ظاهرة الديجافو (Déjà vu)| ذكريات ومواقف لم نمر بها مسبقًا ولكن…!

تنفجر الحواس بشدة وتتلاحق الأفكار في ذهنك وكأنك تعيش لحظة لم تكن تعلم أنها ستعود لتلاحقك من جديد، وتظل تتساءل هل أنت في الواقع أم في عالمٍ موازٍ!! هل المكان الذي تجول فيه وجوه المألوفين وتلك المواقف التي تحدث حقيقة أم مجرد تجربة خيالية من الماضي؟!

وهم سبق الرؤية

إنها ظاهرة الديجافو، الظاهرة الغامضة التي تسكن في عمق ذاكرتنا وتعبث بواقعنا، تلك اللحظات الفريدة التي نشعر بأننا عيشناها من قبل حتى وإن كانت الأحداث تُكتشف أول مرة أمام أعيننا، إنها ليست بإحساسِِ عابرِِ بل قوة غامضة تجرفنا في رحلة عبر الزمان والمكان.

إذا تحدثنا عن أول شعور بالديجافو فنحن نعود إلى عام أربعمائة بعد الميلاد؛ حيث القديس أوغسطين الذي وصف التجربة التي شعر بها باسم “الذكريات الكاذبة”، وقد ظهر مصطلح “déjà vu” واستُخدم أول مرة من قبل الفيلسوف الفرنسي “إميل بواراك” في مجلة المراجعة الفلسفية حيث كتب عن الشعور بالديجافو “le sensation du déjà vu” لعرض وتحليل تلك التجربة.

تعددت النظريات والغموض مستمر‌

صورتين لرجل وامرأة في موقف ما وانعكاسه في الماضي على خلفية باللون الأسود - مصدر الصورة تصميم خاص لنجوم مصرية
صورتين لرجل وامرأة في موقف ما وانعكاسه في الماضي على خلفية باللون الأسود – مصدر الصورة تصميم خاص لنجوم مصرية

تناول العلماء ظاهرة الديجافو بشغف كبير محاولين فهم جذورها وتفسيرها، لكنّما زالت تلك الظاهرة تحتفظ بأسرارها ولم تُفسر بشكل نهائي حتى الآن بالرغم من النظريات العدّة التي حاولت تفسيرها، ومن تلك النظريات ما أشارت إليه مجلة النشرة النفسية “Psychological Bulletin” في إحدى مراجعتها العلمية عام 2003؛ حيث لخصت أربع أسباب قد تكون السبب وراء الشعور بالديجافو وجاءت كالتالي:

  1. التفسير الأول وهو الأكثر بديهية حيث يُشير إلى إمكانية حدوث الموقف بالفعل في الماضي ولسبب ما لم نتذكر توقيته وتفاصيله السابقة عند تكراره مرة أخرى ولكنه يبدو مألوف.
  2. نظرية المعالجة المزدوجة، وتُشير إلى وجود خلل في الوظيفة الدماغية يؤدي لعمل عنصرين بوقت واحد في نطاقين زمنيين مختلفين، مما يؤدي إلى إحساس الشخص بالتباس في الزمن.
  3. في التفسير الثالث يتم إحالة الشعور بالديجافو إلى نظرية “الاضطرابات الصرعية” ووجود انحراف وخلل في الإشارات العصبية، استنادًا بأن تلك الظاهرة تكون جزء من الهالات التي تصاحب نوبات الصرع، أما الأشخاص الذين لا يعانون من الصرع قد يعود ذلك إلى تأخر في نقل معلومات المحفزات الحسية للدماغ مما يؤدي للتداخل والشعور بأن الحدث قد تم بالفعل من قبل.
  4. التفسير المتعمد (نظرية الاهتمام المنقسم)، وتُشير هنا إلى فكرة تشتيت الانتباه لجزء من الثانية بشكل مفاجئ والعودة مجددًا للحدث يجعله مألوفًا كما لو كان قد حدث من قبل.

بالرغم من ذلك ما تزال الأسئلة والنظريات تتعالى وتتكاثر حول هذه الظاهرة، فهل تُعد الديجافو نافذة صغيرة نَتَطَلَّعُ من خلالها إلى تجارب حياةٍ ماضيةٍ؟ أم أنها مجرد خلل في وظائف الدماغ يجعله يخلط بين الذكريات والواقع؟! قد تكون الإجابات متعددة ومتنوعة، لكن الحقيقة المؤكدة هي أن الديجافو تثير فضول البشر منذ القدم حتى الآن.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد