غزو العادات الغربية للمجتمعات الشرقية

كان للانفتاح الثقافي بين كل دول العالم، دوره الإيجابي والفضل الكبير في التقدم المادي الذي نشاهده في العديد من المجالات، وبالأخص على المستوى الثقافي والحضاري والاقتصادي، لكن على الجانب الآخر كان لهذا الانفتاح بعض السلبيات الخطيرة على مجتمعاتنا الشرقية المحافظة.

العادات الغريبة

العادات الغريبة

لقد أصبح العالم بفضل العولمة والتقنية، والتقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصالات وتبادل المعلومات وشبكة الانترنت، كالقرية الصغيرة، واستطاعت الشعوب المختلفة عبر تلك الوسائل أن تؤثر في مجتمعاتنا المحافظة، سواء بالاختلاط المباشر أو غير المباشر، فانتقلت إلينا بعض العادات والتقاليد السلبية التي لا تتوافق مع طبيعتنا وتقاليدنا وعقيدتنا.

ومن تلك العادات السلبية التي غزت مجتمعاتنا الشرقية المحافظة، الاختلاط الرهيب بين الرجال والنساء في الأماكن العامة وحتى في بعض الأماكن الخاصة،  وفي بعض أماكن العمل، حتى سقطت الحواجز الأخلاقية فيما بينهما في بعض أماكن العمل، وصار كل منهما يتعامل مع الآخر وكأنه من نفس الجنس بلا حياء ولا خجل، وباتت أسرار الأسرة والأمور الشخصية الدقيقة عرضة للتناول في العلن.

وأصبح التسارع في تقليد الأزيار الغربية والتشبه الغريب بأزياء ولباس الغرب، الذي لا يتناسب في أغلب الأحيان مع عادات وتقاليد ومعتقداتنا الشرقية، مظهراً من مظاهر التعبير عن الرقي والحضارة والتطور.

ثم انظر إلى قصات الشعر الغريبة والمبتكرة، والتي تدل إن جاز الاستدلال بها على ضحالة عقول هؤلاء، وسفاهة أحلامهم، وضعف شخصياتهم، فالإنسان لا يقاس بجمال المظهر إن كان ثمة جمال في تلك القصات المذعورة، بل يقاس جمال الإنسان الحقيقي برجاحة عقله، ونضوج فكره، وسعة أفقه، ومدى اطلاعه، فالذين خلدهم التاريخ أغلبهم لم نعرف لهم شكلاً ولا وصفاً وإنما عرفناهم بأفكارهم وكتاباتهم وما نقل عنهم.

ومن الكوارث استخدام بعض الكلمات والمصطلحات الأجنبية في الحوار، وإهمال تعلم اللغة العربية، التي هي لغة القرآن والعلم والحضارة، حتى أصبحت بعض ألفاظها غريبة حتى على الناطقين بها، من العرب العاربة والمستعربة على حد سواء، وهي اللغة التي كان يفترض أن تجمع شتاتنا، وتوحد كلمتنا، وتوجه أهدافنا وغاياتنا من أجل بناء أمتنا العربية القوية الموحدة.

ومن العادات السلبية أيضاً التعلق بوسائل التقنية الحديثة، كالجوالات الذكية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والمكتبية، والألعاب الإلكترونية، وأجهزة البلايستيشن، ومواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع الترفيه والألعاب والتسلية على شبكة الانترنت، وإهدار الكثير من الوقت في مشاهدة تلك المواقع دون فائدة، بينما يستفيد منها الغرب في التسويق والتجارة والتدريب والتعليم.

لو أردنا أن نعدد كل تلك العادات السلبية التي غزت مجتمعاتنا الشرقية المحافظة ونبين مخاطرها فلن ننتهي، ومع الأسف الشديد فقد أدت تلك العادات السلبية إلى ضعف قدراتنا على العمل والإنتاج، وأدت كذلك إلى تفكك الأسر، وكثرة حالات الطلاق، وضياع الأبناء، وإهمال الدراسة والتعليم، وضعف القدرة على التميز والابتكار والإبداع، والاعتماد على الآخرين في كل شيء حتى أبسط احتياجاتنا اليومية، وأصبح تقليد الغرب سمة أساسية في مجتمعاتنا الشرقية المحافظة.

ويرجع السبب الرئيسي وراء انتشار هذه الظواهر الخطيرة والعادات السلبية في مجتمعاتنا لغياب الدور الرقابي للأسرة، وضعف الوازع الديني، والرغبة في التقليد والتشبه بالآخرين، والاهتمام بالشكل دون المضمون، وانتشار الرفاهية المادية في مجتمعاتنا، وغياب دور المجتمع في توعية الشباب بالقيم الأخلاقية السامية والآداب الفاضلة.

ومن وجهة نظري فإنه لعلاج تلك الظاهرة الخطيرة، والتخلص من تلك العادات السلبية، والقضاء على آثارها الضارة بالمجتمع، يجب الاهتمام ببناء الشباب، وبناء الشخصية التي تقاوم السلبيات بالعلم والإيمان والعمل، وتشجيع الشباب على ممارسة الأنشطة المفيدة كالقراءة وممارسة الرياضة، والأهم من ذلك أن نعلم شبابنا بأن المرآة التي تعكس الأخلاق أهم بكثير من المرآة التي تعكس الصورة.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد