغ وطيب في نفوس هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في وضعية مؤلمة للغاية على أرصفة الشوارع، لكنها رغم مميزاتها، فإنها موقتة الأثر.

وأضافت إيمان أن يفضل أن تعمل هذه المبادرات على حل جذور مشكلة هذه الفئة وذلك عن طريق التنسيق والتعاون مع كافة الجمعيات الخيرية، من أجل انتشالهم من هذا الوضع المحزن، ومن معاناتهم على أرصفة الشوارع ودمجهم في الحياة الاجتماعية مرة ثانية، عن طريق التعاون مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين المتطوعين”.

ولأنه لا يوجد أحد يختار حياة التشرد والتيه، فتعتبر إيمان أن هؤلاء الناس يحتاجون إلى تغيير من الداخل، وذلك عن طريق خضوعهم للعلاج النفسي، الذي يجعلهم يؤمنون بأنفسهم ومن ثم يسترجعون الأمل في أن يعيشوا حياة طبيعية كريمة، كأبسط حق من حقوقهم.

ويعد التشرد من القضايا الاجتماعية والملفات التي تحاول كافة السلطات وضع حل لها، في ظل تزايد عدد هؤلاء الناس الذين لا مأوى لهم وتعج وتمتلئ بهم الشوارع وتختلف قصصهم، وقد تتمثل الأسباب في غياب السند الاجتماعي أو التكافل العائلي، فمن ثم يخرجون بحثاً عن الركن الدافئ الذي يجعلهم في مأمن.

محاولات للتكفل وللإيواء 

وتتكفل مديريات النشاط الاجتماعي الموجودة في الجزائر بتجميع المشردين الذين يفترشون الطرقات في الشوارع وتحت الجسور ومن ثم تقوم بتوزيعهم على مراكز للإيواء، ويتلقى الصغار اهتماما أكبر من قبل المشرفين على مراكز الإيواء، ويتم توجيههم في الغالب إلى متخصصين نفسيين.

لكن عدداً كبيراً من هؤلاء الأفراد يرفضون بقاءهم في مراكز الإيواء ويفضلون العودة للشارع وفق شهادات البعض، مما يعقد ويصعب عملية إيوائهم، ويجعل من هذا الأمر معقدا للغاية وغير قابل للحل.

وتشير المعلومات المتوافرة إلى أنه يتم تنظيم أكثر من 1500 دورية في العام بهدف إيواء المشردين في مراكز  قد خصصت لهم، وتتألف كل دورية من حوالي 12 فرد يتبعون لوزارة التضامن والأسرة وقضايا المرأة، وهي كلها عمليات يتم القيام بها عن طريق التنسيق مع مصالح الحماية المدنية (الدفاع المدني)، وكذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية ومجموعة من الأطقم الطبية التي تتكفل بالمتابعة الصحية لهؤلاء الأشخاص.

كما أن هناك الكثير من الجمعيات الخيرية في الجزائر موزعة في ولايات مختلفة تتكفل بتأمين الدعم للمشردين عن طريق توفير الطعام والملبس والأغطية لهم، وخصوصا في فصل الشتاء، بهدف تشجيعهم على الانخراط مجددا في المجتمع ومن ثم قبول الذهاب إلى مراكز الإيواء.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد