المملكة العربية السعودية تستعيد آثارها من بريطانيا وأمريكا، ضمن أكثر من 54 ألف قطعة مفقودة في الداخل والخارج

ذكر مدير عام قطاع الآثار في هيئة التراث في المملكة العربية السعودية أن بريطانيا والولايات المتحدة هما من بين الدول الرئيسية التي تواصلت معها المملكة لاستعادة القطع الأثرية المفقودة.

وكشفت هيئة التراث السعودية في يوم الاثنين الموافق 15 من شهر يناير لعام 2024 عن استعادتها لأكثر من 54 ألف قطعة من القطع الأثرية المفقودة في الداخل والخارج، وتتنوع هذه القطع ما بين قطع فخارية ونقوش صخرية وعملات معدنية.

وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة التراث، “جاسر الحربش”، أن وزارة الثقافة هي التي تتولى ملف الآثار المستعادة، وأنها تعتزم وتنوي نشر ملف يوضح طبيعة القطع الأثرية التي تم استعادتها بالتفصيل، مع توضيح كيف تم استعادتها.

وفي سياق آخر، قال عبد الله الزهراني، وهو مدير عام قطاع الآثار في هيئة التراث في المملكة العربية السعودية، إن القطع الأثرية المفقودة كانت قد خرجت بطريقة غير نظامية قبل تأسيس الإدارة العامة للآثار في سنة 1964، ويصل عدد القطع المفقودة تلك إلى أكثر من 32,000 قطعة أثرية.

وأكد أيضاً أن عدم وجود نظم وقوانين تمنع من خروج القطع الأثرية من المملكة العربية السعودية قد أدى إلى خروج الكثير منها عن طريق الشركات التي كانت تعمل مع شركة أرامكو. وكان هذا الحديث ضمن مؤتمر دولي للتراث كان قد عُقِد في مدينة جدة، وأكد أن الهيئة حرصت كل الحرص على إعادة هذه الآثار، وأن المملكة العربية السعودية كرمت الأفراد الذين سلموا بعض هذه القطع الأثرية إلى سفارات البلدان التي يقيمون بها.

ووفقًا لـ “إندبندنت عربية”، فقد ذكر المسؤول السعودي أن بريطانيا والولايات المتحدة هما من ضمن أبرز الدول التي تتواصل معها المملكة العربية السعودية من أجل استعادة الآثار التي تخصها، وأشار كذلك إلى أن هناك أيضاً دولاً أخرى تنوي السعودية التواصل معها بخصوص هذا الشأن.

وتحرص المملكة العربية السعودية على استعادة آثارها المفقودة باعتمادها على قوانين منظمة اليونسكو، التي تشجع على إعادة جميع القطع الأثرية إلى بلادها الأصلية.

والتي من ضمنها “اتفاقية التراث الثقافي” التي عقدت في سنة 1970 والتي تنص على حق جميع الدول في استرجاع كافة الآثار المفقودة التي خرجت بعد هذا التاريخ، أما بخصوص الآثار التي خرجت قبل هذه الاتفاقية، فيمكن أن يتم استرجاعها عن طريق المفاوضات.

وكانت المملكة العربية السعودية قد بدأت جهودها لاستعادة التراث في سنة 2011 عندما بدأت حملة استعادة الآثار الوطنية، ومن بين الآثار الأكثر شهرة التي تسعى المملكة لاستعادتها، هي “مسلة تيماء” والتي يتم عرضها في متحف اللوفر في فرنسا.

مسلة تيماء
مسلة تيماء

وتزامن هذا الإعلان مع تنظيم المملكة العربية السعودية للمؤتمر العلمي للتراث الثقافي المغمور بالمياه في مدينة جدة في يوم 15 يناير 2024، ويهدف المؤتمر إلى اكتشاف الآثار الغارقة في الخليج العربي وفي مياه البحر الأحمر، بدءًا من حطام السفن التي يعود تاريخ بعضها إلى القرن ال 18، وكانت السفن تحمل بضائع متنوعة تختلف ما بين جرار الأحفورات الرومانية وتوابل وغلايين دخان من الخزف الصيني والفخار.

وشارك في المؤتمر عدد كبير من المتخصصين من دول عالمية وعربية، ومنها إسبانيا والولايات المتحدة والأرجنتين والمملكة المتحدة وسلوفينيا ومصر ولبنان والجزائر وأستراليا وبلغاريا وإيطاليا وكوريا الجنوبية والمكسيك، بهدف مناقشة الدراسات المتعلقة بالمشاريع البحثية والتراث، ولتسليط الضوء على أهمية وضرورة الحفاظ على المعالم التراثية المغمورة في المياه.

وناقش الباحثون الذين شاركوا في المؤتمر عدة محاور، و تم التركيز في المحور الأول على “مشاريع مسح التراث المغمور في المملكة العربية السعودية”.

  • وفي المحور الثاني، تمت مناقشة ” نتائج مشروعات مسح التراث المغمور حول العالم”.
  • ومن ثم، تناول المحور الثالث: “مصادر البحث الأثري والتقنيات الحديثة في المسح والتنقيب عن التراث المغمور بالمياه”.
  • وفي المحور الرابع والأخير تم مناقشة موضوع: “بناء القدرات وإدارة التراث الثقافي المغمور بالمياه”.

وأشار مدير عام قطاع الآثار في هيئة التراث في المملكة العربية السعودية إلى أن جزءًا من التراث الثقافي في المملكة  مغمور بالمياه، نظرًا لوجود البحر الأحمر من الجهة الغربية، والخليج العربي من الجهة الشرقية.

وأشار إلى أنه في العصور القديمة، كان هذان الممران البحريان هما المساران الوحيدان لنقل التجارة من الشرق إلى الغرب، وأن السفن كانت تأتي من بحر العرب حتى تعرض تجارتها في الموانئ، ومن ثم تأتي القوافل التجارية لنقل البضائع عبر المحيط من بين الرمال في وسط الجزيرة العربية.

وفي هذه الموانئ تتجه البضائع إلى باقي دول العالم، وخلال هذه الرحلات، كانت السفن تتعرض لأعطال فنية كبيرة وتصطدم بالشعاب المرجانية، مما يؤدي إلى سقوطها في قاع البحر. وأشارت الهيئة أيضاً إلى أنها قامت بالعديد من عمليات الرصد وإرسال فرق الغوص، وأظهرت هذه العمليات وجود العديد من المواقع الأثرية المغمورة ووجود عدد كبير من السفن المغمورة في المياه، والتي كانت محملة بالعديد من القطع الفخارية.

وأوضحت الهيئة أن هذه العمليات تمت في البحر الأحمر، امتداداً من الجنوب في فرسان ومروراً بالشعبية والقنفذة في جدة ورأس الشيخ حميد، ورصدت الهيئة أيضاً عددًا كبيرًا من السفن المغمورة في أعماق الخليج العربي.

وأشارت كذلك إلى أن عمليات البحث والتنقيب عن الآثار المغمورة بالمياه تعد صعبة جداً، حيث تتطلب فرق غوص متخصصة ووسائل بحرية متقدمة لمساعدة الفرق على الغوص المتكرر للبحث عن المواقع المغمورة والسفن، وأشارت إلى أن هذه العمليات تتطلب من الفريق الإقامة في مياه البحر لمدة أسبوعين.

وفي المؤتمر، قدمت الهيئة ورقة علمية توضح النتائج لأول مسح منهجي واسع النطاق في نيوم للبحث عن الآثار الغارقة في البحر الأحمر. وكشف المسح، والذي أجراه فريق متخصص في علوم الجيوفيزياء وعلماء الآثار في نيوم عن وجود كمية كبيرة من جرار الأمفورات الرومانية في مختلف المواقع المكتشفة، بالإضافة إلى وجود حطام سفن وجزر أثرية.

المملكة العربية السعودية تستعيد آثارها من بريطانيا وأمريكا، ضمن أكثر من 54 ألف قطعة مفقودة في الداخل والخارج.
المملكة العربية السعودية تستعيد آثارها من بريطانيا وأمريكا، ضمن أكثر من 54 ألف قطعة مفقودة في الداخل والخارج.

ويعد اكتشاف حطام السفن دليلاً قاطعًا على ارتباط البحر الأحمر بالمحيط الهندي في العصور القديمة، مما يؤكد على وجود تفاعلات مكثفة واتصالات ما بين جنوب البحر الأحمر (جنوب الجزيرة العربية، إمبراطورية أكسوم، أدوليس) وشمال البحر الأحمر (خليج العقبة ونيوم).

ويظهر ذلك عمق وقوة الصلة والتجارة بين الإمبراطورية البيزنطية وبين دول البحر الأحمر والمجتمعات الساحلية والمحيط الهندي في هذه الفترة.

وتوضح هذه المواقع الأثرية أهمية الممرات المائية في الربط بين الحضارات القديمة وتسهيل عملية التبادل التجاري والثقافي بين مناطق مختلفة، ويبين وجود حطام السفن تاريخ الرحلات البحرية والتجارية في هذه المناطق.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد