هل الغاية تبرر الوسيلة؟

الفرق بين الهدف والغاية:

هل الغاية تبرر الوسيلة

هل الغاية تبرر الوسيلة

لكل إنسان منا في هذه الحياة أهداف، ولا بد أن يكون لتلك الأهداف غايات مرتبطة بها، فكل قول أو فعل أو عمل أو حتى مجرد النية، لابد وأن يكون لنا فيها غاية محددة، والغاية في اللغة: هي النهايةُ والآخِر، وغايةُ الأَمر: أي الفائدةُ المقصودة منه، والغاية أيضاً بمعنى الغرض، وهي ما لأجله يقدم كل فاعل على فعله، أما الهدف في الاصطلاح فإنه: إجراء ملموس وقابل للقياس، ويمكن تحقيقه، ويكون محدداً بوقت، ويمكن تجزئته إلى مهام فرعية يمكن تحقيقها.

بعبارة أخرى؛ فإن الهدف هو الطريق الذي نسلكه أو الوسيلة التي نستخدمها لتحقيق غايتنا؛ فمثلاً التميز في العمل هدف جميل، ولكن ما الغاية الأساسية التي نسعى لتحقيقها في النهاية من وراء ذلك الهدف؟

الغاية هي الدافع المحرك والمحفز على العمل، وهي التي من خلالها توضع الأهداف سعياً لتحقيقها، والغاية غالباً ما تكون مرتبطة بأعظم ما يتمناه الفرد، أما الهدف فإنه مرتبط مؤقتًا بما يريده الفرد في لحظة من اللحظات أو مرحلة من المراحل، ولذلك نجد كثيرًا من الناس له أهداف؛ ولكن ليس له غاية.

ما هي غايتك في هذه الحياة؟

الذي وضع الغايات للإنسان المسلم هو الله سبحانه وتعالى، ولذلك تعد الغايات هي المقصد النهائي للفرد المسلم، لذلك يجب أن تصبح كل أهدافه وأعماله تتجه نحو تحقيق هذه الغاية؛ وهي تحقيق رضا الله عز وجل، ونيل ثوابه في الدنيا والآخرة.
هل الغاية تبرر الوسيلة؟

من وجهة نظري فإن القول بأن الغاية تبرِّر الوسيلة: هو ذريعة لتبرير ارتكاب الأخطاء، فالشريعة الإسلامية السمحة أتت بتشريعات محكمة، بينت الحلال من الحرام، وأفاضت في بيان الوسائل المباحة والوسائل المحرمة، وبينت المباحة المؤدية للحلال، وكذلك الوسائل المحرمة المؤدية للحرام.

بل إن الشارع الحكيم جل في علاه، قام بسد بعض الذرائع المؤدية إلى ارتكاب المحرمات، والقاعدة الشرعية الأصولية تقول: بأن النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد، وكذلك فإن الوسائل لها أحكام المقاصد.

قانون الغابة:

إن نظرية الغاية تبرر الوسيلة هي نظرية الغابة بعينها، ففي الغابة القوي يأكل الضعيف، والعنف هو سيد الموقف، فسد الجوع يبرر الهجوم والقتل والوحشية والهمجية وكل السلوكيات السلبية.

استثناء:

لكن لكل قاعدة شواذ، فالحياة ليست مطردة على وتيرة واحدة، وثمة استثناء منطقي، فدفع أذى الظالم بالحيلة جائز، وإن كانت الحيل في العموم مذمومة؛ إلا أنها محمودة في هذا الموضع، ولكن بشرطين: الأول: أن تكون الغاية مشروعة، والثاني: أن يكون الضرر الناتج عن استخدام تلك الوسيلة المحرمة والتي سوف يتوصل بها إلى تلك الغاية المشروعة أقل ضرراً من عدم تحقق تلك المصلحة، وهذا مصداقاً لقوله تعالى: (( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم ))، وإلا فإذا ترتب عليها مفسدة أعظم من ترك المصلحة وجب العدول عنها فوراً لأن القاعدة الشرعية الأصولية العظيمة تقول: بأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، والله أعلم.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد