ظاهرة التفحيط في الخليج العربي

لقد أصبحت وسائل إعلامنا العربية اليوم وبكل أسف شديد، وسيلة لنقل أسوأ الظواهر الغربية الشاذة إلى مجتمعاتنا العربية المحافظة، ولقد استلهم شبابنا العربي من مشاهداته لتلك الوسائل الإعلامية، المسموعة منها أو المقروءة، عبر القنوات الفضائية أو من خلال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بعض العادات والتقاليد والظواهر الهدامة، ظناً منهم أنها عادات وتقاليد وظواهر تدل على التقدم والحضارة والرقي، وفي حقيقة الأمر هي وسائل لهدم المجتمعات الإسلامية، ومن تلك الظواهر السلبية ظاهرة الاستعراض بالسيارات والمعروفة في منطقة الخليج بظاهرة “التفحيط”.

ظاهرة التفحيط

ظاهرة التفحيط

ويعود سبب انتشار تلك الظاهرة لعدة أسباب منها: التقليد الأعمى لمشاهير هذا الفن المزعوم، والرغبة في تحقيق الشهرة بين الشباب المهووس بتلك الظاهرة، وانتشار الترف والفراغ والرغبة في تضييع الوقت بين الشباب، والرغبة في لفت الأنظار، وجذب الانتباه، واستعراض القوة، وغياب الوعي الديني والتربوي والأخلاقي بين الشباب نتيجة لضعف دور المجتمع والمدرسة في مواجهة تلك الظاهرة، بالإضافة لغياب دور الأسرة في التربية والمراقبة والمتابعة، وأخيراً فإن ما تبثه وسائل الإعلام من أخبار وفيديوهات ولقاءات لمشاهير المفحطين، وما ينشره هؤلاء بأنفسهم أو من خلال المعجبين بهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ يعد الركيزة الأساسية لجذب الشباب لتلك الظاهرة السلبية.

ولهذه الظاهرة السلبية العديد من المخاطر على الفرد والمجتمع، أخطرها: أنها قد تؤدي إلى الوفاة أو الإعاقة الجسدية، بالإضافة إلى الخسائر المادية التي تنتج عن حوادث التفحيط، وتضييع الوقت الذي يعد أثمن ما يملكه الإنسان، وتعطيل المرور وحركة السير، وترويع الآمنين من المارة.

إن الله -عز وجل- لم يخلقنا في هذه الحياة من أجل اللهو واللعب؛ وإنما خلقنا لأمر عظيم، وغاية جليلة، وهي عبادته وحده لا شريك له، وتعمير الأرض بما ينفع الناس في أمر دينهم ودنياهم، قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة:5]، ويستمر الإنسان على ذلك حتى الموت، كما قال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر:99]، واليقين هو الموت بإجماع المفسرين، ولذلك فإنه لا وقت لدى الإنسان المسلم للهزل واللعب والعبث، قال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ﴾[المؤمنون:115]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾[الطارق:13- 14]، إن الجدية سمة يجب أن يتحلى بها الفرد المسلم في كل حياته.

إن الإنسان إذا اعتاد على صحبة أهل الجد والاجتهاد والعبادة والطاعة وعلو الهمة تأثر بهم، وقلدهم في أقوالهم وأفعالهم، وبمرور الوقت تصبح الجدية وعلو الهمة صفة أصيلة من صفاته، وفي المقابل إذا اعتاد صحبة أهل اللعب واللهو والفساد تأثر بهم، فالصاحب ينتفع أشد الانتفاع بصاحبه، ويشقى أشد الشقاء بصاحبه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )، ولذلك فإن أعظم الأمور التي تدفع إلى الجدية؛ هي النظر في سير أهل الجد والاجتهاد من الأنبياء والصحابة والتابعين وسائر الصالحين والمصلحين، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف:111].

وأخيراً فإن علاج تلك الظاهرة يقتضي أن تتكاتف جهود الدولة والمجتمع والمدرسة والأسرة بالإضافة إلى الشباب المدمن على تلك الظاهرة، وسوف أوجز دور كل منهم باختصار. فالدولة يجب عليها أن تقوم بسن تشريعات وقوانين واضحة تجرم تلك الظاهرة، وتحاسب كل من يقوم بها، وتجرم استضافتهم في وسائل الإعلام الرسمية، وتمنع الترويج للأنشطة التي تتضمن التفحيط ضمن فعالياتها، ويجب على المجتمع أن يساهم في إقامة الندوات والمؤتمرات العلمية والدعوية التي تحذر الشباب من مخاطر تلك الظاهرة، وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، وتقديم النماذج المشرفة للشباب من العلماء والمصلحين للاقتداء بهم، ويجب على المدرسة أو الجامعة أن تقوم بدورها التربوي في التحذير من مخاطر تلك الظاهرة، بالدعم الإيجابي للطلاب ومنحهم الفرصة للتعرف على هواياتهم واكتشاف مواهبهم وعدم السخرية من قدراتهم ومعارفهم، والابتعاد عن وسائل العقاب النفسي والبدني، وتحفيز الشباب بالأنشطة الرياضية والعلمية والاجتماعية النافعة، ويجب على الأسرة أن تقوم بدورها الرئيسي في تنشئة الأولاد على التعاليم الإسلامية والأخلاق الفاضلة والآداب الاجتماعية الحسنة، وغمرهم بمشاعر الحب والحنان والعطف وتحمل المسؤولية، وتعليمهم الصفات الإيجابية كالتسامح والصداقة والإيثار، والثناء على إنجازاتهم الحقيقية وتحفيزهم ماديا ومعنويا، ودمجهم في الأنشطة الاجتماعية والمناسبات العائلية والمتابعة والرقابة وتخصيص أوقات محددة لمشاهدة القنوات ومواقع التواصل والإنترنت، ويجب على الشباب أنفسهم أن يعلموا قيمة الحياة والهدف منها وأن يعلموا أهمية الوقت وأنه أنفس ما يملكون وأن يستفيدوا من أوقات الفراغ في كل ما ينفع من علم وقراءة وممارسة الأنشطة الرياضة النافعة والهوايات الإبداعية وأعمال صالحة، واختيار الأصدقاء الصالحين.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

2 تعليقات
  1. عاصم الحميدي يقول

    اعملو ارجوكم اشتراك على سبافون نت

  2. Ghizlan يقول

    سلام عليكم ورحمه الله وبركاته اتمنا تكون بخير وعلي خيير يارب العالمين انا الحين مريضه بي مرض اسمو وهن العضلات ومحتاج دواء كتير ومش معي فلوس علاشان اخدو الحمد الله على كل حال وحاليا مش مستقرا وبدي استقر في مكان حتي لو كانت صالا واحد وبس لو كان ممكن تساعدوني الله ينصركم يارب العالمين ولا ابعتو الكلام ده ناس كتيير جزاكم الله خيرا 002120687061151