سعر الدولار في مصر | تحت قصف قرض صندوق النقد.

  • كتب: محمد هلال.
  • لفترة قد تقل عن العام بقليل، كان سعر الدولار داخل مصر، هاجس يؤرق كل من يعمل في الحقل المالي، فضلا عن رجل الشارع العادي الذي كان ينتظر كل يوم صباح بأسعار مرتفعة تصيب احتياجاته الرئيسية من السلع والخدمات، وفي حقيقة الأمر حتى كتابة تلك السطور قد يكون هذا الوضع المختنق لايزال جاثم على صدور المصريين، وظل المواطن المصري ينتظر قرار أو ما يشبه التحرك من قبل الحكومة المصرية للسيطرة على سعر الدولار الهادر الهالك، وفي الايام القليلة الماضية شرعت الحكومة المصرية بتوجيه من البرلمان لتغليظ عقوبة الحبس للمضاربة على العملة لتصل إلى 10 سنوات سجن، بالإضافة إلى توجه قوى لغلق شركات الصرافة يشاع انها ستكون لفترة تصل إلى عام، وبالتأكيد توجهت توقعات كل الخبراء الاقتصاديون نحو ارتفاع منتظر لسعر الدولار بسبب تلك الإجراءات معللين ذلك بأن البنوك المصريه لا يتواجد فيها غطاء دولاري يمكن أن يغطى احتياجات الاستيراد، وبالتأكيد قد تكون تلك الرؤية صائبة لولا توصل الحكومة إلى اتفاق نهائي يتيح لها الحصول على 12 مليار دولار قرض من صندوق النقد الدولي، الذي بدوره وافق الأخير نهائياً على منح مصر القرض معلل ذلك ثقته في وضعها الاقتصادي.

 

قرض صندوق النقد، وسعر الدولار المتذبذب

وحقيقة من فوائد قرض صندوق النقد الدولي هو انه بالتأكيد سوف يضبط أسعار الدولار داخل مصر، وأيضاً سوف يقلص عجز الموازنة العامة وهنا لابد أن نوضح نقاط استراتيجية في البناء التنموي لأى دولة ترغب في خوض تجربة الإصلاح الاقتصادي:

أولا: أن تأثير قرض صندوق النقد الدولي على أسعار الدولار سينصب على هامش الزيادة في سعر الدولار الناتج عن المضاربة، ومن ثم قد يصل سعر الدولار في مصر مع نهاية عام 2016 إلى ثماني جنيهات أو أقل حتى في السوق السوداء، لكن السيطرة على سعر الدولار بالشكل الذي يمنح الجنيه المصري مزيدا من القوة لكى يكسر حتى حاجز الثماني جنيهات ويصل  إلى 5 جنيهات وهو السعر الطبيعي، لن يتأتى خاصة مع توقعات باتخاذ قرار بتعويم جزئي للجنيه المصري الا بتوفير مصادر حقيقة تضخ داخل الكيان الاقتصادي المصري حصائل دولاريه منطقيه خارجة عن نهج الاقتراض أو الودائع.

ثانيا: أن توفير مصادر حقيقة للعملة الصعبة بالاستفادة من قرض صندوق النقد لن يتحقق الا بتوجيه كامل القرض البلغ 12 مليار دولار بالإضافة إلى أي قروض اخرى قد تنجح الحكومة المصرية في الحصول عليها، مستفيدة بالثقة التي منحت للاقتصاد المصري من قرض صندوق النقد إلى مشروعات تنموية صناعية وزراعية تمنح مصر قدرة تصديريه تمكنها من زيادة معلات احتياطي النقد الأجنبي لديها.

ثالثا:لابد أن تتفهم الحكومة المصرية أن عبء للإصلاح الاقتصادي لا يجب أن ينصب على المواطن المصري البسيط سواء في صورة زيادة في الأسعار أو حتى الغاء للدعم، فهذا النهج لن يدفع العجلة الاقتصادية للأمام لكن الاصلاح الاقتصادي السليم لابد أن ينصب على توفير مناخ (تقشفي) على المستويات الاقتصادية العليا، متمثلا في تحجيم استيراد كافة انواع السلع التي تلتهم الدولار وتعيق المنتج الوطني والسوق المصرية ليس بحاجه اليها، ويمكن للحكومة تحقيق هذا بفرض المزيد من شروط الجودة على المنتجات المستوردة مما يفقدها الميزة التنافسية في السعر، وذلك تجنبا لمخالفة اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة عليها مصر، كما يجب الغاء الدعم كليا على الفئات القادرة، وليس الفئات الوسطى أو الدنيا، بوضع منظومة تكفل تحقيق هذا الغرض مع الإبقاء على دعم الطاقة للمصانع التي تنتج منتجا وطنيا، وذلك لتوفير فرص العمل، وتقوية المنتج المصري في السوق العالمية، وأيضاً لتوفير عملة صعبة بشكل مستمر.

وأخيرا:

ان سعر الدولار ليس العائق الوحيد أو حتى الصعب في مسيرة الاصلاح الاقتصادي، بل قد يكون سعر الدولار امام العملة الوطنية في دولة ما مرتفع، ويعوض ذلك كثافة التصنيع والانتاج والنمو داخل تلك الدول، بل أن بعض الدول مثل اليابان والصين وتركيا عمدت إلى تعويم عملتها لتنخفض امام الدولار، وذلك لتحفيز التصدير ومن ثم تسريع معدلات النمو الاقتصادية.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد