لا تخجل أن تقول لا أعلم

محمد إبراهيم: يكتب

قيل من أقوال الحكماء، وفطنة الفقهاء، عدم الإفتاء في كل شيء بما يعلم الإنسان وما لا يعلم، فهناك مقولة مشهورة أنه.
من قال لا أدري أو لا أعلم فقد أفتى.
تحمل هذه الحكمة كثيرا من المعاني التي يفتقدها الناس اليوم، فإن تحدثنا عن حال الأمم نشعر بالحرج وخيبة الأمل، عندما تجد فتاوى هنا وهناك من قبل من يعلم ومن لا يعلم بل تجد في كثير من الأوقات من يفتي الناس يشعر بالحرج أن يقول لا أعلم، عندما تأتي له قضية ولا يعلم حكمها سواء كانت قضية شرعية أو أمرا يخص عامة الأمة،
لقد أصبح الشعب اليوم يتجاوز المئة مليون مواطن وللأسف الشديد، قد تحولوا جميعا إلى دار إفتاء، فلا تجد بيتا إلا ويفتي فيما يعلم وما لا يعلم، حتى وصل بنا الحال إلى من يجلسون على المقاهي في الطريق يفتون ويتحدثون ويهرجون، لذا نقول إننا اليوم نعيش في الحياة الدنيا تحت أسر الهرج والمرج يتحدث من لا يعلم في أمور العامة كلها، لذا قال النبي- صلى الله عليه وسلم- سيأتِي على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ، يُصَدَّق فيها الكاذِبُ، وَيُكَذَّب فيها الصادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ، ويخونُ الأمينُ، وينطِقُ فيها اَلرُّوَيْبِضَة. قِيلَ: وما اَلرُّوَيْبِضَة؟ قال: الرجُلُ التّافِهُ يَتَكَلَّم في أمرِ العامةِ».
حقا أننا نعيش في هذا الزمان كما أخبرنا به النبي العدنان.
محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
وننظر إلى أحوال الناس، نجد من يذهب ليأخذ الفتوى من أناس لا يعرف عنهم أنهم أهل ثقة، فقط من أجل الخروج بفتوى على أهوائهم هم، وليس بما شرعه الله في الدين الإسلامي، لذا قال الله- سبحانه وتعالى- فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
صدق الله العظيم.
وهذا إن دل فإنما يدل على عظم الذهاب إلى أهل الفتوى والعلماء الذين هم أهل الله وخاصته، وأن لا يتجرأ أحد على التلفظ بأحكام لا يعلم عنها شيئا، فمصر اليوم أصبحت بها مئة مليون مفتى كلا ظن نفسه قد بلغ المنزل وأصبح من العلماء، ولا يعلم أنه بذلك يضل الناس ولا ينفعهم وهذا يعود إلى عدة أسباب منها.
أولا: عدم اعتراف الإنسان بجهله بعلم الشيء، كما يجعله يشعر أنه من علماء الأمة فيستكبر أن يقول لا أعلم فأفتى بغير علم فيضل ويضل.
ثانيا: عدم سعى الإنسان للحصول على المعلومات الصحيحة من أهلها، والشعور بالكبر أن يجلس ويستمع إلى من يعلم العلم الصحيح ويكون طالب علم حتى لا يضل الناس وهو لا يدري.
ثالثا: عدم الثقة في علماء الأزهر الشريف مما يجعلك تذهب إلى تجار الدين، ولربما تجد من يأخذ منك أموالا مقابل الفتوى التي تضل ولا تنفع لأنه جاهل بها وبما يقول،
رابعا: عدم قبول الإنسان النقد البناء من الآخرين، وعدم الاعتراف بالتقصير في حق نفسه والآخرين من حوله.
خامسا: عدم استغلال الفرص التي لربما تأتى في العمر مرة واحدة، حين يكون رزقنا الله بإنسان يعلمنا ما جهلنا به، ونجلس ونظن أننا على صواب فحينها لا يحق لك إلا أن تقول لا أعلم، وأعترف بجهلك وهذا لا يقلل من شأنك في شي، لذا كان طلاب العلم سواء كان العلم الدينى أو علوم المجالات المختلفة في الحياة، يقولون لو تحدثنا عن كلمة لا أعلم لملء بها المجلدات، تعظيما لهذه الكلمة وعدم الإفتاء دون علم، فاعلم أنه يقال عليك طالب علم خير لك من أن يقال عليك جاهل بالعلم، رحم الله من قام بفناء عمره في تعليم الناس، وعندما تأتى له الفتوى يقول لا أعلم، لأنه حقا من قال لا أعلم فقد أفتى.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد