مصطلحات سياسية هامة

نتناول اليوم بعض مصطلحات سياسية هامة، التي نقابلها في أحاديث بعض السياسيين والإعلاميين والمحللين، وقد يلتبس علينا فهم بعضها، والأصل التاريخي لتلك المصطلحات.

الديمقراطية

وهي كلمة يونانية الأصل، تتكون من مقطعين هما Demos وتعني: عامة الناس، وKratia وتعني: حكم، وبذلك يكون المعنى الحرفي للمصطلح هو: حكم الشعب.

والديموقراطية كنظرية فلسفية، قبل أن تكون نظامًا سياسيًا، فقد تعددت تعريفاتها حسب تطبيقاتها، التي توالت على مر التاريخ، وإن كان التعريف الأشهر لها: بأنها حكم الشعب نفسه بنفسه، وعن هذا التعريف تشعبت جُل تطبيقاتها.

وعلى هذا المنوال، نجد أن معظم المصطلحات السياسية الهامة، التي تصف أساليب الحكم وتصنّف أنظمته، ترجع للغة اليونانية، التي صدر عنها تنظير تلك الأساليب والنظم، بمعرفة فلاسفتها الأوائل.

الليبرالية

وهي من المصطلحات السياسية الهامة، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية Liber التي تعني: الحر، وهي مذهب سياسي، أو حركة وعي إجتماعي، تهدف إلى تحرير الإنسان كفرد وكجماعة، من القيود السلطوية الثلاثة: السياسية والإقتصادية والثقافية، وقد تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتنبناها، فهي تتكيف حسب ظروف كل مجتمع، وتختلف من مجتمع إلى آخر.

والليبرالية أيضًا مذهب سياسي وإقتصادي معًا، ففي السياسة تعني: تلك الفلسفة التي تقوم على إستقلال الفرد، وإلتزام الحريات الشخصية، وحماية الحريات السياسية والمدنية.

أما العلاقة بين الليبرالية والأخلاق، أو الليبرالية والدين، فالليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد، طالما أنه لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار، فأن تكون متفسّخًا أخلاقيًا، فهذا شأنك، ولكن أن تؤذي بتفسخك الأخلاقي الآخرين، مثلًا بأن تثمل وتقود السيارة، أو تتعدى على فتاة في الشارع، فذلك لا يُعد شأنك، أما أن تكون متدينًا أو ملحدًا، فهذا شأنك تمامًا.

وترى الليبرالية أن الفرد هو المعبر الحقيقي عن الإنسان، بعيدًا عن التجريدات والتنظيرات، ومن هذا الفرد وحوله، تدور فلسفة الحياة برُمتها، وتنبع القيم التي تحدد الفكر والسلوك معًا، فالإنسان يخرج إلى هذه الحياة، فرد حر، له الحق في الحياة والحرية، وحق الفكر والمعتقد والضمير، بمعنى حق الحياة كما يشاء الفرد، ووفق قناعاته، لا كما يُشاء له، فالليبرالية لا تعني أكثر من حق الفرد ــ الإنسان، أن يحيا حرًا كامل الإختيار، وما يستوجبه من تسامح مع غيره لقبول الإختلاف.

والحرية والإختيار، هما حجر الزاوية في الفلسفة الليبرالية، ولا نجد تناقضًا هنا بين مختلف منظّريها، مهما إختلفت نتائجهم من بعد ذلك.

ويظهر التقارب بين الديموقراطية والليبرالية، خصوصًا في مسألة حرية المعارضة السياسية، فبدون الحريات التي تحرص عليها الليبرالية، فإنه لا يمكن تشكيل معارضة حقيقية، وبالتالي لن تكون هنالك إنتخابات ذات معنى ولا حكومة منتخبة بشكل ديموقراطي.

الديموقراطية الليبرالية

أو الديموقراطية الزائفة، أو المنحازة أو الفارغة، وهي من المصطلحات السياسية الهامة، التي تعبر عن نظام حكم تصل فيه الحكومة عن طريق الإنتخابات، ولكن أفراد الشعب لا يحصلون على حقوقهم، بسبب غياب دستور للدولة، أو هيكل دستوري قانوني مناسب، للحفاظ على الحريات المدنية كما في الديموقراطيات الليبرالية.

كذلك يُستخدم هذا المصطلح أحيانًا، لوصف أنظمة منتخبة، لكنها تفتقد لوجود أحزاب معارضة حقيقية، تستطيع الترويج لنفسها، بسبب غياب الإعلام المستقل.

وكان أول من صك مصطلح الديموقراطية الليبرالية، هو الكاتب الأمريكي المسلم، الهندي الأصل: فريد زكريا، الذي أصدر أول كتبه عام 2003 بذات العنوان، وقال فيه: إن الديموقراطية ليست جيدة دومًا، وأنها تنجح بشكل خاص في الدول التي تسبقها فيها الليبرالية، وأشار إلى إهمال بعض الحكومات المنتخبة للحقوق أو الحريات السياسية، وأنه من الممكن وجود ليبرالية بدون ديموقراطية كاملة، أو حتى وجود السلطة بين حاكم فرد وهو النظام الذي عرفه بالأوتوقراطية الليبرالية.

الدكتاتورية

وهي كلمة مشتقة من الفعل Dictate أي يملي، والمصدر Dictation أي إملاء، وهو من المصطلحات السياسية الهامة، التي تعبر عن شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة مطلقة في يد فرد واحد (ديكتاتور) ويرجع إستخدام اللفظ لزمان الدولة الرومانية، حيث كان الديكتاتور منصبًا سياسيًا في حقبة الجمهورية الرومانية القديمة.

وقد أختُص الديكتاتور الروماني بسلطة مطلقة زمن الطواريء، وكان عليه أن يحصل على تشريع مسبق من مجلس الشيوخ، بمنحه هذا المنصب، وكان اللقب يُمنح لمدة 6 أشهر أو سنة، بالقدر اللازم فقط للمرور من الأزمة، وكان على الديكتاتور أن يؤدي الحساب للبرلمان عن تلك الفترة.

وفي العصور الحديثة، يُعبر بهذا الإصطلاح عن الحاكم المطلق الصلاحيات (كما كان الديكتاتور الروماني) والذي يُملي على شعبه المفاهيم والأفكار، التي تكفل إستمراره في الحكم بشكل فردي، مهما تردّى حال شعبه، ولكنه لا يؤدي حسابًا عما قام به من إهلاك شعبه.

الأوليجاركية

وهو من المصطلحات السياسية الهامة، التي تعني حرفيًا: الخاصة أو القلة، وهو النظام الذي تزيد فيه ثروة التجار عن ثروة أصحاب الأراضي، ويتصدى الأغنياء فيه للحكم، وفيه تحلّ السياسة التي تعبر عن رغبات وشهوات الحكام، بديلًا عن تنسيق جهود المجتمع، بُغية تطور وتقدم الدولة.

كما تُسمى أيضًا البلوتوقراطية، وترجمتها الحرفية: حكم الأغنياء ، والأغنياء عندما يحكمون في هذا النظام، يسعون وِسعهم، لتمديد ثرواتهم، ويقل وقد ينعدم تقديرهم للفضيلة، فالثروة والفضيلة لا يجتمعان “إذ بينهما ذلك الفارق، الذي يجعل كفة إحداهما تنخفض كلما إرتفعت الأخرى، فإذا أكرمتَ الثروة والأثرياء في بلد ما، قلّ تكريم الفضيلة والفضلاء فيها..حتمًا” (كتاب الجمهورية ـــ أفلاطون ـــ الترجمة العربية ـــ ص 465)

الأرستقراطية

وهو المصطلح المتعارف عليه حاليًا، كمصطلح إجتماعي طبقي، أما سياسيًا، فهو النظام الذي تتولى فيه الحكم، دائرة ضيقة من الأفراد، الذين يتمتعون بدرجات عالية من الثقافة والمؤهلات والقدرات، وغالبًا ما ينتمون لعائلات محددة، ويكون الحكم فيها وراثيًا.

والحكومة الأرستقراطية لا تُشرك في حكمها أحدًا من خارجها، ويكون مصير هذا النظام حتمًا إلى الإنقراض، بسبب تحديد وتضييق الدائرة التي تنحسر فيها السلطة، وهذه الحكومة تسمى أيضًا بالتيموقراطية، عندما تكون حكومة أرستقراطية ولكن دون توريث.

الدستورية

وتعني: حكومة وسط بين الديموقراطية والأرستقراطية، أو هي الإتحاد السعيد بين النظريتين، وفيها يتم حجز المناصب العليا بالدولة، لتلك الفئة المتعلمة تعليمًا مميزًا من أبناءها، القادرين على وضع وتنفيذ خطط لآمال الأمة ورغباتها، ويتم إختيار الحكومة عبر تصويت شعبي حر.

الأوتوقراطية

وهي تعني الحاكم الفرد، الذي يجمع السلطة في يده، ويمارسها على نحو تعسفي، وقد يكون هناك دستور، وقد تكون هناك قوانين، تبدو في الظاهر أنها تحد من سلطة الحاكم أو ترشّده، غير أنه في الواقع يستطيع ببساطة تعديلها أو تعطيلها متى إرتأى.

كانت هذه بعض مصطلحات سياسية هامة، وسنُتبعها بمفاهيم متعلقة بها.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد