الأمم المتحدة: زعماء العالم يُقرون بالإجماع وثيقة القضاء على السل بحلول 2030

تُجسد الأمراض المُعدية أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه المجتمعات حول العالم ورغم أن وباء كوفيد – 19 القاتل كان على رأسها، ولكن لا ننسى أبدًا الأمراض التي تصطاد الأرواح منذ قرون، إنه “السل” ثاني أهم الأمراض المعدية القاتلة! هذا الوباء العابر للحدود الذي يستمر في خطف الأرواح وترويع المجتمعات، لقد تسبب وحده في وفاة ما يقارب من 1.6 مليون شخص في عام 2021 وفقًا لما أعلنته منظمة الصحة العالمية.

طبيب يُجري كشفًا على مريض بالسل بإحدى مستشفيات مومباي بالهند - مصدر الصورة: موقع: United Nations

يونيت إيد: خفض معدل وفيات السل ممكنة ولكن!

أكدت مبادرة الأمم المتحدة للابتكار في مجال الصحة “يونيت إيد” في دورتها الثانية والأربعون على ضرورة تنفيذ استراتيجية لتحديد الاتصالات المنزلية وتوفير علاج وقائي لمرض السل، موضحةً بأن ذلك سيكون أكثر فاعلية في خفض عدد الوفيات بنسبة قد تصل إلى 35% بين المخالطين لمرضى السل والمصابين بفيروس نقص المناعة خلال الـ12 سنة المقبلة.

جاء ذلك في إطار نتيجة الدراسة المشتركة التي أجراها معهد أوروم وبرنامج يونيتيد وجامعة هوبكنز بالولايات المتحدة؛ حيث توصلت إلى أن تطبيق تلك الاستراتيجية سيُساهم في إنقاذ ما يقرب من 850 ألف شخص من الموت بحلول عام 2035، محذرةً بأن فشل ذلك سيؤدي إلى فقدان ما يقرب من مليون شخص.

تأكيدًا على أهمية تلك الاستراتيجية كانت منظمة الصحة العالمية قد أوصت بتوفير علاج وقائي لمرض السل إلى الأشخاص الأكثر عرضه للإصابة بالسل بما فيهم المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية المخالطين لمرضى السل، نظرًا لأن معدل إصابتهم تصل إلى 10.6 مليون شخص كل عام.

مجتمعات خالية من السل

مريض السل يتعافى في منزله في كولومبيا - مصدر الصورة: موقع: United Nations
مريض السل يتعافى في منزله في كولومبيا – مصدر الصورة: موقع: United Nations

استكمالًا للجهود العالمية في القضاء على مرض السل، وافق زعماء العالم وممثلو المجتمع المدني بالإجماع على إعلان سياسي لوثيقة جديدة تتضمن أهدافًا طموحةً في رحلة القضاء على السل خلال السنوات الخمس المقبلة، جاء ذلك في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن هذا المرض أملًا في القضاء عليه نهائيًا بحلول عام 2030، وقد شملت تلك الأهداف:

  • استخدام الاختبار السريع لتشخيص مرض السل والموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية.
  • تقديم خدمات الوقاية من مرض السل إلى 90% من الأشخاص مع رعايتهم.
  • توفير حزم المنافع الاجتماعية للأشخاص المصابين بالسل.
  • ترخيص لقاح جديد على الأقل لمرض السل.
  • سد فجوات تمويل بحوث السل وتنفيذها بحلول عام 2027.

الوباء القاتل

أوضح “دينيس فرانسيس” رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال اجتماع منظمة الصحة العالمية أن مرض السل قد أصاب البشرية منذ آلاف السنين منتشرًا في أنحاء العالم بمسمياته المختلفة بما فيها الطاعون الأبيض والاستهلاك دون أن نتمكن من هزيمته، ففي وقتنا الحاضر لا يزال السل واحدًا من أهم الأمراض المعدية القاتلة في العالم؛ حيث يُعاني أكثر من 10 مليون شخصًا سنويًا من هذا المرض، ويفقد أكثر من مليون شخص حياتهم بسببه بالرغم من إمكانية الوقاية منه وعلاجه.

أوضح تقرير منظمة الصحة العالمية أن فشل مكافحة السل كان بسبب المقاومة المتزايدة للأدوية التي تُعد أبرز التحديات الرئيسية في مكافحة المرض، حيث يُعد السل المقاوم للأدوية مسببًا رئيسيًا لمقاومة المضادات الحيوية، فكل عام يُصاب ما يقرب من نصف مليون شخص بالسل المقاوم للأدوية مما يُزيد من التحديات التي تواجه جهود العلاج والوقاية من هذا المرض، لذا أصبح التركيز على البحث وتطوير لقاح جديد للسل ضروريًا للعثور على حلول جديدة وفعالة لمكافحة هذا المرض المدمر.

معالجة أسباب المرض

مريض السل يتلقى علاجه بإحدى المستشفيات - مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية
مريض السل يتلقى علاجه بإحدى المستشفيات – مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية

في إطار ذلك أشارت “أمينة محمد” نائبة الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الخطوة الأولى والفعالة للقضاء على المرض هي تتبع أسبابه والعمل على معالجتها والقضاء عليها أولًا، مشيرةً إلى أن أبرز الأسباب الرئيسية للإصابة بالسل تتمثل في:

  • الفقر.
  •  فيروس نقص المناعة البشرية.
  • نقص التغذية.
  • السكري.
  • الصحة العقلية.
  • انعدام الرعاية الصحية.
  • التدخين.

كما أكدت على ضرورة توعية الأفراد بخطورة المرض من أجل تلقي العلاج دون خوف من نظرة المجتمع، هذا بجانب توفير الحكومات تغطية كاملة وشاملة لفحص السل والوقاية والعلاج منه، وعن سبب دعمها للجهود العالمية في مواجهة السل قالت:

التزامي هو قصتي الشخصية: فقدان والدي بسبب مرض السل عن عمر يناهز 50 عامًا، قبل 37 عامًا، اليوم لدينا الأدوات اللازمة للتشخيص والعلاج وما نحتاجه الآن هو اللقاح، دعونا ننهي مرض السل الآن إنه ممكن.

وصمة الموت

على الجانب الآخر دعت “هاندا ريا” الكاتبة المنغولية جميع زعماء العالم إلى معالجة المرض اجتماعيًا وليس من الناحية الطبية فقط، مشيرةً إلى أن نظرة المجتمعات النامية وحكمهم على المصابين بالسل خاصةً الفتيات يدفع إلى المزيد من حالات الوفاة بهذا الوباء بسبب الخوف من طلب العلاج تجنبًا من لعنة الوصمة التي ستلاحقهم.

بختام الاجتماع علق الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس قائلًا: “على مدى آلاف السنين عانى أسلافنا وماتوا بسبب مرض السل دون أن يعرفوا ماهيته أو سببه أو كيفية إيقافه، اليوم لدينا المعرفة والأدوات التي كانوا يحلمون بها فقط، إن الإعلان السياسي الذي وافقت عليه البلدان اليوم والأهداف التي حددتها، هو التزام باستخدام تلك الأدوات وتطوير أدوات جديدة لكتابة الفصل الأخير في قصة السل”.

هذا وقد أعلن “تيدروس أدهانوم غيبريسوس” المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إطلاق مجلس تسريع لقاح السل بشكل رسمي، ويهدف هذا إلى تسهيل عملية تطوير لقاح السل الجديد وترخيصه سريعًا بجانب استخدام لقاحات جديدة لمكافحة هذا المرض القاتل، ويتكون المجلس من مجموعة وزارية رفيعة المستوى تضم تسعة أعضاء بالتناوب لمدة عامين، ويتم دعم المجلس بشكل فعّال من قبل أمانة منظمة الصحة العالمية، هذا بجانب الهيئات الفرعية التي ستساهم في دعم تفاعله ومشاركته مع القطاعات الخاصة والمؤسسات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني.

من الجدير بالذكر أن اللقاح الحالي المتاح للسل هو لقاح BCG وهو اللقاح الوحيد المرخص حتى الآن، وعلى الرغم من فاعليته المعتدلة في الوقاية من حالات السل الحادة لدى الرضع والأطفال الصغار، فإنه لا يوفر حماية كاملة للشريحة الأكبر من المصابين بالسل وهم المراهقين والبالغين، حيث يُساهم أكثر من 90% من هؤلاء الأفراد في انتقال المرض على مستوى العالم.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. أيمن إسماعيل يقول

    ممتاز جدا