تهجير أهالي غزة: هدف إسرائيل الرئيسي من الحرب

قد يكون تهجير أهالي غزة، هو الهدف الحقيقي “الغير معلن” للحرب الإسرائيلية على غزة، التي وصلت على مايبدو لآخر مراحلها، وتدور رحاها الآن في جنوب القطاع، في مدينتي خان يونس ورفح.

الغزيون على بُعد أمتار من الحدود المصرية

تهجير أهالي غزة داخليًا

بعض الغزيين الذين نزحوا إلى رفح، وصلوها بعد خمس مرات نزحوا فيها من مُقامهم الأساسي في مختلف مدن غزة، بعد ما أعلن الجيش الإسرائيلي عن تحديده مناطق آمنة للمدنيين لينزحوا إليها، ثم أجبرهم على النزوح مرة تلو الأخرى بواسطة القصف الجوي الكثيف، حتى أوصلهم إلى رفح.

ومدينة رفح مدينة حدودية تقسِمها الحدود بين مصر وغزة، إلى رفح المصرية، ورفح الفلسطينية، ويُفضل معظم النازحين المكوث في الجزء الغربي من مدينة رفح الفلسطينية، والقريب من البحر المتوسط، خشية تعرض المدينة لإجتياح من الجهة الشرقية، القريبة من الحدود مع إسرائيل.

ويتجمع الآن في رفح الفلسطينية، وعلى بُعد أمتار قليلة من سور الحدود المصرية، أعداد تتراوح تقديراتها ما بين 1.200.000 ـــ 1.500.000 غزي، يعيشون الموت في كل لحظة، إما بقصف طائرات الإحتلال، أو بالجوع الذي يغذيه صقيع هذا الوقت من العام، ويقبعون في خيام نصبوها من قضبان معدنية أو عصي، أو أغصان الشجر، وغطوها بالأقمشة أو المواد البلاستيكية.

خيام النازحين على بعد أمتار من الحدود المصرية - YouTube

وحسب منظمة “Action aid” الخيرية: فإن بعض الغزيين في رفح، إضطروا لأكل العشب، وحصة المواطن منهم من المياه، تتراوح بين 1.5 ـــ 2 لتر من المياه غير الآمنة، يوميًا.

إسرائيل تعمد إلى تهجير أهالي غزة

وكان رئيس وزراء دولة الإحتلال بنيامين نتنياهو قد أوعز لجيشه يوم الأربعاء الماضي، بإعداد خطة على محورين، أحدهما تهجير أهالي غزة من رفح، والمحور الثاني هو سحق الكتائب ال4 المتبقية من قوات حماس.

أما وزير حرب دولة الإحتلال يوآف جالانت، فكان قد أعلن يوم الإثنين الماضي: أن الجيش الإسرائيلي سيصل إلى أماكن لم يقاتل فيها بعد “يقصد: خلال هذه الحرب” وحتى آخر معقل لحماس “يقصد: رفح”

وقد بدأت إسرائيل منذ يوم الجمعة، شن ضربات جوية على رفح الفلسطينية، راح ضحيتها ما لا يمكن حصر عددهم بدقة من شهداء غزييين، لأن كثيرًا من الضحايا تتفتت أجسادهم إلى أشلاء، بفعل القصف.

ردود الأفعال الدولية على تهجير أهالي غزة

الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت على لسان متحدث بالبيت الأبيض، أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تدعم عملية عسكرية في رفح، دون إيلاء الإعتبار الواجب للنازحين هناك، وأشار الرئيس الأمريكي جو بايدن، في حديث له يوم الخميس إلى أن “إسرائيل قد تجاوزت حدود الرد المناسب على عملية حماس في 7 أكتوبر”

الأمم المتحدة من جانبها، حذرت يوم الأربعاء، على لسان أمينها العام أنطونيو جوتيريش، من تداعيات إقليمية لا تحصى، لهجوم إسرائيلي بري محتمل، على مدينة رفح، وأن عملًا كهذا، سيزيد بشكل هائل ما هو أصلًا كابوس إنساني.

بينما الإتحاد الأوروبي، الذي حذر مفوضُه للسياسة الخارجية والأمن “جوزيب بوريل” يوم السبت، من أن هجومًا محتملًا للجيش الإسرائيلي على رفح جنوب قطاع غزة سيشكل “كارثة إنسانية تفوق الوصف”

موقف مصر من تهجير أهالي غزة

أما مصر، وهي الطرف الأهم في العملية، فقد أعلنت مرارًا وتكرارًا، رفضها القاطع لتهجير أهالي غزة إلى سيناء، بل وحذرت من أن ذلك سيقوّض إتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل سنة 1979 وتبنى مصر رفضها على عدة إعتبارات:

  • أن تهجير أهالي غزة إلى سيناء، يمثل إعتداءًا على السيادة المصرية على جزء هام من الأراضي المصرية.
  • خشية مصر من أن تتحول سيناء إلى قاعدة للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، وستكون مصر ساعتها في قلب الصراع.
  • رفض مصر لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، عند تهجير أهالي غزة، وتوفير وطن بديل لهم.

تايمز أوف إسرائيل": مصر تنشر عشرات الدبابات والمدرعات قرب معبر رفح - RT Arabic

خطة تهجير أهالي غزة

وعندما إحتلت إسرائيل قطاع غزة، لأول مرة سنة 1967 كان عدد سكانه الأصليين 150.000 نسمة، أُضيف إليهم نحو 200.000 نازح من أراضي فلسطين 48 وكانت الحياة في غزة إذذاك صعبة، بسبب نشاط المقاومين الفلسطينيين ضد لإحتلال الإسرائيلي، ومعيشة غالبية السكان في مخيمات.

وحسب تقديرات بريطانية، فإنه خلال الفترة بين عامي 1968 ـــ 1971 قُتل في غزة: 43 جندي إسرائيلي، وأصيب 336 مما حدا بإسرائيل إلى وضع خطة لتهجير أهالي غزة، للحد من الخسائر البشرية لجيش الإحتلال.

فأسرّت الحكومة الإسرائيلية للبريطانيين، في سبتمبر 1971 بتجهيزها “خطة سرية” لتهجير أهالي غزة إلى سيناء المصرية، وقد أبلغها وزير النقل والإتصالات الإسرائيلي آنذاك شيمون بيريز (زعيم حزب العمل ـــ ووزير الدفاع والخارجية ـــ ورئيس الحكومة ـــ ورئيس دولة إسرائيل، لاحقًا) إلى المستشار السياسي للسفارة البريطانية في تل أبيب.

وفي تقرير للسفارة البريطانية عن لقاء بيريز مع الدبلوماسي البريطاني، قال بيريز: أن الحكومة الإسرائيلية لن تعلن عن هذه الخطة، ولكنها ستعمل على إتخاذ تدابير “بعيدة المدى” لتنفيذها، وعندما سأل الدبلوماسيُ البريطاني بيريز: هل تعتبرون العريش إمتدادًا لقطاع غزة؟ فأجاب بيريز، بأن إستخدام المساكن الخالية في العريش، لسُكنى الغزيين، هو قرار عملي تمامًا.

ويعتبر الإسرائيليون أن الحل الدائم لمشكلات قطاع غزة، هو تهجير أهالي غزة، إلى خارج حدود القطاع  الحالية، وإن كان الإسرائيليون بذلك يخاطرون بمواجهة إنتقادات دولية ومحاذير عديدة، لكنهم يعتبرون أن النتائج العملية لهذه الخطة، هي الأهم، فهل تنجح إسرائيل في تهجير أهالي غزة؟

 

 

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد