منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة| حبات البنّ بعيون مُزارعيه في بنما (تقرير)

قبل إشراق شمس الصباح وانعكاس أثر شُعاعها الذهبي على أشجار غابات بنما المُطيرة، تبدأ يوميات إليزابيث المليئة بالحيوية بعبق البن الطازج الذي يملأ الهواء، فهو أكثر بكثير من مجرد انطلاقة صباحية لها، إنها تجربة تفيض بالذكريات والشغف والميراث الثقافي العريق، وفي فيديو صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تحدثت إليزابيث عن التحديات التي تواجه زراعة البنّ في بنما وكيف ساهم دعم المنظمة في تخطي تلك العقبات.

السيدة إليزابيث مينديز

إليزابيث مينديز تقطف حبات البن - مصدر الصورة: اسكرين من فيديو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على يوتيوب
إليزابيث مينديز تقطف حبات البن – مصدر الصورة: اسكرين من فيديو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على يوتيوب

في أعماق “غابات بنما” ذات اللون الأخضر الداكن وبداخل منزل بسيط مصنوع من القش والخيزران تعيش السيدة (Elizabeth Méndez) أحد سكان “Guna” الأصليين، إنه المكان الذي حفر فيه آباؤها وأجدادُها آثار جهودهم وعرقهم لزراعة وإنتاج حبوب البن على مر الأجيال، تلك الحبات التي تبدو للبعض مجرد نبتة صغيرة لكنها تُشكل مصدرًا أساسيًا للدخل والعيش لشعوب بنما الأصليين؛ حيث يشهد تاريخ هذه المجتمعات المحلية العديد من الصراعات والتحديات التي واجهتها خلال العقود الماضية للحفاظ على أساليب الإنتاج التقليدية الفريدة التي تُميزها مرورًا بعملية تسويق وبيع البنّ، تقول إليزابيث:

“لقد كنت أحصد البنّ منذ أن كنت طفلة صغيرة، ولكن في بعض الأحيان لم نكن نفهم ما كان يحدث لنبتات البنّ، في بعض الأحيان كانت تبدو مريضةً، وفي أحيان أخرى كان إنتاجها محدودًا”.

“إنّ التحدي الرئيسي الآخر الذي نواجهه دومًا هو مكان بيع البنّ وكيفية القيام بذلك، فعندما نقوم بحصاد البنّ لا يكون لدينا أحيانًا مكان لبيعه، وأحيانًا أخرى نبيعه بسعر رخيص”.

دعم التعافي الاقتصادي لمنتجي البنّ

حبات البن في يد إحدى المزارعين في بنما - مصدر الصورة: اسكرين من فيديو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على يوتيوب
حبات البن في يد إحدى المزارعين في بنما – مصدر الصورة: اسكرين من فيديو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على يوتيوب

بكلمات تملؤها الحماسة والطموحات العالية تتحدث إليزابيث عن مبادرة “دعم التعافي الاقتصادي لمنتجي البنّ من السكان الأصليين في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد“، هذا المشروع المتطور الذي تأمل أن يكون شعاع الأمل لمزارعي البنّ في المجتمعات المحلية مثل نغابي وإمبيرا وغونا ووونان، الذي يُساهم في الحفاظ على تراث وثقافة أجدادهم في زراعة البن بجانب الحصول على مصدر رزق جيد يُعينهم على الظروف الاقتصادية.

“لطالما كان البنّ جزءًا من ثقافتنا، ولكننا الآن ننظر إليه أيضًا كمصدر محتمل للإغاثة الاقتصادية”.

أهداف المشروع

مزارعي البن في بنما يحصدون حبات البن - مصدر الصورة: موقع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة
مزارعي البن في بنما يحصدون حبات البن – مصدر الصورة: موقع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة

أُطلقت تلك المبادرة الممولة من الصندوق الياباني المختص ببرنامج الحد من الفقر من جانب مصرف التنمية للبلدان الأمريكية، وشاركت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بتنفيذه بدعم من شركة (Café Durán) المشهورة في إنتاج البنّ ووزارة التنمية الزراعية في بنما، وكان هدف المشروع زيادة دخل مزارعي البنّ من الشعوب الأصلية بتعزيز إنتاجية الحراجة الزراعية المستدامة للبنّ وتحسين جودته وتسويقه لضمان بيعه، في هذا السياق تضمن المشروع:

  • إقامة دورات ميدانية في المدارس الحقلية التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.
  • العمل على تعزيز قدرة التعامل مع التغيرات المناخية التي من شأنها تقليل كمية الإنتاج وجودته.
  • إقامة أنشطة تعليمية تهدف إلى تعزيز المشاركة النسائية في الإنتاج واتخاذ القرارات في المجال الزراعي.
  • تدريب أكثر من 150 مزارعًا من السكان الأصليين في مجال زراعة البنّ من أربعة مجتمعات محلية مختلفة.
  • إقامة تدريبات موسمية للمزارعين لتوعيتهم بالممارسات الزراعية الإيكولوجية المستدامة التي تسعى لتقليل استخدام المبيدات الحشرية.

بفضل تلك المبادرة أصبح الكثير من مزارعي البنّ خبراء في مجال الإيكولوجيا الزراعية، ويديرون محاصيل البنّ الخاصة بهم بإتقان، مع الاعتماد على الممارسات التقليدية والثقافية لشعوبهم الأصلية.

إليزابيث: “تعلمنا بفضل التدريب جميع الأمور المتعلقة بإدارة البنّ وكيف يمكننا رعاية النباتات عندما تصيبها أمراض، كل هذا من دون الحاجة إلى وضع تقنياتنا التقليدية جانبًا، مع الحفاظ على نباتات أجدادنا المحلية”.

يوضح أيضًا “ريكاردو توفار” مدير إنتاج البنّ بشركة ” Café Durán” أن أفراد المجتمعات المحلية كانوا يعملون في الماضي بمزارع البنّ واليوم هم أصحاب مزارع خاصة بهم يُنتجون حبات القهوة ويتم بيعها للمشترين مثلما نفعل بفضل هذا المشروع، وهذا سيساهم بالتأكيد في تزويد تلك المجتمعات على المدى الطويل بحياة جيدة مستدامة اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا.

مبادرة “بلد واحد منتجٌ واحد ذو أولوية”

إليزابيث مندي حبات البن - مصدر الصورة: اسكرين من فيديو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على يوتيوب
إليزابيث مندي حبات البن – مصدر الصورة: اسكرين من فيديو منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على يوتيوب

تُعدّ زراعة البنّ في بنما جزءًا من المبادرة التي أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة “بلد واحد، منتجٌ واحد ذو أولوية” التي تضع ضمن أولوياتها أصحاب الزراعة الأسرية والحيازات الصغيرة ومساعدتهم في إنتاج وتوزيع وتسويق منتج ما في كل ربوع البلاد، كما تمنحهم فرصة التعاون مع القطاع الخاص أو المؤسسات المالية كمصرف التنمية للبلدان الأمريكية، وأيضًا تسعى جاهدةً لتحويل الزراعة والنظام الزراعي إلى مستقبل ونمو اقتصادي شامل ومستدام من خلال تقديم الدعم الكامل من مساعدات فنية أو استثمارية لتحويل أحلام المزارعين إلى حقيقة مزدهرة.

في إطار هذا يُشير “أدونيرام سانشيز بيراسي” ممثل المنظمة في بنما إلى أن تلك المبادرة من شأنها إقامة منصة مميزة تُساهم في دمج أكبر عدد من المزارعين اجتماعيًا واقتصاديًا في العملية الإنتاجية.

“ما نريد بناءه هو منصة للإدماج الاجتماعي والاقتصادي لعدد أكبر من المزارعين في العملية الإنتاجية التي يتمتع فيها القطاع الخاص بالمعرفة بشأن الأسواق”.

في الختام دعت السيدة إليزابيث جميع أفراد المجتمع المحلي في بنما (مختصة بذلك الشباب) على تعلم كيفية زراعة البنّ بطريقة صحيحة، مشيرةً إلى أن هذا المنتج سوف يضمن الاستقرار الاقتصادي للمجتمع وسيساهم في توليد دخل ثابت ومستدام على مدار الأعوام القادمة.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد