«حرب السماء» قصص فانتازيا جديدة- إسماعيل أليكس

نقرأ اليوم قصة فانتازية جديدة عن المطر وفوائده للأراضي والزرع والأشجار والنباتات وكيف خلق الله بعظمته كل شيء وله قيمته في حياه الإنسان.

 

(حرب السماء)

قصص فانتازيا جديدة

 

جاء فصل الشتاء كعادته كل عام ليغرق الطرقات بمياه الأمطار التي يتساقط بعضها بنعومة كأوراق الشجر بينما ينزل البعض الآخر كطلقات نارية فوق رؤوس البشر.
وهناك، في أعالي السماء حيث تستقر السحب محملة بالمياه كسفن حربية تنوي شن حربها الكبيرة على البشر الذين لا يأبهون بها فهم مشغولون في أعمالهم ومنازلهم، وبداخل تلك السحب تستقر قطرات الماء مختلطة مع بعضها البعض في انسيابية ناعمة كالشعب المرجانية التي تتمايل بدلال في أعماق البحار، لكن أن اقتربت قليلا ودققت النظر أكثر وأكثر بالداخل ستري حروبا قاسية بين كائنات الماء التي تعيش بالداخل، حروبا بدأت منذ وقت طويل من أجل الصراع على السلطة والسيطرة.
هناك في قلب قطرات الماء حيث تعيش مخلوقات
« الأوكو » الطيبة في سلام وود مع نظيرتها من مخلوقات « الهيدرو » الشريرة التي تسعى للسيطرة على قطرات الماء لتمنع سقوطها في أرض البشر لكي تنعم بالنعيم الأبدي في أعالي السماء، وفي ذات يوم أعلن القائد «هيد» زعيم قبائل للهيدرو أنه لن ينزل لعالم البشر ورفض السقوط هناك ليعاد تبخيره تحت أشعة الشمس مرة أخرى إلى السماء وأنه من حقه وقبائله أن يعيشوا في السماء كملوك مثل البشر على الأرض.
وعند علم زعيم قبائل الأركو القائد «أووك» بذلك غضب بشدة وأرسل لنظيره رسولا ليلتقوا في ساحة « الماهور » وهي ساحة مقدسة في قمم السحب الأم تجتمع فيها القبائل كل عام قمري ليحتفلوا بقدوم الشتاء وبارتقائهم من مياه الأنهار والمحيطات لأعالي السماء.
كائنات الماء هي مخلوقات صغيرة بيضاء شفافة برؤوس صلعاء وجسد يشبه إلى حد ما البشر لكنه رطب دائما. وحضر «هيد» وسط حراسه والتقي « بنأووك » الذي تحدث بهدوء متمالكا نفسه لأقصى الحدود حتى يتفادى صراعا كبيرا بين جيوش عظيمة لا يعلم مدى عقباها فيمكن أن تؤثر على عالم السحاب بأكمله وليس فقط قطرات الماء التي تحوي عالمها.
«أنت تعلم يا- هيد- أن قرارك هذا مصيري ولن تستطيع تنفيذه»
«ومن سيمنعني؟» قالها هيد بعناد.
«أنا» رد أووك بعناد أكبر.
ثم استطرد قائلا «اعلم أنك تريد تنفيذ ما قاله لك والدك عن الحياة الأبدية، أعلم أنك تريد الهروب من ذلك المصير الذي لاقاه عندما لم يستطع- التبخر- بعد السقوط التاسع، لكن للأسف يا هيد لا توجد حياه أبدية لا هنا ولا في عالم البشر في الأسفل.
كانت تلك الذكرى هي أكثر ما يؤلم زعيم قبائل للهيدرو فهو لم ينس موت والده ولا يريد نفس المصير لذلك حاول إقناع القبائل بفكرة عدم السقوط من السحاب وقت المطر لذلك أمر العلماء لديه بصنع أكياس مائية هوائية تطفو في أعالي السماء طوال العام وظل العلماء يجرون التجارب طوال عدة أعوام قمرية مستخدمي عنصري الأكسجين والهيدروجين في الماء حتى نجحوا أخيرا في ذلك وعندما حاول يقنع «أووك» وقبيلته بذلك رفض الأخير هذا قطعا وأخبره أن هذا ضد الطبيعة وأننا أسباب في حييه الكثير من البشر.
ومع تلك الذكرى المؤلمة التقت نظراتهما بغضب، وتطاير الشرر منها وغادرا الماهور المقدس ولم يكن هناك مفر من الحرب فشن «هيد» وقبيلته الحرب على نظيره مستخدما المدافع المائية الثلاثية وكان يمتطي مخلوق الكراكن البحري ذا الثماني أذرع والأنياب الحادة الفتاكة التي يمتلئ بها فمه فكان مشهده يبث الرعب في النفوس.
ودافع «أووك» عن قبيلته مع جيشه بالسهام الجليدية الحادة وكان يمتطي حصان البحر السريع.
تكررت المعارك واحتدت خاصة بعد انضمام كل أفراد القبيلتين في السحب الأخرى، ودق ناقوس الخطر لاقتراب موعد السقوط- سقوط المطر- الدورة المناخية التي لا بد منها وذاد قلق «أووك» فعدم سقوط المطر وانحباس الماء في السماء سيقلب الموازيين على مزارعي البشر في الأراضي والحقول. وحاول جاهدا أن يسيطر على الوضع لكن القائد «هيد» كان عنيدا، وكان يحركه الغضب الكامن في نفسه.
وعلى الأرض وفي إحدى المزارع في شرق الكوكب كان مزارع بسيط ينظر إلى السماء راجيا ربه أن يمن عليه بالماء ليروي الأرض التي تعوله هو وعائلته. وجاء طفل صغير ذو خمس سنوات وجلس بجانبه فربت الرجل على خديه بحنان أبويا ناظرا لعيناه الصغيرتين متأملا إياه ولمستقبله الغامض.
في السماء اشتدت الحرب بين كائنات الماء وهدمت الكثير من المنازل التي بنيت بالأصداف والمرجان الملون وانثر الكثير من الصغار متحللين في الماء المحبوس ولم يجد القائد «أووك» سوي إخراج سلاحه الكبير الذي اقسم لوالده انه لن يستخدمه سويا للضرورة القصوى، ولقد حان الوقت لذلك.
حان وقت الميجالدون.
وانطلق «أووك» بالمخلوق الذي يمتطيه تاركا ساحة المعركة وذهب للمملكة التي تحوي قبيلته ونزل في كهف مائي ظل سرا منذ وقت طويل، منذ أن كان والده قائدا في شبابه وورثه هذا السلاح عن والده والذي أورثه لأووك بدوره. وانطلق الأخير داخل الكهف السري ليصل إلى باب حديدي ضخم فنزل من ظهر الركب خاصته وسحب سلسلة حديدية ذات مقبض دائري واخذ في جذبه بكل قواه فظل يجذب أكثر واكثر وشعر بالآم حادة في ذراعيه المائية الشفافة حتى انك تري عروق تكاد تنفجر من شدة المجهود المبذول. وانفتح الباب على مصراعيه ووقف «أووك» يلهث وهو ينظر نحو ظلام الكهف، ومرت دقائق قليلة مرت عليه كالدهر حتى ظهرت عينان كبيرتان تكتسيان بلون الدم، ثم رأس أضخم مخلوق عرفته جميع قبائل السحاب عبر تاريخها. أنه الميجالدون، أو الصياد المفترس كما يسميه البعض.
لم يره «أووك» من قبل حتى قبل ولادته لكن والده وقائد قبائل «الأوكو» حكي له عنه وأراه رسومات قديمة عنه واخبره انه آخر سلالته وان جده اخفاه هنا بعيدا عن قبائل «الهيدرو» حتى لا يستخدموه ضدهم.
اقترب «أووك» بيده منه ووضعها على رأسه بهدوء، كان خائفا بلا شك فهو لم يره من قبل ولم يتعامل مع هذا الوحش الضخم. وضع يده وأغمض عينيه بينما عيون الوحش المرعب كانت تنظر اليه بغضب لكنه تذكر ما قاله له والده «انه يتقبل الشجاع فقط، لذلك وسيلة نجاتك منه هي قلبك»
أغمض «أووك» عيناه فرأي المعارك الدموية التي ستطيح بهم وتقلب موازين المطر في أعالي السحاب فأنعقد حاجباه غضبا واشتدت يداه على رأس الكراكن وشعر المخلوق المرعب بهذا، شعر بقوة هذا الملك الجديد فلم يكن منه إلا أنه انحني برأسه قليلا منصاعا للملك الجديد الذي ركب علي ظهره وانطلق به إلى ساحة المعركة ليقتحمها بهذا المخلوق المخيف الذي يرتعب الجميع من سماع اسمه.
وفزع جميع جيوش للهيدرو وحاولوا الهرب لكن الكراكن ظل يفترسهم بفمه المهول. وما أن رأيا «أووك» نظيره «هيد» انطلق نحوه بوحشه الضخم المرعب وما أن رآه هيد حتى صرخ بفزع «ما هذا؟ لا لا لا»
وحاول قائد للهيدرو الهرب لكنه لم يجد الوقت الكافي لهذا فلقد ألتقمه الميجالدون هو مخلوق الكراكن الذي يركبه.
واستسلمت جيوش للهيدرو وأصبح لمخلوقات الماء قائد واحد فقط وهو الملك الجديد «أووك» وفي اللحظات المنتظرة وقف الملك ومعه أتباعه علي أطراف السحاب ولفح وجه الصغير الهواء البارد ونظر للبشر في الأسفل وابتسم قائلا «نحن قادمون»
وهطلت قطرات المطر علي البشر، وفي الأسفل فرح المزارع البسيط وأخذ ولده الصغير في اللعب والغناء.
تمت -بحمد الله-
* * * * *

والأن عزيزي القارئ أدعوك لقراءة هذه القصة الرائعة 

«الصياد العملاق وسر الرحلة لبلاد ما وراء النهر»


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد